قصة مصورة من شبوة - "آل مزنان" عائلة يمنية احترفت صيد الألغام

  • الساحل الغربي، جمال شنيتر صحافي ومراسل تلفزيوني | independentarabia
  • 03:30 2022/03/07

لم تكن سيطرة مليشيات الحوثي على المديريات الشمالية الغربية الثلاث من محافظة شبوة "عسيلان وبيحان وعين" في منتصف سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، الأولى من نوعها، إذ سبق وأن استولت عليها في المرة الأولى في أبريل (نيسان) 2015، واستمرت السيطرة حتى مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2018.
 
وفي كلا الحربين عمل الحوثيون على زراعة الألغام بشكل واسع في مناطق هذه المديريات، لا سيما مديرية عسيلان التي كانت المديرية الأكثر تضرراً من الحرب والألغام.
 
قصة آل مزنان
 
وعلى الرغم من جهود البرنامج وبعض المنظمات المحلية والدولية في نزع الألغام، فإن كثافتها استدعت مزيداً من الجهد للمساهمة والمشاركة المجتمعية والتطوعية في سبيل إزالتها وتخفيف الضرر عن عشرات الآلاف من السكان، الذين تضررت حياتهم وحركة تنقلاتهم بسببها.
 
 
وعند تنقلنا في عسيلان، شاهدنا على جانبي الطريق تلك المساحات الشاسعة من حقول الألغام، وحولها علامات وإرشادات تحذر من الاقتراب منها، وعند إحدى نقاط التفتيش حذرنا الجندي المناوب من الخروج عن الخط الأسفلتي قائلاً: "انتبهوا يجب أن تخرجوا خارج خط الأسفلت، الألغام تحيط بالطريق"، وأخبرنا المرافق بضرورة أن نذهب إلى قرية السحر من قرى المديرية للاطلاع على إحدى المبادرات الإنسانية التطوعية في مكافحة الألغام، قائلاً، "هناك أسرة آل مزنان التي كان لها دور متميز في إزالة آلاف الألغام المنتشرة، وسجلت قصة الفداء والتضحية من أجل أن يعيش الآخرون".
 
بجوار بيت أسمنتي متواضع نزلنا من السيارة، فاستقبلنا يوسف ذلك الشاب العشريني الذي فقد ساقه أثناء عمله في نزع الألغام، وسار بنا إلى حوش المنزل، حيث يحتفظ ببقايا مئات من الألغام التي عمل هو وإخوته على تفكيكها.
 
 
يوسف المعاق، سبق وأن خسر اثنين من إخوته أثناء عملهم التطوعي في تصفية عدد من حقول الألغام في مناطق متفرقة من المديرية.
 
في مهمة نبيلة
 
يشرح يوسف لـ"اندبندنت عربية" ارتباط أسرته بهذه المهمة الإنسانية، قائلاً: "منذ الحرب الحوثية الأولى على هذه المديرية 2015، عمل الحوثي على زرع آلاف الألغام في مناطق قريبة من الطرق العامة ومساكن المواطنين ومزارعهم، وهذا سبب معاناة للأهالي، حتى أن بعض الأهالي أصبحوا محاصرين في مساكنهم بسبب تلك الألغام، ونحن أسرة آل مزنان كان لدينا معرفة متواضعة بالألغام، فقررنا العمل على إزالة ما نقدر عليه، وبالفعل بدأنا بواسطة وسائل بدائية بنزع الألغام، ونجحنا في بعض منها، والبعض منها لم نستطع إزالته لأنها تحتاج إلى وسائل وأجهزة متقدمة ومتطورة".
 
من حرب إلى حرب
 
في الحرب الأولى على محافظة شبوة كانت إصابة يوسف، إذ فقد ساقه اليمنى بينما قتل أخوه صالح، ويقول عن ذلك "نزع الألغام عمل خطير، قتل أخي صالح في الحرب الأولى أثناء عمله في نزع الألغام، ولاحقاً أصبت بانفجار لغم فردي أثناء تفكيك حقل ألغام وسط عسيلان، وأسعفت إلى عدن ثم جمهورية مصر، وهناك ركبوا لي قدماً اصطناعية".
 
يوسف يستخدم معدات تقنية للبحث عن الألغام في عسيلان
يوسف يستخدم معدات تقنية للبحث عن الألغام في عسيلان
 
في الحرب الحوثية الثانية على مديريات بيحان، واصل آل مزنان جهود تفكيك حقول الألغام، على الرغم من فقدان صالح وإصابة يوسف، وتنقلوا بين الحقول الأكثر كثافة، وزادت معاناة أهالي المنطقة، وحصلوا على أجهزة أكثر تطوراً إلى حد ما، ودورات تدريبية قصيرة في مجال عملهم التطوعي، إلا أن الأسرة صعقت منتصف شهر يناير الماضي بخبر مقتل ولدهم موسى، قائد إحدى الفرق الهندسية المتخصصة بنزع الألغام والعبوات الناسفة وانفجار سيارته، وذلك أثناء أداء عمله بتفكيك عبوات ناسفة بالقرب من محطة لحجن جنوب عسيلان.
 
عمل مستمر
 
لم تكترث أسرة آل مزنان بخسارة ولدهم الثاني، إذ يقول يوسف، "الحمد لله على حالنا، وسنستمر في عملنا، نحن نخدم أهلنا وجيراننا والناس في منطقتنا، هذا عمل إنساني، ولا يسمح لنا ضميرنا بأن نتوقف ونرى الناس محاصرة في البيوت لا تستطيع التحرك بسبب الألغام، ونحن نعمل بمعدل 12 ساعة يومياً ومعي ثلاثة من إخواني الأصغر سناً، نعمل يومياً على تفكيك ما لا يقل عن مئة لغم، وهذا الأسبوع مثلاً أزلنا نحو ألفي لغم، والعمل ليس بالسهل، وخطر للغاية وشاق، ولكن إرادتنا وعزيمتنا وقضيتنا هي من تدفعنا إلى الاستمرار والصمود".
 
خريطة ألغام متسعة
 
ويقول محمد الجزار، وهو من الشخصيات الاجتماعية البارزة في عسيلان، إن حجم ما زرعه الحوثيون من الألغام في المديريات الثلاث التي سيطر عليها في منتصف سبتمبر من العام الماضي كان كبيراً للغاية، وبالذات في مديرية عسيلان التي كانت ميدان المعركة.
 
يوسف آلمزنان
يوسف آلمزنان
 
ويوضح "الألغام زرعت في الحرب السابقة في المناطق الشرقية من المديرية من الصفراء إلى جباح والسليم، وبموازاة العلم حتى المناطق الشمالية إلى بلبوم ولخيضر، وحتى الرمال طوال السادة والساق، أما في الحرب هذه فوزعت في القرى، وأخذت أشكالاً أخرى أكثر اتساعاً".
 

ذات صلة