الأسرى والمخطوفون.. 11 ألف طن من الكرامة اليمنية المنتهكة
- الساحل الغربي، كتب/ فيصل الصوفي
- 04:08 2021/05/28
البند الثاني من اتفاق 13 ديسمبر2018 في عاصمة مملكة السويد، بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والجماعة الحوثية، هو البند الأكثر قابلية للتنفيذ.. في اليمنيين اليوم أكثر من 11 ألف أسير حرب، ومخطوف، ومعتقل لأسباب سياسية.. عدد غير قليل من هؤلاء تفتقدهم عائلاتهم منذ ستة أعوام.
وحكومة الرئيس هادي لها حسنة واحدة، وهي أنها تقول للجماعة الحوثية هاتم أصحابنا وخذوا اصحابكم.. أو ما يعرف بقولة: الكل مقابل الكل.. وهذه القولة غدت مصطلحا يجري على ألسن معظم أطراف الحرب، باستثناء الجماعة الحوثية.
على كثرة محفزات البند الثاني من الاتفاق فأنه لم ينفذ كما لم ينفذ البند الثالث بشأن التفاهمات التي جرت بين الطرفين بخصوص مدينة تعز، بينما لا توجد عوائق قهرية تحول دون ذلك، كما هو الحال مع البند الأول بشأن مدينة الحديدة وموانيها، ومديريات المحافظة..
حكومة الرئيس هادي ظلت طوال الفترة الماضية تلوح بالتخلي عن اتفاق ستوكهولم ، إلا أنها لم تتخذ أي خطوة عملية.. لو فعلت لن تخسر، لأنها لم تكسب من الاتفاق أصلا، على الأقل في ما يخص الأسرى والمعتقلين السياسيين والمخطوفين، بل هي الخيسري الأكبر بحكم أنها شرعية، أو بحكم أنها الجهة المسئولة عن كل المواطنين اليمنيين.
إن بند الأسرى في اتفاق ستوكهولم هو الأسهل تنفيذا.. مع ذلك لم تتم منذ ذلك الوقت.. أي منذ ديسمبر2018 إلى اليوم سوى عملية واحدة، حين تبادل الطرفان.... أسير في شهر أكتوبر2020.. تشير تلك العملية أن البند الثالث من اتفاق ستوكهولم يمكن تنفيذه بأقل التكاليف، إذا وجدت رغبة لدى الطرفين في إنها هذه المأساة الإنسانية التي تزن نحو 11 ألف طن من مواد الخوف والحرمان والتعذيب والاخفاء والقلق العائلي، واليتم، وإهانة الكرامة الآدمية.
محمود الصبيحي- وزير الدفاع الأسبق- لم تتلق عائلته منه سوى مكالمة هاتفية واحدة منذ أسرته الجماعة الحوثية قبل ست سنوات.. رئيس الدائرة السياسية محمد قحطان لا يعرف مصيره على وجه الدقة منذ خطفته الجماعة قبل ست سنوات أيضا.. وقبل أكثر من ثلاث سنوات خطفت الجماعة الحوثية محمد محمد عبد الله صالح من المستشفى الذي كان يعالج في العاصمة صنعاء، و خطفت عفاش طارق محمد عبد الله صالح وهو يسير في طريق عام، ومنذ ذلك الوقت لا تعلم عائلتا الشابين أي شيء عنهما، لا صوت، لا خبر، لا اتصال، ولا في أي مكان هما.. هؤلاء الأربعة مجرد مثال لمأساة مكونة من 11 ألف أسير حرب، ومعتقل سياسي ومخطوف.
تصوروا.. احدا عشر ألف إنسان يمني مقيدي الحرية، منتهكة كرامتهم، مغيبون عن أهاليهم، ومغيبون عن الدنيا، ومصايرهم مجهولة، إلا حين يقال فلان قتل تحت التعذيب، فلان مات بسبب عدم تزويده بأدوية للمرض الذي يعاني منه.. لا يجوز يا جماعة السكوت عن هذه الملهاة، وهذه المأساة الإنسانية.. ينبغي رفع أصواتنا: الكل مقابل الكل.. لكي يعود كل أسير ومعتقل ومخطف إلى عائلته، قبل عيد الأضحى هذه السنة.
