المنطقة المحررة بالساحل الغربي: استراتيجية بين محافظات ثلاث

09:03 2021/11/22

أنا مبتهج الليلة أكثر مما ينبغي، فائض نشوة مستعد لتوزيعها على العالم كله. المثلث المركزي الرابط بين إب وتعز والحديدة، والمنطقة التي أسافر بواسطتها حين أعود لقريتي، قريبة من " مثلث المَبرز المركزي" تحررت اليوم من قبضة أحفاد السلالة. كنت منهمك بعمل ما، وقرأت الخبر، فأوقفت كل الأنشطة ودخلت لأحتفل. 
 
ما زلت أتذكر، بوضوح شديد، كيف تعرض مواطن من مديرتي بل ومن نفس عزلتي، للإذلال من أحد مسلحي السلالة في نقطة قريبة من هذه المنطقة التي تحررت اليوم، وهي منطقة تابعة لجبل رأس/ الحديدة، ومحاذية لفرع العدين إب.
 
كنت أشاهدهم يعبثون به، وأشعر بشيء يتمزق داخلي، لحظة قاسية تلك التي يقف فيها الإنسان عاجزا عن فعل شيء لحماية كرامة إنسان أخر تداس أمامه، وجها لوجه تقف أمام كرامة عارية، مشهد إذلال مهينما زال أصدقاء هنا يتذكرونه كانوا رفاق في الرحلةوأنت عاجز عن لملمة ملامح الرجل الكسيرة، ذلك أنك أمام مسلحين متوترين وجاهزين للفتك بأي إنسان يتدخل لاثنائهم عن فعلهم، حاولت التدخل بهدوء حذر لامتصاص غضب المسلح وتوقيفه عن مواصلة إهانته لذلك العامل المسكين وفشلت. 
 
سبق أن كتبت عن الحادثة حينها، كان المواطن عاملًا يبيع العطور في إحدى المدن وعائدًا لأطفاله قبيل العيد بيوم، أوقفه المسلح في نقطة قبل "المثلث" بقليل وطلبه بطاقته، جاوبهم بنبرة تأفف ضجرة بأنه لا يملك بطاقة. ذلك أنه يتحرك في منطقة قريبة لقريته وقد قضى ساعات طوال مسافر حتى هدّه التعب. 
 
مباشرة انهال عليه المسلح بالضرب بل واحتشد ثلاثة أخرين جواره ليذلوه بأعقاب البنادق. كان يصرخ: إيش فعلت بكم، فلتوني، ليش تضربوني..؟ وإذا بهم يستعرضون شتائمهم عليه وبأقذع الألفاظ وينزلوه ليحتجزوه حتى يثبت لهم أنه ينتمي لنفس المنطقة، هكذا صار ابن المنطقة غريب والمسلح الشاذ سيّدًا وقاضيا يفصل في أمر العباد. 
 
مسلحون غرباء، قدموا من أماكن بعيدة، لا نعرفهم ولا يعترفون بنا، جاؤوا إلى قرانا وفرضوا أنفسهم حكامًا على الناس وعابثين بمصيرهم. 
 
تحررت اليوم هذه المنطقة التي تعرض فيها المواطن أعلاه للإذلال..لا أدري أين هو الآن وكم جرح غائر يسكن نفسه جراء تلك المهانة، لا أدري ما إذا كان يهتم لمتابعة الأخبار أم لا، ولا أعلم وسيلة لأبلغه بالنبأ. شكرا للأبطال، شكرا للقوات المشتركة، شكرا للألوية التهامية، وحراس الجمهورية، بل وشكرا لطارق. المنطقة المحررة نقطة تقاطع استراتيجي مهم جدا، يمكن بواسطتها محاصرة الحوثي في ثلاث محافظات: 
جبل رأس حيس الجراحي ثم مدينة الحديدة
جبل رأس فرع العدين شرعب الرونة وصولا لتعز  
جبل رأس العدين ثم محافظة إب
 
المنطقة نفسها، حولها الحوثي لنقطة تحصيل ضريبي وجمركي للمحافظات الثلاث..ولنهب أموال الناس بالطبع، أقل التقديرات لأرقام عوائده من هذا المنفذ توازي: 300 مليون ريال يوميًا. يمكننا هزيمة هذه الجماعة بسهولة، نحن شعب كامل وعلينا ألا نفقد اليقين بقدرتنا ع استرداد مصيرنا ووقف مهزلة السلالة الممتدة منذ سنين. 
 
أتمنى ألا يتوقف الأبطال، لا مساحة فينا لخيبة جديدة، العبرة في الاستمرار. قلوبنا معكم..لازاحة هذا الكابوس الجاثم على صدورنا.