شهادات مُفزعة بوقائع تعذيب لأسرى لواء الفتح في سجون الحوثيين

  • الحديدة، "الساحل الغربي"، ماجد الحيلة:
  • 07:55 2020/11/07

من منا لا يعرف منتسبي لواء حرس الحدود الذين سلّموا أنفسهم لمليشيا الحوثي في منطقة كتاف الحدودية قبل ما يقارب العام، ظناً منهم أن الحوثي سيطبطب عليهم ويمسح على رؤوسهم ويقول لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء.
 
يعاني المئات من أسرى لواء الفتح جراء ما يلاقونه من إذلال وتعذيب وامتهان داخل سجون مليشيا الحوثي.
 
ففي سابقة خطيرة تضاف إلى سجل جرائم ووحشية المليشيا في التعامل مع معتقليها وأسراها؛ أقدمت مليشيا الحوثي على تصفية بعض الأسرى من لواء الفتح الحدودي وتعذيب البقية، والذين لا يزال يقبع معظمهم حالياً داخل سجن معسكر الأمن المركزي بصنعاء.
 
وبحسب شهادة بعض الأسرى المفرج عنهم مؤخراً ضمن "اتفاقية سويسرا"، أفادوا أن مليشيا الحوثي تتعامل مع أفراد حرس الحدود الذين سلموا أنفسهم بانتقام وحقد شديدين.
 
الأسير طارق محمد سعيد السنيد، أحد الأسرى الذين تم تحريرهم من سجون الحوثيين، يروي تفاصيل بعض مما تعرض له وما يحدث لأفراد لواء الفتح، يقول: "تعرضنا للتعذيب بطرق وحشية، لكن معاناة أسرى لواء الفتح تفوق الجحيم بكثير، عندما كنا نرى ما يتعرض له أسرى لواء الفتح من امتهان وتعذيب وعقاب جماعي وفردي، كنا نرتعب، ونصاب بخيبة كبيرة وعجز، لأننا غير قادرين على مساعدتهم أو التخفيف عنهم؛ بسبب القيود والتعليمات المفروضة علينا من قبل المليشيا بعدم الاحتكاك أو الكلام مع أي أسير من أسرى لواء الفتح الحدودي".
 
ووفق "السنيد": "توفي من لواء الفتح الاسير دارس مرشد عبدالله الحوشبي بتاريخ 16/7/2020م، كان مشلولاً بشكل كلي إثر إصابته برصاصة في رأسه أثناء المعركة، وتم أسره وهو جريح.. أهملته المليشا تماماً لدرجة أنه كان يجلس أياماً طويلة لا يجد من يأخذة للحمام فيضطر أن يقضي حاجته في مكانه، فتوفي بسبب الإهمال".
 
ويضيف: "توفي أيضاً الأسير "معاذ الأصنج" من أبناء شرعب محافظة تعز، أحد أسرى جبهة نهم، وكان هو الآخر جريحاً، توفي يوم 22 رمضان الفائت؛ بسبب الإهمال والتعذيب، حيث قامت المليشيا بتعذيبه بدلاً من معالجته، فتوفي إثر ذلك".
 
وعن وضع الجرحى من الأسرى؟ قال طارق: "هناك جرحى من زملائي مهملون في الأسر إلى الآن لم تقم المليشيا بعلاجهم، منهم يحيى اليوسفي، مصاب بطلق ناري بالكتف، تسببت إصابته بشل يده بالكامل، أهملته المليشيا ولم تقم بعلاجه ولا يزال يعاني إلى اليوم مثلما هو جريح وأسير".
 
المليشيا تخدع الأسرى
 
وتحدث طارق محاولاً شرح وتوصيف بعض من أساليب المليشيا المتخذة تجاه الأسرى: "كانوا يأتون بطاقم قناة المسيرة، ويخرجون أحد الأسرى الجرحى، ويدخلونه غرفة مرتبة ونظيفة فيها مكيف وسرير به أجهزة طبية وبجانبه كراتين تمر وبسكويت وعصيرات، ويأتون بدكتور يقول للجريح: أنا دكتورك الذي سيعالجك، ويوهمون الأسير أنهم سيعالجونه ويعتنون به، فيأتي طاقم قناتهم الشيطانية (المسيرة) ويجرون مع الأسير مقابلة ويصوروا معه على أنه يتم الاعتناء به، وبمجرد انتهاء التصوير يعيدون الأسير فوراً إلى العنبر وهم يتهامسون ويضحكون بسخرية على الأسير أثناء اقتياده إلى العنبر. وهكذا!!".
 