ينبغي ممارسة شتى واقصى الضغوط الممكنة، على الجماعة الحوثية لكي تقبل بما قبلت به حكومة الرئيس هادي، وما تطالب به أطراف الحرب الأخرى: الكل مقابل الكل.
دون ذلك ستظل الجماعة الحوثية تساوم بمصائر الأسرى والمخطوفين والمعتقلين السياسيين، من أجل تحقيق مآرب سياسية.. ولا ينبغي لحكومة الرئيس هادي القبول بصفقات انفرادية، مع الجماعة الحوثية، فذلك يغريها على الابتعاد أكثر فأكثر عن: الكل مقابل الكل، والتجربة الماضية شاهد على ذلك.
ففي شهر يناير من هذا العام رعت الأمم المتحدة اجتماع اللجنة الثنائية المعنية بتنفيذ الجزء الثاني من اتفاق تبادل الأسرى الذي وقع عليه ممثلو الطرفين أوائل عام 2020 في عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية.. الاجتماع الأخير الذي عقد في شهر يناير من هذا العام انفض يوم 21 فبراير الماضي، أي بعد نحو شهر، ولكن دون إحراز أي تقدم في ملف الأسرى.
وما نعرفه حتى الآن عن الجزء الثاني من الاتفاق، أنه يقضي بالإفراج عن 300 أسير من الطرفين (مائتين أسير من الجماعة الحوثية: 150 من مارب، و50 من الساحل الغربي والجنوب)، وبالمقابل تفرج الجماعة الحوثية عن شقيق الرئيس هادي، وهو الأسير اللواء ناصر منصور هادي، ومائة أسير آخر من القوات الحكومية.. أي كان يتعين أن تفرج الحكومة عن 100 مقابل 100، ومائة أسير مقابل أسير واحد هو اللواء ناصر من منصور.. لكن اجتماعات اللجنة الثنائية انتهت دون أي اتفاق نهائي، بينما كان المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيثس قد طلب في البداية من ممثلي الطرفين مناقشة الأسماء والاتفاق عليها، وتمنى عليهم أن يتفقوا على تبادل عدد من الأسرى أكثر مما هو في الاتفاق المذكور، وفاءً بالتزاماتهما بموجب اتفاق ستوكهولم.
بعد فشل مهمة ممثلي الطرفين، قال ماجد فضائل- و أحد ممثلي الحكومة في اللجنة- : رغم التنازلات التي قدمها الوفد الحكومي، فإن مليشيا الحوثي مستمرة في تعنتها، وترفض مبادلة الصحافيين، طلبت منا مبادلة أشخاص لا وجود لأسمائهم عندنا، وربما قد قتلوا في جبهات القتال أو أنهم الأسماء وهمية.. هذا القول قريب جدا من حقيقة ما جرى في اجتماع عمان، فقد ذكر لنا أحد أعضاء الوفد الحكومي أن رئيس فريق الجماعة الحوثية في اللجنة الثنائية عبد القادر المرتضى لم يوافق على معظم الاسماء التي قدمها ممثلو الحكومة، وطلب اسماء معينة لأسباب سلالية، كما لم يقبل ممثلو الجماعة الحوثية اسماء الأسرى القبيليين، وقال لا نريد المبادلة باسرانا في مأرب، فسوف نحررهم نحن بطريقتنا.. وحاول وفد الجماعة التفاوض مع بعض ممثلي الحكومة حول صفقات تبادل خاصة خلافا لما يجري البحث فيه رسميا، حسب ما ذكر مصدرنا، والذي قال أيضا إن ممثل الجماعة طلب اسماء اشخاص قتلوا أو فقدوا في العام 2015، أثناء اجتياح ميليشيا الجماعة لعدن على ما يبدو.. وعند محاولة توسيع قائمة التبادل ليصل عدد الأسرى المتعين الافراج عنهم إلى 1700أسير، ويشمل معظم الاسرى والشخصيات المهمة لدى الطرفين(الف أسير حوثي مقابل 700 ) رفض ممثل الجماعة هذا العرض، وطالب بإطلاق 1500 مقابل 700، بذريعة أن الجماعة والحكومة قد توصلتا -عبر وساطات محلية- إلى صفقات تبادل، وأن الجماعة أفرجت عن مئات الأسرى، مقابل عدد قليل من أسراها لدى القوات الحكومية، وهذا يكشف لنا تبعات الصفقات الانفرادية.