حرب شوارع بأفغانستان بعد سقوط خامس عاصمة في أيدي طالبان
- وكالات
- 10:34 2021/08/08
ضيقت حركة طالبان الخناق، الأحد، على شمال أفغانستان حيث سيطرت على عواصم ثلاث ولايات أخرى في وقت تنقل معركتها إلى المدن، بعدما انتزعت معظم مناطق الريف في الأشهر الأخيرة. واستحوذت على ما يصل إلى خمس عواصم ولايات، منذ الجمعة، في هجوم سريع يبدو أنه شكل ضغطاً كبيراً على القوات الحكومية.
وأكد نواب ومصادر أمنية وسكان أن مدن قندوز، شمال شرقي أفغانستان، وساري بول، الواقعة شمال غربي البلاد، وتالقان، الواقعة في ولاية تخار، سقطت بفارق بضع ساعات بين عاصمة ولاية وأخرى الأحد. وفق ما أفاد مصدر أمني وسكان لوكالة الصحافة الفرنسية، لتكون بذلك ثالث عاصمة ولاية تسقط في قبضة المتمردين خلال 24 ساعة.
القوات الحكومية تنسحب
وأفاد المصدر الأمني، "انسحبنا من مدينة تالقان بعد ظهر اليوم إثر فشل الحكومة في إرسال المساعدة". بدوره، أكد أحد قاطني المدينة "شاهدنا قوات الأمن والمسؤولين يغادرون المدينة في قوافل".
وقالت باروينا عظيمي، الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة في ساري بول، "إن مسؤولي الحكومة والقوات المتبقية انسحبوا إلى ثكنات تقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات عن المدينة".
وأعلن محمد حسين مجاهد زادة، عضو مجلس ولاية ساري بول، إن "طالبان حاصرت كتيبة عسكرية على مشارف المدينة"، مؤكداً أن "كل الأجزاء الأخرى للمدينة أصبحت تحت سيطرتها".
وأوضح عمرو الدين والي، عضو المجلس التشريعي في إقليم قندوز، اليوم الأحد، "أن مقاتلي طالبان استولوا على المباني الحكومية الرئيسة في مدينة قندوز، وأن القوات الحكومية لم تعد لها السيطرة سوى على مطار المدينة وقاعدتها هناك".
ويعد إقليم قندوز أهم مكسب تحققه طالبان منذ شنت هجوماً في مايو (أيار) مع بدء القوات الأجنبية آخر مراحل انسحابها من البلاد. ولطالما كان هدفاً بالنسبة لها، حيث اجتاح مقاتلوها المدينة في 2015، ومرة أخرى في 2016، لكن من دون أن ينجحوا يوماً في السيطرة عليها لمدة طويلة.
وأكد محمد نور رحماني، عضو المجلس التشريعي في إقليم ساري بول، اليوم الأحد، "أن طالبان استولت أيضاً على المباني الحكومية في عاصمة الإقليم الواقع في شمال أفغانستان وطردت المسؤولين من المدينة إلى قاعدة عسكرية قريبة".
تصاعد وتيرة القتال
وقال متحدث باسم قوات الأمن الأفغانية، إن "قتالاً ضارياً يدور" في قندوز وتقاتل قوات الأمن دفاعاً عن المدينة، التي تعد جائزة كبرى لأنها تقع عند بوابة الأقاليم الشمالية الغنية بالمعادن وآسيا الوسطى.
لكن عبد الرحمن والي عضو المجلس الإقليمي في قندوز قال لـ"رويترز"، "إن مقاتلي طالبان سيطروا على المباني الحكومية الرئيسة في المدينة التي يقطنها 270 ألف نسمة، وهو ما يثير مخاوف من أن تكون قندوز أحدث مدينة تسقط في أيدي مقاتلي الحركة". وأضاف، "اندلعت اشتباكات عنيفة بعد ظهر أمس، والآن جميع المقار الحكومية تحت سيطرة طالبان باستثناء قاعدة الجيش والمطار فقط تحت سيطرة قوات الأمن الأفغانية، وتقاوم طالبان منهما".
وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم "طالبان"، إن الحركة استولت على الإقليم تقريباً، وتقترب من المطار.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة في قندوز، "إن 14 جثة، بعضها لنساء وأطفال، نُقلت إلى المستشفى، كما نُقل أكثر من 30 مصاباً".
وفي ساري بول أكد رحماني "استولت طالبان على المقار الحكومية ودار الحاكم وقيادة الشرطة ومجمع الإدارة الوطنية للأمن".
