صادروا حرية الرأي وقمعوا الصحافة بلائحة خاصة

01:13 2021/05/03

نتوقع من الكتاب والصحافيين عدم السماح بمرور اليوم العالمي لحرية الصحافة، دون إثارة حالات الانتهاك التي استهدفتهم، واستهدفت وسائل الإعلام التي يعملون فيها، سواء أكان مصدر الانتهاك الحكومة اليمنية، أو الجماعة الحوثية.. وبدورنا سوف نتناول في هذا المقال جريمة مسكوت عنها، على الرغم من خطرها المحقق على حرية الرأي، وحرية الصحافة.
 
هذه الجريمة هي لائحة تنظيم الإعلام الألكتروني، التي وضعها أحمد حامد وزير إعلام الجماعة الحوثية أواخر العام 2017، ودخلت حيز التنفيذ منذ أصدرها حامد بقرار من عنده، على الرغم من معارضة المؤتمر الشعبي العام، وعلى الرغم  من الاعتراض الوجيه الذي أبداه مجلس النواب في حينه، حيث قال إن وضع وإصدار مثل هذا التشريع ليس من صلاحية وزير الإعلام، كما أن نصوص اللائحة تتعارض مع مبادئ الدستور ونصوص قانون الصحافة والمطبوعات، وسيؤدي تطبيقها إلى تجريم حرية الرأي، وإلى إغلاق معظم الصحف والمواقع الإلكترونية..
 
لقد أدى تطبيق الحوثيين بعض نصوصها إلى نفس الجرائم التي حذر منها المؤتمر الشعبي العام، والتي بسببها رفض مجلس النواب تلك اللائحة.. ولعل الذين لاحظوا انخفاض أعداد الصحف الألكترونية وتدني مستواها في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية لم يدركوا السبب الحقيقي لذلك الانخفاض.. بسبب تلك اللائحة ترك معظم الصحافيين العاصمة صنعاء، واغلقوا صحفهم أو نقلوها إلى أماكن بعيدة.. ويعود لتلك اللائحة جزء كبير من أسباب انتهاك حقوق الصحافيين والكتاب، وإغلاق المواقع الألكترونية، فلم يتبق سوى تلك التي تتبع الجماعة الحوثية، وتلك التي قبلت الخضوع للسياسة الإعلامية للجماعة، وللإجراءات التي فرضتها بموجب تلك اللائحة.. ومن الحري الإشارة هنا أن اللائحة تقرر أن(الإدارة المختصة والإدارات النمطية) تتمتع بصلاحية وضع أليات وإجراءات تنظيم الصحافة الألكترونية! وحري أيضا التذكير  بأن أحمد حامد كان المسئول عن الجهاز الإعلامي الخاص بالجماعة قبل استيلائها على السلطة،  كما كان هذا المتخرج من قسم اللغة العربية المسئول الأول عن الإعلام الحربي للجماعة منذ بداية تمردها على الدولة في العام 2004.
 
على سبيل المثال، لا الحصر:
 
تضمنت المواد12- 19من تلك اللائحة ما يلي: (الإدارة المختصة والإدارات النمطية) في وزارة الإعلام وفروعها، تملك صلاحية النزول الميداني لمكاتب الصحف الألكترونية، بغية المراجعة والتفتيش والتنظيم.. والقيام بما يراه الوزير أيضا.. وتوجب على رؤساء ومديري الصحافة الألكترونية تقديم معلومات مفصلة عن نوعية الأعمال والبرامج التي تقدمها، وأن يتحمل المدير مسؤولية ما ينشره أو يعرضه أو يبثه الموقع الاخباري، ومسئول أيضا عن ما يكتبه الكتاب، وعن الأخبار والكتابات المنقولة من وسائل إعلام ومصادر أخرى..
 
وبموجبها أيضا يمتلك وزير الإعلام حق إصدار قرار بحجب أو منع نشر أو عرض أوبث أي مواد أو أعمال أو أنشطة للموقع أو للصحيفة الألكترونية تخالف اللائحة  والنماذج المرفقة بها.. وأن يودع مدير الموقع أو الصحيفة ثلاث نسخ من أعمال وأنشطة الصحيفة لدى (الإدارة المختصة في الوزارة)، ويودع (خمس نسخ للمكتبة الوطنية)، وإذا أحدث نافذه جديدة في الموقع عليه ان يبلغ الوزارة بذلك قبل فتح النافذة الجديدة.. هكذا، بينما الصحافة الألكترونية مفتوحة أمام أي مطالع، أكان في العمل أم في البيت أم في الخلاء، فتصور نفسك رئيس تحرير صحيفة ألكترونية مشغول بإعداد ثمان نسخ من كل مقال، وثمان من كل خبر، وتحقيق، وفيديو وصورة، وتويتر، وفيسبوك، ثم تذهب إلى وزارة الإعلام لتودع ثلاث، ثم  تذهب إلى المكتبة الوطنية لتودع الخمس الأخرى!
 
والمكتبة الوطنية المذكورة في اللائحة لا وجود لها أصلا، لكن سنحسن الظن ونقول أن حامدا ربما أراد دار الكتب..
 
وفي تلك اللائحة يشترط في مدير الموقع أن يكون يمنيا حاصلاً على (مؤهل دراسي من كلية أو معهد)، هكذا، دون تحديد المؤهل أونوع الكلية والمعهد..هل شهادة ثانوية أم جامعية، أم دبلوم؟ وهل المعهد أو الكلية إعلام أم زراعة أم بيطرة.. على أن هذه الألفاظ العمومية مقصودة، لأنها تتيح للجماعة الحوثية القيام بعمل إعلامي دون إعلاميين متخصصين.. بقي لنا التذكير أن اللائحة منحت الإدارة المختصة في وزارة الإعلام سلطة النظر في المنازعات التي قد تنشأ بين إدارة الصحيفة والعاملين فيها، لتسلب صلاحية القضاء، وتعطل قانون الصحافة وقانون العمل.