وبحسب "السنيد" فإن مليشيا الحوثي دائماً "تعمد إلى جعل البعض من أسرى لواء الفتح يقومون بتنظيف حمامات مشرفي السجن والطبخ لعناصر المليشيا الذين يحرسون السجن".
 
معاناة أهالي الأسرى
 
يروي طارق عن بعض معاناة أهالي الأسرى فيقول: "بعد ثمانية أشهر من الأسر سمحت المليشيا للبعض منا الاتصال بأقاربنا مرة واحدة فقط لمدة لا تزيد عن خمس دقائق لكل أسير، وهناك أسرى كثر لم تسمح لهم المليشيا بالاتصال حتى الآن".
 
شاهد عيان آخر، وهو أسير تم تحريره ضمن صفقة التبادل الأخيرة "فخر الدين عبده غانم الحميري"، من أبناء مديرية القفر -محافظة إب- قص علينا بعض تفاصيل ما حدث مع أسرى لواء الفتح أثناء فترة أسره، يقول: "عندما أتت المليشيا بأسرى لواء الفتح الحدودي، سمعنا الأسرى يرددون صرخة المليشيا داخل ميدان سجن معسكر الأمن المركزي، وعندما سألناهم عن سبب ترديدهم صرخات المليشيا قالوا: اعتقدنا أن ذلك سيشفع لنا عند المليشيا أن أظهرنا لها نوعاً من الرضا، فكانت النتيجة أن زجت بنا في السجن وتم توزيعنا على العنابر، والآن نتعرض للإذلال والإهانة التي لم يتعرض لها أي إنسان".
 
وعن الترهيب الذي يتعرض له الأسرى يصف "فخر الدين" بعضاً من طرق تعامل المليشيا: "اقتحموا عنابر الأسرى عدة مرات ورموا علينا قنابل مسيلة للدموع، وبعض العنابر أثناء الاقتحام كانوا يطلقون الرصاص الحي علينا وأصيب البعض منا، وكان أفراد من تسميها المليشيا قوات مكافحة الشغب يحملون عصياً كهربائية أثناء كل اقتحام، وأيضاً ضخ الماء علينا بضغط عالٍ فتمتلئ العنابر بالمياه، مما كان يجعل العنبر يتعفن، فيمرض الكثير منا على إثر ذلك".
 
أما "هائل حملة" وهو أحد الاسرى المفرج عنهم أيضاً فقد وجه أثناء الإدلاء بشهادته عن فترة الأسر، رسالة للأبطال الذين يواجهون مليشيا الحوثي في الجبهات، فقال: "أنصح كل من يقاتل مليشيا الحوثي أن يقتل نفسه ولا يسلم للمليشيا، لأن الحوثة لا عهد لهم ولا ذمة وكل همهم إذلال اليمنيين وتركيعهم وما حدث لأفراد لواء الفتح الذين سلموا أنفسهم خير دليل".
 
وحسب تصريحات الأسرى المحررين، قالوا إن المليشيا لم تكن تطعمهم، وفي حال قدمت لهم الطعام، فإنها تقدم لهم ما لا تأكله حتى الحيوانات، حسب وصفهم.
 
كما أن أهالي الأسرى هم من يرسلون لذويهم قيمة المأكل والملبس من خلال جعل أقارب الأسرى يتواصلون بحراسة المعتقل، فيقوم الأهالي بإرسال مبالغ مبالية لأفراد المليشيا بين كل فترة وأخرى وهم بدورهم يشترون بها الأكل والشرب للمعتقلين، ولا يسلمون للمعتقل أو الأسير أي مبلغ مالي، فتبقى تلك الأموال بيد أفراد المليشيا الجاثمين على صدور الأسرى والمعتقلين طوال فترة الاسر.
 
هذا وقد أعلن المركز الإعلامي التابع للواء الفتح في وقت سابق عن وفاة بعض أفراد اللواء من الأسرى لدى مليشيا الحوثي، منهم من كانوا جرحى أثناء الأسر فتوفوا جراء إهمال المليشيا لهم، أو بسبب المعاملة الوحشية التي يلقونها داخل سجون مليشيا الحوثي فتؤدي بهم إلى الوفاة.
 
وفي وقت سابق، ساهم الصليب الأحمر الدولي وعدد من المنظمات الحقوقية بالضغط على مليشيا الحوثي، فتم إطلاق سراح 64 أسيراً، من بين 656 من أسرى لواء الفتح، ولا يزال البقية منهم تحت الأسر بداخل سجن معسكر الأمن المركزي بصنعاء حتى اللحظة.

ذات صلة