تعز.. وضع إنساني متفاقم وإغاثة تباع في الأسواق - (تحقيق إستقصائي)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/04/22

تعز – خاص منبر المقاومة – عبدالصمد القاضي: تعتمد نسبة كبيرة من سكان اليمن غذائياً على ما يقدمه برنامج الغذاء العالمي ومراكز ومنظمات الإغاثة الدولية المختلفة حيث أن أغلبية الأسر تعتمد بشكل كلي على المساعدات الإنسانية العاجلة وبلغ نسبة المحتاجين للمساعدات 85% من سكان اليمن بما في ذلك المساعدات الصحية على حد سواء منذ انقلاب مليشيات الحوثي، حيث اضحت المنظمات العالمية مصدر أساسي لمعظم الأسر المعدمه خصوصاً بعد فقدان الأكثرية من أرباب الأسر مصادر دخلهم وأعمالهم باليمن عامه وتعز على وجه الخصوص تلك المدينة الواقعه بين حيطان الحصار الإجرامي وقذائف المليشيات الدموية بين الحين والآخر لتضع المواطن اليمني بين سندان المليشيات ومطرقة سلطة الأمر الواقع.
 
الكثير من المواطنين اصبحت الأعمال الإغاثية والإنسانية قوتهم الوحيد لتتصدر المنظمات الدولية وبرنامج الغذاء قائمة الأخبار وصدى الشارع التعزي، فخبر موعد الصرف ومراكز الصرف عنوان يهم كل المواطنين واملهم المنشود بعد أن ضاق بهم الحال إضافة الى ذلك يشكو الجميع من غياب المساعدات الطبية المعلن عنها عبر الضجيج الاعلامي والمختفية على أرض الواقع في مختلف المرافق الصحية لتضاعف معاناة المواطنين المرهونين صحياً وغذائياً للمساعدات الطارئة، لكن كثير من المستحقين خصوصاً المهجرين قسراً من منازلهم بسبب الحرب تسقط أسمائهم مراراً وتكراراً. سلمى محمد راجح ( 45 ) عاماً تعيل أسرة من ثلاثة أطفال جميعهم يعانون من إعاقات خلقية مزمنة أجبرتهم مليشيات الحوثي على ترك منزلهم بمنطقة تبيشعة التابعة لمديرية جبل حبشي بعدما أصبحت مربع للموت وحقل الغام للمليشيا لتهجر وتسكن في دكان صغير بحي الضبوعة وسط مدينة تعز، بحرقة قلب حكت قصتها لمحرر "منبر المقاومة" حيث تدخل عامها الخامس منذ تهجيرها ولم تحصل على مساعدات غذائية إلا لمرة واحدة عقب نزوحها بشهر لا دواء ولا غذاء ولا مأوى، غابت عنهم العدسات الاعلامية وتجاهلهم مندوبي المنطقة لنبادر بسؤالها عن عدم اضافتها لكشف المستحقين لترد والحزن يسكن روحها: لا ادري ما الاسباب فكل مسؤول يحولني الى آخر وأرجع بيدي فارغة، وقد وعدوني الكثير بنزول لجنة لدراسة حالتي واضافتي ونزلت لجنة واضافت أسماء أطفالي وصوروا المكان والأطفال وسجلوا في كشوفاتهم وقالوا عند التوزيع أذهب للمركز وأخذ نصيبي لكن جاء موعد التوزيع وذهبت ولم أجد أسمي!! وأكد مندوب الحي الاستاذ نجيب الشرعبي لمحرر "منبر المقاومة" أنه قام بدوره بإضافتها أكثر من مرة لكشف المستحقين لكنه يتفاجأ هو الآخر بسقوط أسماء من كشف الإغاثية ولا يدري ماهي الأسباب حسب قوله. شلل الجانب الصحي الجانب الصحي هو الآخر أصيب بالشلل بفعل أيادٍ خفية لها القدرة على إدارة شبكة الفساد حيث اتضح مؤخرا أن الاغذية المعروفة بالغذاء التكميلي والتي تصرف مجانا للأطفال والحوامل عبر مراكز صحية معتمدة بالمدينة بها شحة كبيرة أمام غزارة تلك المواد بالأسواق التجارية ومسالخ الدجاج على وجه الخصوص مع ارتفاع نسبة إصابة الأطفال بسوء التغذية وامراض طفولة قاتلة يعاني منها 30% من سكان المدينة أمام تردي الخدمات الصحية المكفولة من منظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود ومن خلال جولة ميدانية