قصة مصورة - جامع حيس الكبير "الجامع المظفري" شاهد على عراقة مدينة تاريخية.. جهود الإنقاذ ومناشدة

  • حيس، الساحل الغربي، هيفاء حمنة:
  • 08:53 2022/12/12

"حيس" مدينة التاريخ والأدب والفن والصناعة والزراعة تأثرت كغيرها من المدن بالتاريخ والحضارة لقربها من مدينة زبيد التاريخية مدينة العلم والعلماء. وارتباطها بالمدن والعواصم التاريخية كمدينة تعز وغيرها من المدن، وكانت من المناطق المهمة لالتقاء واستراحة القوافل التجارية القادمة من المناطق الجبلية إلى مدينة المخا وميناء غليفقة الساحلية. 
 
الجامع المظفري أو ما يسمى بالجامع الكبير يعود تأسيس بنائه إلى منتصف القرن السابع الهجري، وهو أحد أشهر المعالم الإسلامية للملك المظفر الرسولي يوسف بن عمر بن علي بن رسول التي حافظت على مكوناتها الأصلية من مبانٍ ونقوش وزخارف إسلامية. 
 
 
- تأسيسه
 
يوجد نقش كتابي في الجانب الشرقي المطل على الصحن يشير بأنه تم الانتهاء من عمارة هذا المسجد سنة 682 للهجرة في حين أن هناك مصادر تاريخية تحدثت أن بدء نواة إنشاء هذا الجامع كان في سنة 667 للهجرة وكان هذا البناء الأول للجامع وأن تاريخ 682 للهجرة هو اكتمال الجامع بشكله الحالي.
 
- يتكون الجامع من بيت الصلاة وجناح شرقي وجناح غربي ومؤخر ومطاهير وبركة ماء وبئر ومئذنة صغيرة تعلو المدخل الجنوبي. 
 
 
ويعد جامع حيس من الجوامع المميزة، يتكون سقفه من جملونات مرتفعة في الأصل، إلا أنه حدث في فترات لاحقة استبدال مكان الأقبية التي سقطت بقباب في الجانب الشرقي والغربي من بيت الصلاة وكذا الرواق والجزء الغربي من المؤخر. إضافة إلى أن الزخارف الملونة تنتشر في الرواق الأول والثاني لبيت الصلاة والمدخل الرئيسي والجنوبي والجزء الأوسط من المؤخر.
 
حالة الجامع قبل تدخل الصندوق الاجتماعي للتنمية في أعمال الترميم
 
كان في حالة يرثى لها وعرضه للانهيار وذلك بتشقق الأسطح العليا مما سبب دخول المياه إلى داخل الجامع والتسرب في الجدران. وكذلك تلف واستملاح الاجزاء السفلى من معظم الجدران وتشققات في البعض مع مرور السايلة للماء امام بوابته الجنوبية. 
 
 
تدخل الصندوق الاجتماعي بأعمال الترميم وباشراف من استشاري المشروع اخصائي الآثار والترميم، عصام حسن عوض حمنه في عام 2007 وحتى العام 2011م.. حيث نفذت فيه أعمال الإنقاذ والترميم عبر مرحلتين الأولى انقاذية من العام (2007 _2009) والثانية أعمال الترميم (2010 _ 2011م) بدعم وتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية.
 
 
 علما بأن ترميمات المباني الأثرية الهامة تأخذ وقتا طويلا لدقة العمل وخطورة الإسراع فيه الذي قد يدمر الأثر. 
فمثلا (المدرسة العامرية برداع محافظة البيضاء أخذت أعمال الترميم فيها ما يقارب خمس عشرة سنة). 
 
الأعمال المنفذة:
 
1- أعمال الترميم 
 
في البدء نفذت أعمال التسوير للجامع بسور من الياجور حيث انه كان لا يوجد سور يحمي ساحة الجامع الخارجية ويمنع مرور سائلة المياه إلى قرب باب الجامع فتم تسويره بسور من كرسي حجري وبناء من الياجور ومونة النورة الحجري بارتفاع لا يشوه منظر الواجهة.
وقد نفذت فيه أعمال معالجة الأسطح من اعلى والتي كانت تُسرب المياه إلى أسفل. وفلس ومعالجة الجدران الداخلية والخارجية إضافة إلى أعمال التدعيمات بالحجر الجعم ومونة النورة الحجري حول جدران الجامع من الخارج. ومعالحة الشقوق في جملوناته من الداخل. 
 