الدفاع الأفغانية تقاوم
من جانبها، أكدت وزارة الدفاع أن القوات الحكومية تقاتل لاستعادة المنشآت الرئيسة في قندوز. وذكرت، في بيان، أن "قوات خاصة أطلقت عملية تطهير لبعض المناطق بما في ذلك مباني الإذاعة والتلفزيون الوطنيين من عناصر طالبان الإرهابيين".
وأفاد الناطق باسم الوزارة ميرويس ستانكزاي في وقت لاحق أنه تم نشر تعزيزات تشمل قوات خاصة في ساري بول وشبرغان. وأضاف، "ستتحول هذه المدن التي تريد طالبان السيطرة عليها إلى مقابرها".
وتعد قدرة كابول على السيطرة على شمال البلاد حاسمة بالنسبة لاستمرار الحكومة على الأمد الطويل. ولطالما اعتبر شمال أفغانستان معقلاً مناهضاً لطالبان شهد مقاومة كانت الأشد لحكم الحركة في تسعينيات القرن الماضي. ولا تزال المنطقة تؤوي العديد من الميليشيات فيما تعد أرضاً خصبة لتجنيد عناصر القوات المسلحة.
وأفاد المستشار لدى مجموعة الأزمات الدولية إبراهيم ثوريال، بأن "السيطرة على قندوز مهمة للغاية إذ إنها ستخفف الضغط عن عدد كبير من قوات طالبان ليكون من الممكن حشدهم في أجزاء أخرى من الشمال".
وانتشرت تسجيلات مصورة للمعارك نهاية الأسبوع تضمنت مشاهد لإطلاق سراح العديد من السجناء في المدن التي تمت السيطرة عليها. وتستهدف طالبان السجون عادة لإطلاق سراح المقاتلين المحتجزين وبالتالي تعزيز صفوفها.
سقوط أولى العواصم
وسيطرت الحركة، الجمعة، على أول عاصمة ولاية في أفغانستان هي زرنج في نيمروز عند الحدود مع إيران، وانتزعت في اليوم التالي شبرغان في ولاية جوزجان الشمالية.
وأفادت تقارير عن وقوع معارك على أطراف هرات (غرب) ولشكركاه وقندهار (جنوب).
وشكلت وتيرة التقدم الذي حققته طالبان مفاجأة للقوات الحكومية لكن عناصرها تلقوا جرعة دعم في وقت متأخر، السبت، بعدما قصفت مقاتلات أميركية مواقع طالبان في شبرغان.
وصرحت المتحدثة باسم القيادة المركزية ماجور نيكول فيرارا في واشنطن "نفذت القوات الأميركية عدة ضربات جوية دفاعاً عن شركائنا الأفغان في الأيام الأخيرة".
وتعد شبرغان معقلا لأمير الحرب السابق عبد الرشيد دوستم الذي أشارت تقارير إلى أن عناصر ميليشياته انسحبوا إلى جانب القوات الحكومية باتجاه المطار.
وأَشرف دوستم على إحدى أكبر الميليشيات في الشمال واكتسب سمعة كشخصية يهابها كثيرون عندما قاتل طالبان في تسعينيات القرن الماضي، فيما اتهمت قواته بارتكاب مجازر بحق آلاف سجناء الحرب المنتمين إلى طالبان.
ومن شأن أي تراجع لمقاتلين أن يقلّص آمال الحكومة مؤخرا في قدرة الميليشيات على مساندة جيش البلاد الذي يعاني ضغطاً شديداً. ولم تدل الحكومة بكثير من التصريحات بشأن سقوط عواصم الولايات، باستثناء تعهدها باستعادتها. وكان هذا رد فعلها المعهود على معظم المكاسب التي حققتها طالبان في الأسابيع الأخيرة، رغم أن القوات الحكومية فشلت بدرجة كبيرة في الإيفاء بتعهداتها لجهة استعادة عشرات المناطق والمراكز الحدودية.
ونزح مئات آلاف الأفغان جراء المعارك الأخيرة فيما قتل 12 شخصاً، السبت، عندما أصابت قنبلة زرعت في جانب الطريق حافلتهم أثناء محاولتهم الهرب من غارديز في ولاية باكتيا. ومن المقرر أن تستكمل القوات الأجنبية انسحابها بحلول نهاية الشهر الحالي، قبيل الذكرى الـ20 لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة التي أدت إلى الاجتياح الذي أطاح طالبان.