هل سننتصر؟!

12:00 2020/06/21

يسألني أحدهم؟ قال لي مستغرباً : هل سننتصر؟
 
أجبت عليه ببرود أن نعم ، فغر فاه ، كمن لا يصدق ، ورمقني بنظرة عارمة، كمن يقول: لن ننتصر، لن ، وأبدا.. تعال يا صديقي لنتحدث ثمة انتصارات عظيمة خُلدت في جبهات التأريخ ، بأول سطر من كتاب الأمم ، وحركة الدول ، وكينونة الطغيان وصيرورته ، تلكم الانتصارات كانت لدى الأحرار مبتدأ الأمر هزيمة منكرة ، فقدوا فيها كل شيء ، الأرض ، والتأييد ، والسلاح ، ولم تكن لديهم نسبة واحد في المائة للنجاح والفوز بالوطن ، أوتظن أن الانتصارات الكبيرة بزغت بالبلاط ، بلاط أي حكم ، ومن ترتيب الجحافل ، وحسب قوة الفئة .. لا لا .. بزغت فقط من قلب الخسارات .. الخسارات هن المحرك الأول لفوز مكتمل ، من بين تفاصيل الهزائم في كل عصر كانت الملاحم التي لم يخفت وهجها حتى اللحظة ، فالعظماء تشكلهم أرواحهم التي كلما وقفت سقطت، وكلما مرت مسرعة تعثرت ، وفي كل متر خدعة ، ولكل جواد كبوة ، ولكنهم رغم ذلك ينهضون كل مرة بعزم أقوى وبارادة أشد وينقذون مواطنهم في تخمة من النشوة للطغاة ، بينما طاغية البلاد يعيش في رفاه؛ أحرار بلدته ينامون ويأكلون العراء ، أنذاك تنتصر البلدان كما نعلم في كل عصر ، دائما وهذه سيرة النضال منذ القدم .. حدث وأن خسرنا كل شيء ، في المعركة ، الوطن كله ، ومن قلب تلكم الخسارات عادت الأرض ، والكرامة ، كما عادت اسبرطة من فم دارا الثالث ، الخميني القديم ، فلم يتخيل والحوثي في عدن أحدكم أن يوما ما ستنطلق معركتنا في تخوم صنعاء ، عندما كانت اقدام الكهف في شاطئ عدن من تخيل أن المعركة يوما ما ستكون في وسط مدينة الحديدة ، والحوثي يسقط نهم والجوف لم يفكر أحدكم أن المعركة وصرخة الرفض للمليشيات ستكون بالبيضاء ، هل علمتم الآن السبب ؟ بزغ طارق من قلب الخسارات، من وسط الخسارات بزغ بن عزيز، ومن قلبهن أيضا العواضي، فلا أشد من أن يتفاقم طغيان جماعة ما الى حد قتل النساء، وهذه خسارة كبيرة، جعلت البيضاء، وغير البيضاء، طلقة واحدة بمواجهة الكهنوت، فالحوثي أشتد وأحتد وأهان القبائل، ومن قلب تلك الاهانات كانت البيضاء ، فاليمن بكل مشاربها خسرت، والحركة الطبيعية للدول في الصعود والهبوط تحتم أن ننتصر، هكذا رتبت المقادير للعالم.. أوتدري ما هي المقادير؟ تتناسب نسب الطغيان في كل دولة طارئة أو جماعة مستبدة ، قد تتسلط جماعة على الحكم في بقعة ما لخمسين سنة ، ومن المقادير لنسبة الطغيان تتوزع على النصف قرن، على عكس الحوثي، الحوثي أخذ حقه من الطغيان ببضع سنوات، قتل كل شيء، ونهب كل شيء ، لم يترك دولة المؤسسات، وأسقط دولة القبائل، سلب رواتب اليمنيين ، ونهب قوت الفقراء، إغتصب النساء وسن قانون العبودية، الخمس ومن هذه تتولد ثقتي بالانتصار على الجماعة الغاشمة، لقد أستنفذوا كل طغيانهم لألف سنة قادمة ، وحانت النهاية البشعة لهم ، العجلة هي التي نصرتنا، عجالتهم بالثراء، والتخلص الكامل من الخصوم ، وخصخصة الثروات والأملاك لصالح عائلة وتفانيهم في الظلم والقهر، إنتهت الكارثة.وجدت الجماعة ككارثة، وبالشكل الهرمي، في ميزان الدول، وتخيلوا الآن رسما للهرم، صعدت الجماعة الى أعلى ، سنة، سنتان ، ثلاث أربع، خمس ، ثم وهم الآن على رأس الهرم، يهبطون من أعلى وبسرعة التسلق ستكون السقطة الأخيرة لهم، فهذا ديدن المجتمعات، ومن منطلق الاجتماع الانساني لهذه الظواهر الخارجة عن المنطق البشري ، وبقدر ما أتحدث عن الحوثي أحدثكم عن عارض جامد يحدث في كل زمن وبمجتمع السنافر حتى ، فلا تهنوا، لا تحزنوا، هكذا قيمت الدول وهكذا تسقط الجماعات الوحشية ، لقد سقطت دولة الإلخانات بطرفة عين وقد إمتدت من الصين الى سيبيريا ومن هناك الى المشرق، وعلى غير المنحى الذي تحدثنا عنه لقد كلت الجماعة وملت، بلا قوة ، أفرطت في الجري الدموي خلف الأبرياء، والأرواح، ولم تتوقف عن المضي بسرعة فائقة ، ومن المعلوم أن الآلات حتى لابد لها من نقطة توقف ، من استعادة الأنفاس، لكنهم يعيشون مرحلة الغرور، وسيسقطون دفعة واحدة ، فهم بشر، وكل شيء حي أو جامد ، حسي أو معنوي ، كما قال ابن خلدون في مقدمته له طفولة وشباب وشيخوخة، ويقصد الدول، فالجماعة من فرط الطغيان ولدت وشبت، ثم أكهلت بظرف سنوات، حان الموت. كان هذا حديثي معه رأيت في محياه علامة الرضا،لكأنه ليس اليائس ، البائس ، المنهزم الذي سخر مني وكانت ملامحه توحي بالكآبة، لقد تشكل وجهه من جديد ربما تذكر حركية العالم قبل مولده.
 
*(المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)