للمراكز الطبية المجانية نجد تجاهل متعمد للحالات الإنسانية العاجلة وفرض رسوم علاجية رغم أن النفقات معتمدة من المنظمات. كان مستشفى السويدي للأمومة والطفولة أبرز المراكز المكتضة بالأمراض والمختص بالاطفال دون سن الخامسة عشرة والمعتمد بشكل رئيسي من منظمة أطباء بلا حدود ومنظمات أخرى لنلتقي بالدكتور عبدالقوي المخلافي رئيس قسم التغذية والذي بدوره قال لمحرر "منبر المقاومة": إن 15% من أطفال المدينة يعانون من سوء التغذية نتيجة غياب الرعاية الصحية وغياب الدور الرقابي على المراكز الصحية إضافة إلى شحة الإمكانيات رغم تصريح المنظمة التى اعتمدت مليار دولار خلال العامين 2018-2019 تصرف للجانب الصحي ولم نرى إلا أقل القليل وصل إلينا من نفقات تشغيلية للمستشفى. من جهته رد فؤاد الحداد مدير المستشفى معلقاً بشأن مواد الغذاء التكميلي أنه يستلم خلال الشهر الواحد عدد قليل لا يتجاوز 200 كيس خاص بالحوامل و100 كرتون تغذية خاصة بالأطفال وكل ذلك لم يوف بالغرض ومستغرباً بشأن توفره وبكثرة في مسالخ الدكان متهماً بعض الأسر ببيعها لكنها لم تكن بذلك القدر حسب شكوى صادرة من منظمة الصحة العالمية. تعليق معظم الأنشطة الإنسانية بالمدينة لم تكن الفجوة الكبيرة في تسيير الأنشطة الإنسانية سبب لنفور العديد من المنظمات بل غياب الحماية الأمنية وتجاهل للمسؤولية أجبرت الكثير من المنظمات الدولية تعليق أنشطتها بالمدينة مما آثر سلباً على حياة المواطنين وتضاعف المعاناة المستمرة. فمنظمة "مرسي كور" والصليب الاحمر وتمدين شباب وغيرها من المنظمات الدولية سبق لها أن علقت كافة الأنشطة الإنسانية بالمدينة نتيجة لانكشاف قضايا فساد أو اعتداءات متكررة لموظفيها لتعلن مؤخراً منظمة أطباء بلا حدود تعليق عملها بمستشفى الثورة لأسباب عده صرحت بها المنظمة في بيان لها نشرته على موقعها الإلكتروني حيث رصدت أكثر من 40 اعتداء مسلح على المرفق الصحية مابين 2018- 2020. هاشم أحد العاملين في مستشفى الثورة قال لـ"منبر المقاومة": خلال فترة وقوع سلسلة من الحوادث المروعة بشكل خاص، حيث قام مسلحون بقتل مرضى يتلقون الرعاية الطبية داخل المستشفى، في أكتوبر/تشرين الأول 2019 وأخرى في يناير/كانون الثاني 2020. وقد أدت مثل هذه الهجمات إلى تعليق أنشطة أطباء بلا حدود عدة مرات، واتخاذ إدارة مستشفى الثورة قرارات بإغلاق أقسام المستشفيات، ما يحول دون وصول السكان للرعاية الطبية التي تشتد حاجتهم إليها إضافة إلى شكاوى المواطنين من عملية احتيال يقوم بها القائمين على المستشفى من خلال فرض رسوم علاجية رغم مجانية التكاليف خاصة تكاليف العمليات الجراحية الحرجة. يقول مصطفى نصر، رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، أن هناك قصور في عمل المؤسسات الرقابية وتحول في أحيان كثيرة إلى ابتزاز وتبادل مصالح، حيث كان يكفي أن تكشف حالة فساد واحدة كي يتم التحقيق فيها، ولكن هناك هشاشة وضعف كبير في أداء المؤسسات الحكومية التي قد تتفق على صفقات مشتركة مع هذه المنظمات. وتقول المنظمات الدولية أنها تتعاقد مع منظمات للرقابة على عملها في البلدان التي تعمل فيها لكن وللأسف لم نرى أي تطبيق عملي لذلك في بلد يستحوذ على الجانب الأكبر من أعمال المنظمات الدولية في العالم خلال السنوات الأخيرة: "على العكس، يتم التغطية على فضائح من هذا النوع أحيانًا، بطريقة تحمي مصالح المنظمات العاملة في اليمن، والتي