"قاسم".. فلَّاح سبعيني سرق الحوثيون حياة ولده الجامعي بقذيفة

  • تعز، الساحل الغربي، كتب/ محمد التميمي:
  • 03:33 2021/03/22

بحرقة شديدة توحي بوجع ملازم وجرح لم يندمل في أعماقه، يقول قاسم: "تحمّلت الفقر والمعاناة وشظف العيش وقسوة الظروف سنوات طويلة، لكني لم أقوَ على تحمل فقدان ولدي بضع سنين. المليشيا الحوثية لم تقتل ولدي وحسب، بل قتلت آخر الآمال في قلبي، وضاعفت الأوجاع ودمرت حياتي النفسية والمعيشية".
 
ما بين سندان الفقر ومطرقة الفقدان، يعيش قاسم منذ سنوات، بعد أن فقد ولده الذي بذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق حلمه في مواصلة دراساته العليا التي حالت المليشيا الحوثية بينها وبين ولده المجتهد والطموح.
 
قاسم محمد قاسم (72 عاماً) من أهالي مديرية سامع، جنوبي شرق محافظة تعز، أحد ضحايا جرائم مليشيا الحوثي التي توزع الأحزان على المواطنين اليمنيين في كل المناطق التي سيطرت وتسيطر عليها في عدد من المحافظات اليمنية، لكن ما فعلته المليشيا في قلب قاسم خلف حزناً دائماً ووجعاً يتجدد فيه كل يوم.
 
منذ استشهاد عبدالعزيز (28عاماً) قبل سنوات، متأثراً بجراحه التي أصيب بها جراء إطلاق مليشيا الحوثي قذيفة على أحد الأحياء السكنية المجاورة لجبل جرة وسط مدينة تعز، لم يفارق الدمع يوماً عيني والده قاسم، فولده لم يفارق ذاكرته، يتذكره كل يوم سواءً من خلال ذكرياته في المنزل وخارجه أو من خلال الحديث عنه والدعاء له، فما يفتأ يتذكره أو يتحدث عنه أو يدعو له إلا ويستبق الدمع ذلك.
 
ظل قاسم أشهراً ينوح على ولده بعد استشهاده حتى ظن الناس أنه فقد عقله
ظل قاسم أشهراً ينوح على ولده بعد استشهاده حتى ظن الناس أنه فقد عقله
 
قاسم، فلاح صغير من فئة الكادحين، يعيش ظروفاً معيشية صعبة في منزل متواضع، ورغم أنه طاعن في السن، إلا أنه يبذل قصارى جهده في العمل الزراعي من أجل توفير قوت عائلته، يسهر الليالي في سقي شجرة القات، مصدر دخله الوحيد والتي لا تسدد نفقات أسرته، لا سيما بعد استشهاد ولده الذي كان يساعده في ذلك تارة في الزراعة وتارة أخرى في العمل في المدن التي كان يتنقل إليها من عدن إلى صنعاء إلى الضالع والحديدة، من أجل مواصلة دراسته في جامعة تعز التي تخرج منها بشهادة بكالوريوس في مجال الأحياء بتقدير جيد جداً عام 2009، مواصلاً دراسته لنيل شهادة الكفاءة في اللغة الانجليزية (التوفل) ليتسنى له مواصلة الدراسات العليا، لكن مليشيا الجهل الكهنوتية قتلت روح العلم في جسد عبدالعزيز قبل تحقيق حلمه.
 
لقد ظل قاسم أشهراً ينوح على ولده بعد استشهاده حتى ظن الناس أنه فقد عقله، لم يقوَ على كبت وجعه فكان يصيح بأعلى صوته المملوء بالحشرجات والمبحوح بالوجع من شباك منزله منادياُ ولده عبدالعزيز المدفون في المقبرة المجاورة لقريته، تارة يدعو له وتارة يتأوه على فراقه.
 
مثلما تفعل المليشيا في قلوب آباء وأمهات الضحايا، تفعل في قلوب الأبناء والأزواج، مخلفة أوجاعاً لا تُنسى وظروفاً معيشية لا تمحى من ذاكرة أقارب الضحايا.

ذات صلة