تحولات جذرية في النظام القضائي: جامعتا صنعاء وذمار تُعلنان عن دبلومات قضائية بدوافع سياسية وربحية

  • الساحل الغربي - تقرير/ وليد محمد
  • 09:36 2024/06/30

اتخذت مليشيا الحوثي إجراءات غير قانونية في الجامعات الحكومية الخاضعة لسيطرتها، وحولتها إلى فقاسات قضائية، في إطار حربها المستمرة ضد القضاة والمحامين، وضمن مساعيها لخصخصة الجامعات الحكومية وزيادة الإيرادات وتدمير مؤسسات الدولة المختطفة.
 
وفي أحدث الفضائح، فتحت مليشيا الحوثي باب التسجيل والدراسة للحصول على دبلوم "شرعية وقانون" من كلية الشريعة والقانون في الجامعات الخاضعة لسيطرتها للطلاب والطالبات من المدارس الثانوية وخريجي المعاهد والمراكز الدينية الطائفية التابعة لها بمعدلات متدنية، وذلك لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، في إطار مساعيها لتخريج مئات العناصر الموالين لها ضمن استراتيجية التغلغل والسيطرة على جهاز القضاء والمحاماة؛ كما تم الإعلان عن الحصول على دبلوم في "القانون" بجامعة صنعاء عبر الدراسة عن بعد لمدة 30 ساعة مقابل رسوم مالية باهظة.
 
قبل الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014، كان يُسمح فقط للطلاب والطالبات الأوائل الناجحين الحاصلين على درجات عالية بالتسجيل للدراسة في كلية الشريعة والقانون بالجامعات الحكومية، وذلك بعد استيفاء المعايير والشروط المحددة، حيث كانوا يقضون ليالي السهر في المذاكرة والدراسة لمدة أربع سنوات للحصول على شهادة الليسانس، تمهيدًا للتوجه إلى المجالات المحددة لخريجي الشريعة والقانون، سواء في المحاماة أو القضاء أو العمل كمستشار قانوني لدى هيئة أو شركة أو جهة حكومية، أو مواصلة الدراسات العليا ليصبحوا أكاديميين.
 
أعلنت جامعة ذمار الحكومية، الخاضعة لسيطرة الحوثيين مؤخرًا، عن افتتاح تخصصات جديدة في الإعلام والشريعة والقانون، ودعت الطلبة للتسجيل بالنظام الموازي والنفقة الخاصة بعد إلغاء النظام العام، في انتهاك صارخ لحقوق المجتمع المدني.
 
جاء هذا الإعلان بعد إعلان مماثل من قيادة مليشيا الحوثي بجامعة صنعاء عن فتح باب التسجيل للطلاب والطالبات في كلية الشريعة والقانون للعام الدراسي 1446هـ - 2025/2024م بالنظام العام والنظام الموازي والنفقة الخاصة.
 
حددت مليشيا الحوثي بجامعة صنعاء النسبة الأدنى لقبول التسجيل بتخصص شريعة وقانون بالنظام العام بمعدل 70% للفروع العلمية والأدبية والقرآن التكميلي والمعاهد العلمية والعلوم الشرعية، والنظام الموازي بمعدل 60%، ونظام النفقة الخاصة بمعدل 50%.
 
وفقًا لإعلان جامعة ذمار، حددت المليشيا معايير قبول تسجيل الطلاب في كلية الشريعة والقانون للعام الدراسي 1446هـ - 2025/2024م للحصول على شهادة بكالوريوس قانون بنظام الموازي بمعدل قبول 60%، ونظام النفقة الخاصة بمعدل 50%، بشهادة الثانوية العامة (علمي، أدبي، شرعي، تكميلي قرآن، دبلوم معلمين)، وعمر الثانوية المقبول منذ عام 1984م.
 
وحددت المليشيا مبلغ رسوم النظام الموازي بـ (80,000 ريال)، ونظام النفقة الخاصة بـ (120,000 ريال)، والذي قام الحوثيون برفع رسومه بشكل مضاعف لغرض التكسب والاستغلال.
 
وأفادت مصادر مطلعة أن رئاسة جامعة ذمار، التي يسيطر عليها الحوثيون، ألغت قبول التسجيل عبر النظام العام بهدف إجبار الطلاب والطالبات الراغبين في الالتحاق بالجامعة على التسجيل بنظامي الموازي والنفقة الخاصة في كلية الشريعة والقانون.
 
