السيل الجمهوري من الساحل نحو الجبل: ما بعد الانفكاك من قيد ستوكهولم

09:17 2021/11/22

من يدري، ربما بدأت المعركة الحقيقية الآن في الساحل الغربي، وللأمانة والموضوعية، فقد كان التحرير السابق منقوصا ولا يتعدى كيلو واحد أو اثنين شرق الخط الساحلي، إذ كان الهدف هو تحرير مدينة الحديدة ومن ثم الإتجاه شرقا لاستكمال تحرير المديريات الريفية، لكن اتفاق ستوكهولم وضع قيدا فولاذيا كبل تحركات القوات المشتركة وجعلها تقف وسط مصيدة كبيرة أغرت مليشيا الحوثي، التي لم تلتزم ولو ليوم واحد بالاتفاق مستفيدة من التماهي الأممي الكامل معها، أغرتها باستهداف أفراد المشتركة على طول الخط الساحلي، سواءا بالهجمات التي تستخدم أسلوب العصابات، اضرب واهرب، أو بالقنص أو بالعبوات الناسفة والألغام، وهذا الأمر شكل عبئا كبيرا على عاتق القوات المشتركة واستنزف مقاتليها دون فائدة تذكر.
 
هذا بالإضافة إلى أن المناطق الريفية الشرقية للحديدة تحوي خزانا بشريا ضخما ظل الحوثيين يحشدون المقاتلين منها طوال هذه السنوات طوعا وكرها.
 
والآن وقد بدأت معركة جديدة وذات هدف أوسع فإن الأمل يحدونا بتحرير المديريات الشرقية للحديدة، الجراحي، زبيد، جبل راس، المناطق المتبقية من حيس والمديريات الشرقية الشمالية. 
 
 والأهم من هذا كله هو الانفاكاك من قيد ستوكهولم الذي كان منذ اليوم الأول له خنجرا وضع في خاصرة القوات المشتركة آن لها أن تتخلص منه وتبدأ مرحلة ومعركة أخرى تكون هي المتحكمة في مسرحها وتوقيتها.
 
‏غبار القوات المشتركة وحده يرعبهم ويجعلهم يفرون كالجرذان.
 
هذا السيل الجمهوري تدفق من الساحل نحو الحبل، في حدث مغاير وفوق العادة، لكنه حقيقي مثلما اليمن حقيقي والبطولة حقيقية. 
 
هذا العرم الهادر لن ينحسر حتى يغسل آخر كهف في صعدة أو صنعاء من عار الحوثيين.
 
***
‏يصعد الرجال من ساحلهم السهل شرقا إلى مرتفعات صعبة، إذ لا مرتفعات تعلو فوق همتهم، تبدوا حجارة الجبل باسمة مستبشرة بمقدمهم وإقدامهم، كل حجر وذرة رمل هنا تعرفهم، تعرف كم أنهم يمنيون مثلها، كم يشبهونها في تجردهم وجلدهم وقوتهم وتنكر الغزاة السلاليين القادمين من سراديب الخرافة والوهم.
 
**
بعد ثلاث سنوات من القصف الحوثي المتواصل، تنام مدينة حيس هذه الليلة بأمان وهدوء وسكينة. في الحقيقة، لقد سطرت هذه المدينة الصغيرة صمودا أسطوريا أمام جحافل المليشيا التي لم تيأس من محاولة العودة إليها وغزوها من جديد، هجمات لا تحصى انكسرت جميعها على أسوار حيس، لينينغراد تهامة.