الصحفي حمزة الجبيحي يتحدث عن سنوات الاعتقال وأساليب التعذيب في سجون الحوثيين (1)

  • تعز، الساحل الغربي ، محمد سعيد :
  • 05:36 2021/12/12

حمزة الجبيحي صحفي وكاتب غيبته مليشيات الحوثي الانقلابية في معتقلاتها، وبقى فيها خمس سنوات بعيداً عن أهله، وحُرم خلالها من مشاهدة وجوه أطفاله، (1855) يوماً قضاها حمزة في غياهب السجن دون تهمة واضحة، سوى تلك التهم التي دأبت المليشيات على تلفيقها ضد كل من يختلف معها سياسياً أو فكرياً.
 
اُختطف حمزة في العاصمة صنعاء في 31 / 8 / 2016م في منطقة الحصبة من قبل مسلحين ملثمين ويرتدون الزي الشعبي، مدججين بالأسلحة النارية والتقليدية، يستقلون ثلاث سيارات نوع تاكسي، بالإضافة إلى هايلوكس وطقم، انتشر حوله المسلحون بطريقة فوضوية ومرعبة، وعملوا على تغطية عينيه، وتقييد يديه ومن ثم اقتادوه إلى سجن الأمن القومي الخاضع لسيطرة الانقلابيين، واستمر فيه 13 يوماً، بعدها نقل إلى مبنى الأمن السياسي وقضى فيه أربع سنوات وشهراً، وسنة أخرى قضاها في سجن لجنة الأسرى بالأمن المركزي بصنعاء، وفي نهاية المطاف وقبل الإفراج عنه 3 أيام وبعدها تم الإفراج عنه نتيحة صفقة التبادل الأخيرة بين القوات الحكومية في محور تعز ومليشيات الحوثي.
 
تهم كثيرة أطلقتها جماعة الحوثي على الجبيحي، هي ذات التهم التي تطلقها على الكثيرين ممن لا يتفقون مع المليشيات. يقول حمزة الجبيحي، إن تهما كثيرة اتهم بها وتمثلت في (التحريض من خلال النشاط الإعلامي والنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى التخابر مع الحكومة الشرعية والتحالف العربي وتزويدهم بأخبار الحوثيين وتحركاتهم). 
 
 
التعذيب
 
تعرض حمزة للتعذيب أكثر من مرة، واستخدمت معه أساليب عدة لانتزاع اعترافات منه لا علاقة له بها سوى أنه يمارس عمله كصحفي وكاتب في مواقع التواصل الاجتماعي. يشرح لنا حمزة أساليب التعذيب التي استخدمت ضده بالقول "التعذيب والانتهاكات كثيرة، منها: الاعتقال بصورة فوضوية مليشياوية من قبل مسلحين بزي مدني وملثمين، وسط هجوم وحشي وتهديد وترهيب قوي، رغم عدم مقاومتي لهم، والتحقيق بصورة استفزازية والضغط عليّ للاعتراف بأشياء غير صحيحة على الإطلاق، بالإضافة للتعذيب الجسدي من خلال الضرب بالكابلات والأسلاك الكهربائية والصعق بالكهرباء، والتعليق لفترات طويلة، والحرمان من النوم، والسب والشتم بالألفاظ البذيئة والمناطقية والعنصرية والطائفية، بالإضافة إلى ممارسة الحرب النفسية عن أهلي أثناء فترة اعتقالي، من خلال توصيل رسائل سلبية عنهم، الأمر الذي أثار قلقي ومرضي بسبب ذلك، وكذلك محاكمتي تعسفيا، ورغم أنهم لم يجدوا دليلا واحدا على تهمهم غير أنهم لم يفرجوا عني".
كان التعذيب الذي تلقاه حمزة عنيفا بالذات في الأشهر الأولى للاختطاف، بعد ذلك توزعت أوقات التعذيب وكانت عبارة عن جزاءات كيدية.
 
مصدر إيراد!
 
