المناسبات الدينيّة.. حصّالة حوثية لجمع المال!

  • صنعاء، الساحل الغربي":
  • 03:44 2020/11/07

من الوهلة الأولى لانقلابهم على الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، ثم مارس/آذار 2015، راح الحوثيون ينهبون المال العام لينفقوه في تمويل مشروعهم الطائفي ورفد جبهات حربهم العبثية. 
 
لم تصمد خزينة البنك المركزي طويلاً أمام نهبهم المتواصل. مجرد أسابيع قليلة حتى أعلنوا الإفلاس، وحرموا موظفي الدولة، في القطاعين المدني والعسكري، من المرتبات الشهرية التي تكاد تكون مصدراً وحيداً لجني المال بالنسبة لكثيرين في اليمن.
 
وما دامت مستمرة بخوض حربها الشعواء كان لا بد للمليشيات أن تلجأ إلى مصادر تمويل أخرى، حتى وإن لم تكن مشروعة، حيث ذهبت، بطريقة وأخرى، تقاسم المواطنين قوتهم القليل، مرة تحت مسمى المجهود الحربي وأخرى باسم الخُمس وفرض ضرائب جائرة أو استلاب المال عنوة في وضح النهار. 
 
لكن المخزي في هذه الجماعة الطائفية أنها لم تتورع عن انتهاز فرصة الشعائر الدينية وتحويلها إلى طقوس لتحصيل الأموال، واحتفالات المولد النبوي الشريف نموذجاً على ذلك السلوك المقيت. 
 
بين عشية وضحاها استيقظ السكان في العاصمة صنعاء على اللون الأخضر وهو يملأ أرجاء المكان. بحكم تدينهم لا يمانع اليمنيون، عموماً، الاحتفاء بميلاد رسولهم محمد، غير أنهم يمتعضون من استغلال قدسيّة هكذا مناسبة على نحو مسيء كحال مليشيا الحوثي التي دأبت منذ ست سنوات على اقتناصها فرصة لنشر ثقافتها الملوثة والترويج لقادتها، فضلاً عن المتجارة بها.
 
وتلك، على ما يبدو، أسباب كافية لرجلين في صنعاء ذهبا يمزقان شعارات وملصقات وضعتها عناصر المليشيا خلسة على حيطان منزلهما بمناسبة فعالية المولد النبوي الشريف.
 
الشعارات الممزقة احتوت على صور لزعيم الانقلابيين واقتباسات من بعض خطب التضليل خاصته؛ الأمر الذي يجعل من تمزيقها أو مجرد المساس بها، في نظر الجماعة، جريمة تستوجب العقوبة القاسية بحق مرتكبها، وهو المصير الذي لاقاه الرجلان بالفعل.
 
حيث أفاد شهود عيان بأن مسلحين تابعين لمليشيات الحوثي اعتقلوا مواطنين في حيي شعوب والسبعين بتهمة إزالة شعارات فعاليتها "ذكرى المولد النبوي" وصورة زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
 
وأكد الشهود أن مسلحين اقتادوا المواطنين (م.ع) و(ع.ب) إلى جهة مجهولة بعد الاعتداء عليهما بالضرب المبرح بتهمة التعدي على "المقدسات" والمساس بالقيادة "القرآنية"، حد زعمهم.
 
ولا يمتاز احتفال مليشيات الحوثي بالمولد النبوي هذا العام بأنه يسير وفق تخطيط وإشراف ما يسمى بسفير إيران في صنعاء فحسب، بل وحتى أساليب المليشيا في تحصيل الأموال لأجل المولد ازدادت حقارة هذه المرة، ففيما اقتصرت الإتاوات المقتطعة سابقاً على التجار وأصحاب المحال التجارية، فقد وصلت الآن إلى جيوب المواطنين.
 
فبحسب مصادر ميدانية شكلت المليشيا لجانًا لجمع التبرعات من المواطنين على مستوى الأحياء السكنية، ولا يجد المواطنون خياراً غير الانصياع، على الأقل، تفادياً للمضايقات التي قد يتعرضون لها في حال امتنعوا عن التبرع.
 
والاحتفال بالمولد النبوي على هذا القدر من الابتذال، لم يعرفه اليمنيون قبل اجتياح مليشيات الحوثي لصنعاء، يصف أحد المواطنين ذلك السلوك الدخيل على المجتمع بالقول "لقد فرضوه مثلما فرضوا غيره من المناسبات والأعياد الدخيلة على اليمن، وذلك بهدف ابتزاز المواطنين وسلب أموالهم".
 
ويضيف المواطن، الذي فضل عدم ذكره اسمه، "يعيش سكان صنعاء مأزقاُ وضيقاً كبيرين تحت سلطة الحوثيين، التي أصبح همها الوحيد جمع الأموال والتنافس فيما بين مشرفيها على من يجمع أكبر المبالغ من خلال مناسبات مفروضة أو احتفالات أو غيرها من مصالح الوزارات أو الجبايات المختلفة".
 
وتعيش اليمن بعد ست سنوات من الانقلاب وضعاً معيشياً متردياً، في حين تعتقد الأمم المتحدة أن البلد في طريقه إلى مجاعة محتمة خصوصاً مع إعلانها خفض المساعدات، نظراً لنقص الدعم.
 
هذا واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في آخر تقرير لها، الحوثيين بأنهم عرقلوا بشدة وصول المساعدات الدولية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، مؤكدة أنهم استخدموا التجويع "كسلاح حرب".

ذات صلة