قاعدة إماراتية في اليمن!

11:59 2021/05/29

"استقرار اليمن مصلحة استراتيجية للخليج والعرب والعالم، ولا يمكن للتحالف أن ينحسر أو ينهزم في معركة استراتيجية تعني المصير والمستقبل." ليست هذه نظرية ما، ولكنها خلاصة جيدة، وسوف نحتاج إلى العودة إليها بعد قليل.
 
عندما أريد تفكيك كتلة وقوة التحالف (العربي) الداعم للشرعية في اليمن، لم يخطئ الفاعلون وراء الشاشات وفي الغرف المغلقة الهدف باستعداء أحد قطبي الشراكة الخليجية العربية في معركة اليمن واستدعاء كل خبرات وأساليب حرب الدعاية وحملات الاستهداف والانحراف بالأهداف إلى معارك مفتعلة في قلب المعركة الكبيرة التي تعرضت لما يشبه الفيرسة وضخ مولدات الانقسام والإفساد في مجاري الدم.
 
بقدر أو بآخر أحدثت الحملات الموجهة حالة غير صحية ولوثت الأجواء والمجال العام وافتعلت مناسبات كثيرة وصاخبة للعراك واستنزاف الوقت والجهود والطاقات. سمح هذا بتسرب/ تآكل ما كان قد تحقق من مكاسب، وعوضا عنها تتشكل أزمات مخدومة لتعميق "أزمة تحالف" في اليمن بدلا من مضاعفة التحالف مكاسبه نحو تفكيك وحلحلة أزمة اليمن.
 
هناك خسائر ناتجة عن هذا النهج التخريبي العابث والموجه. وإذ حافظ الشريكان الحليفان في رأس التحالف على مصالح وعلاقات وشراكة استراتيجية على مستوى الدولتين والقيادتين نحو المستقبل، فإن الضرر الأكبر انعكس على مسار ومصير معركة اليمن وأهداف التحالف، الداعم الأول الرئيس بل والوحيد كما اتضح هذا فيما بعد ولا يزال.
 
رغم كل شيء بقيت علاقة وشراكة الإمارات والسعودية فاعلة وحاضرة في مجال ومجهودات التحالف. كان الرأي والمتوقع دائما هو أن الذين جندوا طاقات وفرق وحملات لاستهداف الإمارات وشيطنتها، لن يطول الوقت حتى يتحولوا نحو السعودية وجهد التحالف  ذاته بالنتيجة.
 
عبر أكثر من محطة وتجربة ثبت بالدليل أن هذا صحيح وحدث بالفعل. لم يمكن تلافي بعض الخسائر والدروس، لكن هدف الشق والتدمير العميق والنهائي لشراكة وتحالف شريكي التحالف في اليمن لم يحدث ولم يكن الأمر بتلك السهولة لحسن الحظ.
 
تحصنت وتحسنت علاقة الشريكين الخليجيين بتجاوز آثار وعوارض حملات الاستهداف والدس والتأزيم والإفساد كما تجلت بوضوح خلال العامين 2019 و 2020 وترجمتها نكسات وخسائر استراتيجية منيت بها جبهات رئيسية بداية من مشارف العاصمة وتلال نهم صنعاء وحتى عتبات مأرب نفسها في مقابل إشعال بؤر صدام ومعارك استنزافية صاخبة بين حلفاء التحالف وشركاء معركة التحالف والشرعية في اليمن.
 
وحتى اليوم فإن نهج الاستنزاف للتحالف وللحرب يستمر في العمل على ضرب المكاسب الآنية والاستراتيجية معا. ليس هينا ما يحدث من تهشيم وتنويم وتمويت لكل معاني الحرب والمعركة والمصير على امتداد الجبهات والخطوط المتقدمة والخلفية. ليست هذه حالة طبيعية على الإطلاق ما تشهده جبهات مأرب ومعركة مأرب بصفة عامة. التجميد أو التجمد التكييفي عند درجة الدفاع الأدنى واستبقاء النيران في وعلى أبواب وأسوار المدينة هو أمر لا يمكن تحليله أو تركيبه على أي من النظريات والاستراتيجيات السوية والمفهومة.
 
هذا التقديم الطويل يريد الوصول إلى اللحظة التي أعيد فيها تفعيل أو افتعال المعارك الصاخبة (هذه المرة باستخدام شماعة جزيرة ميون) والحملات المطبخية الموجهة، سياسيا وإعلاميا، تجاه التحالف وبالتصويب رأسا جهة الإمارات.
 
في مكان ما من كل هذه الضوضاء كان الأهم يتمثل في (غباء) التجاوز الموضوعي بتجاهل كل الحسابات والمتغيرات التي تمت والمياه التي جرت، وفي النتيجة لم يكن من مستهدف غائي أكثر من السعودية نفسها وقيادة التحالف الذي يدير كل العمليات والمسارات والجبهات وبالذات في السواحل والبحر الأحمر.
 
عندما صدر بيان/ تصريح قيادة التحالف أسقط في أيدي الذين أرادوها معركة منفردة مع الإمارات (..)، وأكثر من ذلك أن قيادة التحالف حرصت ولغاية في نفس (المصدر) على أن تذكر أو تذكِّر بالمجهود الإماراتي القائم دفاعا عن مأرب في الأثناء. أولئك الذين يفتعلون الأزمات والمعارك العبثية بينما معركة مأرب متروكة للمفارقات والمفاجآت ويتحمل المجهودالجوي الدور الرئيس في إفشال خطط وهجمات الحوثيين والدفاع عن المدينة.
 
والآن.. بالعودة إلى السطر الأول، وبما أن اليمن أكبر وأعظم وأخطر من كل وأي جماعة أو مجموعة، إن كان ثمة من (قاعدة) إماراتية أو سعودية يمكن الجزم بها، فإنها هذه : "استقرار اليمن مصلحة استراتيجية للخليج والعرب والعالم، ولا يمكن للتحالف أن ينحسر أو ينهزم في معركة استراتيجية تعني المصير والمستقبل."