الثاني من ديسمبر.. الوطن أولاً

09:19 2024/12/02

"إن ثورتنا الديسمبرية قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة والمغلوطة؛ ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاحتلال الحوثي الذي هو "العدو الوحيد" الأعمى، (هذا العدو الذي انقلب علي الدولة ورفض الجلوس أمام الدستور والجنوح لسيادة القانون واحترام مبادئ الدولة المدنية، بل ذهب متعدياً على سيادة الجمهورية رامياً عرض الحائط بأهداف ثورتنا السبتمبرية، وبغطرسة أراد العودة بالوطن الي عصر الكهنوتية وحرمان الشعب أدنى حرية"

ديسمبر.. لا للعودة الي الوراء:

ثورة 2 ديسمبر امتداد للثورة الأم (سبتمبر) جزء من المقاومة ضد محاولات إعادة اليمن إلى الوراء، سواء من خلال استعادة النفوذ الإمامية الحوثي أو من خلال فرض الأنظمة السياسية التي كانت سائدة قبل ثورة 26 سبتمبر 1962.
نعم.... لم تكن مجرد حدثًا عسكريًا وسياسيًا عابرًا، بل كانت تعبيرًا عن معركة أكبر ضد محاولات العودة باليمن إلى مرحلة ما قبل الثورة في الشمال (أي إلى حكم الإمامة والملكية

هي.. حدثًا تاريخيًا مفصليًا في مسار الثورات اليمنية ضد المليشيات الحوثية الرجعية، وهي ثورة شعبية وقفت في وجه الانقلاب بربري وحشي طائفي مدعوم بسخاء من عمائم الظلام في إيران، كان يسعى لتقويض الدولة اليمنية وفرض أجندات طائفية على المجتمع

هي.. ثورة عظيمة ... نقطة تحول حاسمة في المواجهة بين الشعب اليمني والمليشيات الحوثية، ودشنت مرحلة جديدة من النضال الوطني لاستعادة الدولة

قبل الملحمة:

 

قبل ثورة 2 ديسمبر 2017، كانت المليشيات الحوثية قد تمكنت من السيطرة على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، بعد انقلابها على الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي في سبتمبر 2014. ومع مرور الوقت، بدأت الانتهاكات الحوثية تتصاعد ضد المدنيين، وأصبح الشعب اليمني يعاني من قمع وفساد كبيرين تحت سيطرة المليشيات.

كانت الجماعة الحوثية تتصرف كحكومة موازية تابعة لدولة أجنبية، وقد سعت إلى فرض رؤيتها الطائفية المتطرفة على جميع أبناء الشعب اليمني، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في البلاد. ومن هنا نشأت الحاجة الملحة لرفع راية الثورة والجمهورية عاليا والوقوف في وجه هذا المشروع التوسعي الذي دمر البنية التحتية لليمن وأدى إلى إشعال حرب مدمرة.فكان الشرف لأبطال ثورة ديسمبر ومعهم الشعب الأخذ على عاتقهم رفع راية الجمهورية عالياً وإعلان الكفاح المسلح ضد هيمنة الوباء المليشياوي الحوثي..

ديسمبر.. التئام الجرح:

 

كانت هذه الثورة بمثابة انتفاضة شعبية ضد الممارسات القمعية للحوثيين وأسلوب حكمهم الرجعي القائم على ولاية التخلف والعنف والإرهاب. ومنذ اللحظة الأولى لانطلاقها بدأ اليمنين قطف ثمارها ثورة مزجت بلسمها في جرح الجسد اليمني الممزق منذ الدقائق الأولي لانطلاقها. وبفضلها أصبح التقارب بين التحالفات الوطنية أمر واقعاً بعد أن كان جرح غائراً يُستحال علاجه والتامة منذُ سنوات طوال ، فكان من أبرز ملامح ثورة 2 ديسمبر هو إعادة اللحمة بين حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح وبين المكونات الشعبية والحزبية المقاومة في مواجهة الحوثيين. هذا التحالف مثل جبهة وطنية مشتركة ضد الظلم والطغيان الحوثي، حيث تجمع فيه العديد من القوى السياسية والمجتمعية التي كانت تبحث عن استعادة الدولة

ديسمبر... الحسم العسكري والشعبي:

 

ثورة 2 ديسمبر لم تكن مجرد دعوات جماهيرية، بل كانت تحدي للهيمنة الحوثية شملت أيضًا تحركات ميدانية عسكرية قادها أنصار حزب المؤتمر الشعبي العام في مختلف مناطق صنعاء والمحافظات المجاورة. بإسناد شعبي كبير.. كانت هذه التحركات تهدف إلى إنهاء حكم المليشيات الحوثية وتحرير المناطق التي كانت تحت قبضتها

كفاح أنصار ديسمبر:

 