من المفترض أن تتم الرقابة عليها بشكل مباشر". وثائق سرية تكشف عمليات فساد.. سرب مسؤول بالسلطة المحلية بالمحافظة عن مذكره رسمية صادرة من منظمة الصحة العالمية إلى ديوان المحافظة تثير تساؤلها عن صحة بيع مواد خاصة بالتغذية التكميلية لمسالخ تعز مع حرص شديد من عدم تسريب تلك الوثيقة التى تعتبر برهان عن منظومة فساد متكاملة الأركان تتاجر بمعاناة المحتاجين بالمدينة وقد سبق أن رفعت منظمة أطباء بلا حدود شكوى لمكتب الصحة تحت إشراف وكيل المحافظة للشؤون الصحية الدكتورة ايلان عبدالحق متساءلين عن حقيقة شكاوى المواطنين من فرض رسوم علاجية في مراكز صحية مختلفة بالمدينة ومستشفى الثورة على وجه الخصوص. أما بالجانب الاغاثي الغذائي فخلال اجتماع ممثلي المنظمات مع السلطة المحلية بالمحافظة بشأن استبدال المواد الغذائية بنقود مالية تدفع عبر مركز صرف للمستفيدين للتقليل من ظاهرة المتاجرة بحقوق المحتاجين حسب الشكاوى الواردة للجهات المعنية، وتم اتفاقهم على دراسة آلية لتنفيذها على مستوى المحافظة ككل. سند راوح منسق منظمات المجتمع المدني صرح لنا أن كمية المواد الغذائية والصحية والمتواجدة بالاسواق التجارية معظمها يقوم المستفيدين أنفسهم ببيعها بمقابل مالي بسيط قد يكون هناك دوافع اجبرتهم على ذلك وأن اللجنة الرقابية والاشرافية بالمحافظة تباشر نزولها الميداني للرقابة على صرف الإغاثة للمستفيدين وتحذيرهم من بيع السلل الغذائية الخاص بهم لكنهم يرفضون التعليمات الورادهةة لهم. ويضيف: هناك مندوبين بالاحياء السكنية يقومون بتسجيل وإضافة اكثر من شخص بنفس الأسرة مع تغاضي لجنة المسح الميداني ونحن على علم بكل الحالات التى رصدت وقد شكلنا لجان فرعية ووضع آلية لاستبدال الاسماء الازدواجية بأسر مستحقه ولم ترفع أسمائهم إضافة لذلك أن نسبة المستفيدين وسط المدينة يبلغ 60% من سكانها وهناك جزء صغير لم تصل إليهم المساعدات. أما من ناحية أن هناك لجان ترصد وتسجل حالة ولم يتم تسليمهم مستحقاتهم نؤكد أن هناك مبادرات وشبكات تخدم نفسها باستغلال الحالات الإنسانية وتقوم بوعد الأسر بأنهم جهة اغاثية مع ذلك لم تمد لهم صله بالأعمال الإغاثية بستثنى حالات شاذة لم تضاف إلى كشوفات المستحقين بعد. يشير وكيل أول المحافظة الدكتور عبدالقوي المخلافي، بعد أن رفض معظم وكلاء المحافظة التصريح بشأن الضجيج الاعلامي الخاص بشكاوي المنظمات والمستفيدين على حد سواء، حيث قال إن السلطة المحلية بالمحافظة لم تكن سوى جهة رقابية لتسيير الأعمال الإنسانية من مساعدات غذائية وصحية وما حدث بالماضي في المجال الصحي ونفور بعض المنظمات من المدينة كانت نتيجة تقصير بالجانب الأمني نتيجة الاختلالات الأمنية التى شهدتها المدينة من انفلات أمني تقوم به عناصر خارجة عن القانون حسب تعبيره ولا استطيع ان انفي أو أثبت بشأن الشكاوي الصادرة من المستفيدين وبعض المرافق الصحية كتهرب من المسؤولية محملاً اللجنة الرقابية مسؤولية ذلك وهي المخولة القيام بدورها واننا في اجتماعات متكررة مع معظم المنظمات ودشنا عددا من المشاريع القادمة كما ندعوا الى عودة من جمدوا أعمالهم وانشطتهم بعد السيطرة على الوضع الأمني. نموت بشظايا قذيفة او جوعاً أو مرضا، هكذا اختتمت سلمى حديثها معبرة عن حال الكثير من الذين حرموا حق الحصول على مساعدات إنسانية عاجلة للتقليل من المعاناة نتيجة الوضع الكارثي باليمن ككل.
 

ذات صلة