2 - أعمال تنظيف واظهار الزخارف الملونة والنقوش
 
إلى جانب أعمال الترميمات نُفذت فيه أعمال تنظيف وإظهار النقوش والزخارف الملونة البديعة في الجمال.
وبحسب باحثين أجانب فإنها من النقوش النادرة والقديمة استخدمت فيها الألوان الطبيعية بطريقة رائعة وهي أقدم من زخارف المدرسة الأشرفية بتعز والتي تعود للملك الأشرف بن الملك المظفر مؤسس جامع حيس المظفري. 
 
 
وقد أظهرت أعمال التنظيف على أيدي خبراء من الهيئة العامة للآثار وذلك بإزالة طبقات النورة التي كانت تغطي النقوش والزخارف. تميزت رسومات المسجد وزخارفه بالدقة والتنوع والألقاب السلطانية والآيات القرآنية، حيث اظهرت ما يحتويه الجامع من نقوش وزخارف ودلائل تاريخية أهمها نقش أعلى باب درج المئذنة كُتب فيه: (أمر بعمارة هذه الدار السعيدة ودار المضيف والمسجد المبارك السلطان يوسف بن عمر بن رسول) ومن هذا النص نستدل على ان هذا المبنى هو الجزء المتبقي للمجمع العام المشتمل على الدار السعيدة ودار المضيف. وهي التي عثر على بقايا اساساتها في الجانب الشرقي خلال أعمال الحفريات الأثرية. 
وما يميز جامع حيس ما اشتمله على نقش كتابي بشكل دائري في المقدم بيت الصلاة حيث اشتمل النص الكتابي على القاب السلطان منها (أوحد ملوك الزمن وارث ملك اسعد الكامل _ سلطان بلاد اليمن والحرمين الشريفين).
 
3 - أعمال الحفريات الأثرية
 
 تمت أعمال الحفريات على أيدي اخصائيين من الهيئة العامة للآثار بطريقة منهجية وعلمية في مناطق مختلفة حول الجامع من الخارج. ابرزها التي في الجانب الشرقي كشفت عن بقايا جدران واساسات للدار السعيدة ودار المضيف وكسر فخارية ولقى أثرية تعود للدولة الرسولية وعصور مختلفة.
 
وقد انتهت أعمال المرحلتين التي اخرجت واظهرت ما يحويه الجامع من تراث ومعلومات وفن حضاري يضاهي اكبر المعالم التاريخية عالميا. 
 
 
وقد بذلت فيه جهود كبيرة من فريق أعمال الترميم والتنقيب والنقوش للحفاظ على الجامع وإظهار ما اختزنه من تراث فريد، حيث دللت النقوش والحفريات على اهمية المبنى كونه اشتمل سابقا على مجمع اداري ودار للحكم ودار للمضيف. وهذا يعد بحد ذاته دليلا ملموسا على اهمية مدينة حيس تاريخيا لاحتوائها على معلم كبير كهذا المعلم. 
 
وقد قدمت دراسة للمرحلة الثالثة ترميم متكامل مع الإضاءة ورصف الساحة الخارجية للجامع إلى الصندوق الاجتماعي للتنمية اعدها استشاري المشروع في حينه، وكانت هناك موافقة على التمويل ولكن بسبب الأحداث في عام 2011-2012 توقفت جميع التمويلات.
 
مناشدة:
 
نناشد الجهات المهتمة بالحفاظ على التراث والآثار أن يضعوا نصب أعينهم المدن التاريخية للحفاظ على ما تحتويه من تراث ونأمل استكمال أعمال الترميم للجامع، بالإضافة إلى الترميم الكلي لقلعة حيس الأثرية التي باتت أطلالاً تحيط بها القمامة من كل جانب.

ذات صلة