معركة تحرير الحديدة: الحوثيون يتخذون إجراءات تحصينية مع قرب العمليات العسكرية الحكومية

  • الساحل الغربي - خاص
  • 10:21 2024/11/02

التحشيد الحوثي للمقاتلين.. أسلوب قديم على جماعة اعتادت استقطاب الأطفال وتجنيد الأكاديميين وعسكرة الشعب، وتكتيك جديد يتخذه الحوثيون كذريعة لعمل تحصينات حديثه في خطوط التماس، وعلى الجبهات الحدودية الفاصلة بين مناطق سيطرة قوات الساحل الغربي، ومناطق ميليشيا الحوثي في محافظة الحديدة الساحلية.
 
ففي الأيام الأخيرة، تحركت ميليشيا الحوثي لحشد الدعم  من عدة محافظات يمنية، وباشرت بسحب عشرات النقاط العسكرية من شوارع ومداخل العاصمة المختطفة صنعاء، وكذلك ذمار وإب والجوف وتعز.. كل ذلك من أجل رفد محافظة الحديدة بتعزيزات تشمل آلاف المقاتلين والآليات والأطقم العسكرية تحسبًا لأي معركة قادمة يمكن أن تشنها القوات الحكومية بصورة مفاجئة خلال الأيام القادمة، وفق إسناد دولي واسع.
 
 
سحب المقاتلين
 
في ظل استمرار التوترات، وزيادة الحديث عن معركة عسكرية مرتقبة لتحرير الحديدة، بدأت تتصاعد مخاوف جماعة الحوثي، التي قامت بسحب قواتها العسكرية وإرسال عشرات الآلاف من المقاتلين نحو محافظة الحديدة، حيث تستشعر الجماعة الخطر من تحرك الملف العسكري، واحتمالية إطلاق عملية تحرير ومعركة برية فاصلة رغبة في السيطرة الحكومية على المحافظة، لذلك تسعى الميليشيا لتأمين الحديدة بترسانة عسكرية كبيرة.
 
تقول مصادر خاصة لـ "الساحل الغربي" في منطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إن الجماعة رفعت خلال اليومين الماضيين، العديد من النقاط التابعة لقوات النجدة، ونقاط الألوية العسكرية التابعة لها، فيما اكتفت بتواجد نقاط الشرطة العسكرية والعديد من الأفراد.
 
وتضيف أن جماعة الحوثي نقلت تعزيزات من محافظات صنعاء وذمار وإب والجوف باتجاه محافظة الحديدة، كما قامت باستحداثات جديدة، تهدف لتقوية تحصيناتها في الخطوط القريبة من التماس، وحفر خنادق وزراعة مئات الألغام، وهذا يوضح مدى التوجس الحوثي من حدوث عملية تحرير للحديدة، بل وأهمية هذه المحافظة الاستراتيجية، الأمر الذي يكشف ضعف الجماعة وقلقها على مصيرها، فانتزاع الحديدة وميناء الصليف ورأس عيسى يعني أن تمتلك الحكومة ورقة ضغط قوية ستجبر الحوثيين على وقف الحرب والاتجاه نحو السلام.
 
 
فرض توازن
 
تحولت محافظة الحديدة، بفعل الميليشيا إلى أشبه بقاعدة عسكرية لإطلاق الصواريخ والمسيرات الحوثية لاستهداف السفن التجارية وتهديد الملاحة البجرية، ونتيجة لذلك تعرضت لعدة غارات جوية أمريكية بريطانية استهدفت عشرات المواقع العسكرية للجماعة، بهدف تقويض قدرات الحوثيين، وفق تصريحات واشنطن.
 
