أحــزان.. وإصــرار

  • عبدالله البردوني
  • 06:25 2021/09/19

شوطُنا فوقَ احتمالِ الإحتمالْ
فوق صبرِ الصَّبرِ … لكنْ لا انخذالْ
 
نغتلي … نبكي … على من سقطوا
إنَّما نمضي لإتمام المَجالْ
 
دمُنا يَهمي على أوتارنا
ونُغنِّي للأماني بانفعالْ
 
مُرةٌ أحزانُنا … لكِنَّها
ـ يا عذابَ الصَّبر ـ أحزانُ الرِّجالْ
 
نَبلعً الأحجار … نُدمَى إنَّما
نعزِف الأشواق … نشدو للجَمالْ
 
ندفن الأحباب … نأسى إنَّما
نتحدَّى … نحتذي وجهَ المُحالْ
 
***
مذّ بدأنا الشَّوطَ .. جَوْهَرنا الحَصى
بالدمِ الغالي وفرْدَسْنا الرِّمالْ
 
وإلى أين …؟ عرفنا المُبتدا
والمسافات ـ كما ندري ـ طِوالْ
 
وكنيسان انطلقنا في الذُّرى
نسفحُ الطِّيب يميناً وشمالْ
 
نبتني لليمن المنشودِ مِنْ
سُهْدِنا جسراً وندعوه: تعالْ
 
***
وانزرعْنا تحت أمطار الفَنَاء
شجراً مِلءَ المَدى … أعيا الزَّوالْ
 
شجراً يَحضِنُ أعماق الثَّرى
ويُعير الريح أطراف الظّلالْ
 
واتَّقدنا في حشا الأرض هوىً
وتحوَّلنا حقولاً … وتلالْ
 
مشمشاً .. بُنَّاً .. وروداً .. وندىً
وربيعاً … ومَصِيفَاً وغِلالْ
 
نحن هذي الأرض .. فيها نلتظي
وهيّ فينا عنفوانٌ واقتتالْ
 
من روابي لحمِنا هذي الرُّبى
من رُبى أعظُمِنا هذي الجبالْ
 
***
ليس ذا بدءَ التَّلاقي بالرَّدى
قد عشقناهُ وأضنانا وِصالْ
 
وانتقى من دمنا عِمَّتَهُ
واتخذنا وجهه الناري نِعالْ
 
نعرفُ الموتَ الذي يعرفُنا
مَسَّنا قتلاً … ودُسْناهُ قِتَالْ
 
وتَقَحَّمْنا الدَّواهي صُوراً
أكَلَتْ مِنَّا … أكَلناها نِضالْ
 
موتُ بعض الشَّعب يُحيي كلَّهُ
إنَّ بعض النَّقص روحُ الاكتمالْ
 
***
ها هنا بعضُ النُّجومِ انطفأتْ
كي تزيد الأنْجُمُ الأُخرى اشتعالْ
 
تفقدُ الأشجارُ من أغصانِها
ثمّ تزداد اخضراراً واخضلالْ
 
***
إنَّما … يا موت .. هل تدري متى
ترتخي فوق سريرٍ من مَلالْ؟
 
في حنايانا سؤالٌ … ما له
من مجيبٍ … وهو يَغلي في اتصالْ
 
ولماذا ينطفي أحبابُنا
قبل أن يستنفدَ الزَّيتَ الذُّبالْ؟
 
ثُمَّ ننسى الحُزنَ بالحزنِ ومَنْ
يا ضياعَ الرَّدِّ ـ يُنسينا السُّؤالْ ..؟
 
عبدالله البردوني
مايو 1973
 
 

ذات صلة