رغم أن الرئيس علي عبد الله صالح استشهد في الأيام التالية للثورة الي جانب ألأمين العام عارف الزوكا ، إلا أن ثورة 2 ديسمبر أصبحت علامة فارقة في الحرب اليمنية ضد الاحتلال الحوثي الإيراني، حيث أثبتت أن الشعب اليمني مستعد للتضحية من أجل استعادة استقلاله وكرامته. ورغم التحديات الكبيرة، استمر أنصار ثورة 2 ديسمبر في تقديم التضحيات والتصدي للمليشيات الحوثية بكل قوة.
كان المذهل والمفاجئ، في بداية الثورة وبرغم استشهاد القيادة، قدرة بطال الثورة على تحطيم كل الرموز الرجعية الحوثية، تمزيق خزعبلاتها تهديم ظلالها، تشريحها، التمثيل بها، إعادة رميها الي مزبلة التاريخ من جديد، وبلحظة دخلت الثورة الديسمبرية فصل جديد وتحولت إلى مشهد بطولي يحوي في طياته آلاف الصفحات، نسج التأريخ منها تأريخ جديد، وكتاب مُقدس من نوع فريد

صمود الشعب:

 

أبرز ما يميز ثورة 2 ديسمبر هو صمود الشعب اليمني أمام التحديات العديدة. على الرغم من القصف العشوائي والتدمير والاعتقالات الذي مارسته المليشيات الحوثية، استطاع الشعب اليمني أن يستمر في مواجهة هذا العدوان الصلف ويصمد في وجه آلة الحرب الحوثية ماسكاً مترسه متمسكاً بثورته حتى أعلن عن ولادة درع جمهوري جديد. خلفه رجالاً لا يهابون الموت. قلوبهم كالحديد بميدان جديد.. امتداد للثورة تحت مسمي المقاومة الوطنية حراس الجمهورية. إذا لعبت دورًا بارزًا في صد الهجمات الحوثية، مما ساعد على إعاقة تقدم المليشيات وحرمانها من تحقيق أهدافها.

ثورة مقدسة:

 

- إعادة التوازن السياسي والعسكري: فـ على الرغم من الصعوبات، ساهمت ثورة 2 ديسمبر في إعادة ترتيب القوى على الأرض. لقد كانت بداية لمرحلة جديدة من النضال ضد الحوثيين، ودعمت جهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في استعادة السيطرة على المناطق المحررة.

- إنعاش روح المقاومة: استطاعت ثورة 2 ديسمبر أن تعيد إحياء روح المقاومة الشعبية في جميع أنحاء اليمن، وظهرت العديد من الجبهات الشعبية التي تواصل مقاومة الحوثيين حتى اليوم.

 

- أكدت وحدة الشعب: كانت هذه الثورة علامة على وحدة الشعب اليمني في مواجهة مشروع الحوثيين التدميري.

وعلى الرغم من تباين المواقف السياسية، إلا أن اليمنيين تجمعوا ضد العدو المشترك. ولا تزال القوى الشعبية في اليمن، سواء من المكونات السياسية أو الاجتماعية أو العسكرية، مستمرة في رفض عودة اليمن إلى ما قبل ثورة ديسمبر 2017م بما في ذلك حكم الإمامة الحوثي أو الأنظمة الاستبدادية الكهنوتية. ولايزال الشعب اليمني نفسه، بما في ذلك القبائل، في صراع مستمر للحفاظ على مكتسباته من التغيير السياسي والاجتماعي.

الشعب الواحد ضد التراجع الاجتماعي والسياسي:

 

ثورة 2 ديسمبر كانت أيضًا تعبيرًا عن رفض التراجع الاجتماعي والسياسي، والتمسك بمكتسبات الثورة اليمنية 26 سبتمبر. كانت القوى التي انتفضت ضد الحوثيين تسعى إلى الحفاظ على التقدم نحو بناء دولة مدنية حديثة، بعيدة عن الهيمنة الدينية والطائفية التي حاول الحوثيون فرضها.

ديسمبر ...مقاومة لتحقيق الاستقلال الوطني:

 

من خلال الثورة أكدت القوى السياسية اليمنية والشعبية على رفض التدخلات الإقليمية، سواء من إيران أو من أي طرف آخر، وأرادت أن يكون اليمن مستقلًا عن النفوذ الخارجي. كانت كفاح ديسمبر جزءًا من مقاومة محاولة إعادة البلاد إلى الوراء في إطار سياسي يعيد فرض التوجهات الإقليمية أو الطائفية التي تهدد هوية اليمن الوطنية

خاتمة:

 

كانت ثورة ديسمبر مارداً جمهورياً ...أعلن الكفاح رفضاً لمحاولات إعادة اليمن إلى الوراء، سواء من خلال استعادة الإمامة الحوثية أو من خلال فرض حكم استبدادي جديد. وتعبيرًا عن رفض محاولات الحوثيين لتقويض ثورة 26 سبتمبر 1962 ومكتسبات الثورة اليمنية الحديثة، وكذلك مقاومة التراجع السياسي والاجتماعي الذي حاول الحوثيون فرضه على الشعب اليمني.. ونقطة فاصلة في تاريخ اليمن الحديث.

لقد أثبتت عظمة هذه الثورة في قدرتها على توحيد الشعب اليمني في مواجهة القوى الظلامية، وأظهرت بوضوح أن الشعب اليمني لا يمكنه السكوت على محاولات الهيمنة والفرض بالقوة. ورغم التحديات العديدة، تظل هذه الثورة رمزًا للنضال المستمر من أجل استعادة الحرية والكرامة وبناء الدولة اليمنية الحديثة التي تحتضن جميع أبنائها..