وبحسب المصادر، تسعى المليشيا من خلال هذا القرار الكارثي والإجراء المخالف للقانون إلى استيعاب أكبر عدد ممكن من عناصر السلالة الفاشلين والراسبين بمعدلات متدنية، بهدف إعداد وسَلْق خريجين تابعين لها من معاهد ومراكز دينية طائفية التي تديرها الجماعة، استعدادًا لإلحاقهم بالمعهد العالي للقضاء بهدف تعيينهم في مناصب قضائية ومحامين، ضمن عملية حوثنة والسيطرة التامة على كل مفاصل جناحي القضاء والمحاماة.
 
وأكدت المصادر أن كلية الشريعة والقانون تُعد من أهم الكليات الهامة في الجامعات، ولا يلتحق بها إلا أوائل الطلاب والطالبات في المدارس الحاصلين على أعلى معدلات النجاح، والذين يمتلكون الذكاء والدهاء والحكمة والوقار، ولديهم قدرات علمية وذهنية كبيرة، وليس الطلاب ذوي المعدلات المتدنية.
 
مساع حوثية لإزاحة القضاة
 
تهدف المليشيا إلى إزاحة القضاة من المحاكم والنيابات الحاملين للشهادات العلمية (ليسانس، ماجستير، وغيرها) وتقليص دورهم، ومحاربة حامليها، وإعلاء شأن عناصر الميليشيا من الجهلة الحاصلين على دبلومات عن طريق السَلْق السريع.
 
وقد لاقت هذه الإجراءات استهجانًا وسخطًا واسعًا من قبل الناشطين والقضاة والمحامين على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروها تؤكد أن المليشيا مستمرة في طريقها للعبث بكلية الشريعة والقانون، أهم الكليات العلمية بالجامعات الحكومية، والتي تُعد الرافد الأساسي لجهاز القضاء ورجال المحاماة والقانون، مما يدق ناقوس الخطر لمستقبل أكثر قتامة وجهلاً وتخلفًا.
 
يرى المراقبون أن المليشيا بهذه الخطوة تهدف إلى زيادة الجانب المادي على حساب الجانب العلمي، بعد رفع أسعار الرسوم الدراسية بشكل غير مسبوق، في إطار سلسلة إجراءات خطيرة وممنهجة تهدف إلى تدمير النظام التعليمي وتجهيل الأجيال، على طريقة الحكم الإمامي البائد.
 
وأضافوا أن هذه الخطوة تأتي استكمالًا لما سبق ونفذته المليشيا عبر الكيانات الموازية التي استحدثتها مرادفة لجهاز القضاء بشكل غير قانوني ودستوري (المنظومة العدلية، هيئة رفع المظالم، الحارس القضائي)، بغرض تدمير وتفريخ مؤسسات الدولة، وتمكين قادة الميليشيات منها، وضمان أن تعمل بطاقم وظيفي مكون من أتباعهم.
 
وأشاروا إلى أن المليشيا سخرت هذه الكيانات لتجريف القضاء والسيطرة عليه واستغلاله لمصالح قياداتها وأجندتها واستهداف الخصوم وإقصاء كل القضاة المعارضين للفكر الحوثي، وتعيين الموالين لها، والاستحواذ على الممتلكات والأموال والأراضي بأوامر قضائية، والسيطرة على قطاع العقارات، الذي يدر عائدات سنوية ضخمة.
 
وفي أواخر العام 2022، أصدر زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي قرارًا يقضي بتعيين 1200 شخص من الموالين له - الكثير منهم تلقوا دورات عقائدية وتدريبات في إيران - والذين لا يمتلكون أي خبرة، في عدة أماكن قضائية متعددة المستويات والمهام، داخل المحاكم والنيابات والهيئات القضائية، ليحلوا محل مجموعة من القضاة الشرعيين الذين اتهمهم بالخيانة العظمى والعمل لصالح الحكومة الشرعية.
 
كما شكلت ذراع إيران محاكم تفتيش جديدة كبديل عن هيئة التفتيش القضائي، وأوقفت أكثر من 100 قاضٍ وعضو نيابة عن العمل، عقب تصفية القاضي "محمد حمران"، عضو مجلس القضاء الأعلى في اليمن، والذي رفض نهب قيادات حوثية بارزة للأراضي وتطييف القضاء، مما دفع بالحوثيين إلى تصفيته.

ذات صلة