كانت تجربة السجن والأسر بالنسبة لحمزة موحشة ومريرة، خصوصاً عند الحوثيين الذين يعشقون السجون ويعدون السجناء والأسرى مصدراً من مصادر إيراداتهم، لكنها مدرسة زادتهم معرفة بشكل أوسع وأعمق عن سوء ومساوئ الحوثيين، كانت معاناتهم مع البرد شديدة جدا، حيث لا نوافذ تقيهم البرد، وكثرت بسبب ذلك الأمراض، في الوقت ذاته كانت سلطة السجن لا تستجيب بشكل سريع لهم وتوفر العلاجات.
 
يضيف حمزة : "وضع السجن موحش يكفيك عذابا أنك تنظر إلى شكل الحوثي، فضلا عن الأمور الأخرى، إرهاب للسجناء وتعذيب وتعسف يمارس ضدهم، بالأخص الصحفيين والعاملين بالمنظمات".
 
.. ومعاناة
 
كان إلى جوار حمزة في السجن أناس كثيرون، حسب ما قاله، فمنهم الضباط والمحامون والأطباء والمعلمون والمحاسبون والصحفيون والتجار والمزارعون، والمشايخ، وحتى الأميون، بالإضافة إلى وجود مختطفين من جنسيات مختلفة أبرزها مصر وسوريا والعراق، كان يتم وضع مجموعة سجناء في عنابر منفصلة ووضعوه إلى جوار إحدى المجموعات، باستثناء أيام التعذيب والذي كان يقضيها منفردا وفي زنزانة انفرادية. 
 
أعراض صحية وأمراض أصابته كغيره من السجناء نتيجة البارد الشديد، والتغذية غير الجيدة والتي كانت غذاء غير صحي يقتصر على البطاطا والفاصوليا والكدم. تغذية لا تقوى على أكلها حتى البقر.
 
اقرأ أيضا :
 
أصيب في المعتقل بالتهابات الصدر، نتيجة سوء التهوية، وضغط في الفقرات الوسطى للعمود الفقري نتيحة التعذيب، وضعف وانحراف في النظر بسبب مصادرة النظارة الخاصة به طوال فترة الاعتقال، وتنمل اليد اليسرى بين حين وآخر نتيجة التعذيب والتعليق لساعات طويلة، بالإضافة إلى فقدان المناعة والفيتامينات بسبب انعدام التغذية الصحية، ومعاناة الكوابيس والاستفزازات، كما أفاد.
 
ترهيب الأسرة
 
خلال فترة السجن عانت أسرته هي الأخرى وتعرضت لحرب نفسيه وتعرض منزلها للاقتحام ونهب محتوياته ومصادرة كل الوثائق الشخصية كأصول الشهادات العلمية والعملية، وكانت تجربة الأسر بالنسبة لأسرته أمرا صعبا وأكثر رعبا، بالإضافة إلى إرهاقهم نفسيا وماليا من خلال الوعود الكاذبة والاستنزاف المالي بحجة الإفراج عنه، حسب ما قاله.
 
بعد 13 اتفاق
 
أفرج عن حمزة بعد خمس سنوات ضاعت من عمره في صفقة تبادل الأسرى بين محور تعز ومليشيات الحوثي، بعد 13 مرة كان يتم الاتفاق بها بأنه سيتم الإفراج عنه، وتنوعت بين صفقات تبادل وإفراجات بصنعاء بواسطات حوثية، وحينما سألناه عن سبب عدم الإفراج عنه أثناء إطلاق سراح والده؟ قال إنه سأل أحد ضباط الأمن الحوثي عن سبب عدم الإفراج عنه، في الوقت الذي كانوا قد وعدوه بالإفراج عنه بعد يومين من خروج والده من المعتقل؟ فأجاب الضابط بضحك وقال له "أنت مجنون، لو خرجت والدك سيشعلها علينا بالإعلام، فأنت عليك قضية ضدنا، وأنت بين يدينا لتكون رهينة ووسيلة ضغط على والدك، بدلاً أن نذهب للبحث عن رهينة أخرى".
 
سنوات خمس من عمر حمزة الجبيحي قضاها في معتقل واقبية الجائحة الحوثية، 5 سنوات من ربيع شبابه وعمره أحرم خلالها من أطفاله وأهله، سنوات من رزقه وعمله ومجتمعه، أضاعها الحوثيون، هكذا تحدث وبوجع لا يشعر به إلا من عاشه وذاق مراراته لسنوات.

ذات صلة