وتحدث سياسيون يمنيون، أن الأنظار أصبحت تتجه نحو الحديدة، كونها تضم ثلاثة موانئ، وهي ميناء الحديدة التجاري، والذي يكتسب أهمية استراتيجية واقتصادية ويعتبر أكبرها داخل المحافظة، يليه ميناء الصليف إذ يشتهر بإنتاج وتصدير الملح، ثم يأتي ميناء رأس عيسى النفطي.. هذا ما جعل الحديدة، محور قوة وارتكاز بالنسبة للحوثيين، ناهيك أنه منفذ رئيسي لتهريب الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وكذلك والصواريخ التي باتت تنطلق من مختلف مناطق وأنحاء المحافظة التي باتت تعد بوابة مفتوحة لإطلاق الصواريخ وشن الهجمات على السفن في البحر الأحمر.
 
وأضاف ناشطون أن التحركات الدبلوماسية الحكومية خلال الفترة الأخيرة، أثارت الشكوك لدى جماعة الحوثي الإرهابية، والتي زعمت أن تفاهمات دولية تأتي بغرض السيطرة على الحديدة وتحريرها عبر معركة حاسمة مع المليشيا، لتأمين الملاحة البحرية من خطر الاستهداف الحوثي للسفن.
 
فيما يعتقد محللون في الشأن السياسي، أن الحكومة تمتلك فرصة سانحة للسيطرة على الحديدة، رغم أن هءه المعركة بحاجة إلى دعم وإسناد كافي من قبل الفاعلين الدوليين، معتبرين أن تحرير الحديدة قد يجبر الجماعة  الحوثية على الاستسلام للمفاوضات، والموافقة على شروط الحكومة في أي حل للأزمة اليمنية خلال المرحلة القادمة.
 
ويستبعد خبراء عسكريون حدوث معركة في الحديدة، تبعًا لأن المجتمع الدولي يحرص منذ اتفاقية استكهولم على فرض توازن تام في المعركة وعدم هزيمة أو انتصار طرف معين، مشيرين إلى أن المشهد اليمني بات معقدًا للغاية، خاصة مع تهرب الميليشيا من المفاوضات الخاصة بشأن خارطة الطريق الأممية، والتعنت الحوثي ومحاولة جر البلد إلى الهاوية.
 
 
استعراض بحري
 
منذ أواخر العام 2023، نادت الحكومة اليمنية، (المعترف بها دوليًا) المجتمع الدولي، مؤكدة أنه ليس هناك أية حلول مع جماعة الحوثيين الإرهابية، لحماية الملاحة الدولية وتأمين السفن التجارية العابرة في البحر الأحمر، سوى تحرير الساحل الغربي، خاصة محافظة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى.. ورغم هذا لم تتضح الأمور بعد، فالمؤشرات لا تفيد بوجود قرار لتفعيل المشهد العسكري، سوى بعض التوجسات الحوثية.
 
إلى ذلك، اعتقد ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، أن استنفار الحوثيين في الحديدة، يأتي في سياق الحديث عن المزيد من فرض العقوبات الدولية للضغط على ميليشيا الحوثي الإرهابية، من أجل محاسبة الجماعة جراء الهجمات الحوثية التي تستهدف الخطوط الملاحية وممر السفن في البحر الأحمر. 
 
وبعد أيام من التحشيد الحوثي الكثيف، نفذت جماعة الحوثي الإرهابية، استعراضًا في محافظة الحديدة الساحلية، في محاولة لبعث رسالة تحدٍّ واضحة، وبحسب مصادر مطلعة فإن هذا الاستعراض جاء مع تراجع عدد الغارات الجوية للطيران بقيادة الولايات المتحدة والتي تعمل على إضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وتستهدف قدرات الجماعة العسكرية وبعض المواقع المهمة في المحافظة الساحلية.
 
وفي وقت سابق، حذر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، من مغبة تجدد الاشتباكات بين قوات الحكومة اليمنية، (المعترف بها دوليًا) وجماعة الحوثي الإرهابية، داعيًا الأطراف لضبط النفس، والعودة إلى طاولة المفاوضات والدفع بجهود السلام إلى الأمام، والوصول إلى حل شامل ومستدام للأزمة اليمنية.

ذات صلة