في الذكرى الثامنة لرحيله: محمد مرشد ناجي.. موسوعة الفن والغناء اليمني
- سعاد العلس
- 02:55 2021/02/08
ثمة أرواح وإن غابت عنا يظل شعاعها ممتداً فينا يرسم ملامح زمن مختلج بكل صنوف الجمال.
لأكتب عنه أحتاج إلى أزميل ينحت في جدار اللغة / أحتاج لاستعارة كلمات من زمن الدفء والإبداع، زمن جزائره الخضراء تتبدى حاضرة في ألحانه وأغانيه وكلماته ـ ذاك الزمن الذي شهد أجمل اختلاف مؤتلف لمناطق عدن.
فكان رافداً للإبداع حين تحزّب سكان الشيخ عثمان لتشجيع المرشدي بموازاة مشجعي الفنان العملاق أحمد قاسم من كريتر وبقية المناطق، ذلك التنافس الذي أسفر عن رائعة "مش مصدق" التي ما زالت كلماتها وألحانها تدندن في أسماعنا اليوم ونحن نتكئ وقت العطر والدفء. كم وقعنا في مأزق الحيرة ونحن نفاضل إلى أيهنّ نميل؟ والذائقة حيرى والعاطفة ملتهبة للانحياز تشعل ثورة فنية ظلّت هامدة تحت رماد ماض لم تفلح دمعة الحاضر في إطفائها.
تخاله مولودا وبيده ريشة وعود، إن غنّى أطرب وإن قال أبدع، لكن الكتابة عنه ورطة حين تشهر اللغة عجزها عن الفوز بمفردة تهتك بلاهة العبارة حين تصاب بالوجوم.
اقرأ أيضا
أحتاج إلى منجل يتقب في صدر الأيام نستحلب منه عطر بوح الورد للفل في مساجلته الشهيرة (أغنية الفل والورد) تتسرب من أزقة النفس تعبث باختلاجات الجوانح كما شاءت لها الذكريات..
الورد الذي زرعناه قد تصوّح وأدمانا
أبا علي
ذبل الورد وصمت البوح يا سيد الطرب اليمني
وما بقي سوى رسم زمن سكن جدار العين
وأغنية تتعلق بأستار الذائقة
"في بساتين في الجنه فسيــحة وحيطان"
نور ربي عــــــــــطاني
كل عاشق من البصـرة شراني بحمران
في مرش الصــــــياني
وانت يا ورد احمر ليس في الحمر احسان
خلي عنــــــــــك التماني
شوف انا مكتسي طـــول الزمن وانت عريان
فوقك الشـوك باني
والشعب الذي غنيته حماسا وثورة
"أنا الشعب
على قبضةِ إصراري
سيفنى كلُّ جبار
ولن يقهر تياري
أنا النصرُ لأحراري"
قد أسقطوه عمدا وكلما سقط نهض من كبوته وانتشت في دمائه صرختك،
"يا بلادي كلما أبصرت شمسان الأبي
شاهقاً في كبرياءٍ حرة لم تغلب
صحت يا للمجد في أسمى معاني الرتب
أبا علي
استطال الدرب
ونفد زاد الصبر"
والفجر الذي نرقبه
غادرتنا سفنه إلى مرافئ الماضي
دون تلويحة وداع
"بكرت غبش"
عاد الصباح ماحنش
قدام ضباب
نصف الطريق مابنش"
وما زلنا نطالع السماء ننتظر كرم غيمة تعيد للحياة اخضرارها
ومابرحنا نأمل بلحظة منتزعة من أضبارة الماضي
نرقب صباحك الموعود أبا علي
"شوق الصباح اشراقته شجونك"
يمحي الغسق يمحي الضباب حنينك
تاج النهار ويعكسه جبينك
الهام احلامي بريق عيونك"
بيْد أن الأحلام صارت على رصيف الإهمال ملقاة، تهتف بهسيس الكلمات
أنا الماضي... تيقظتُ أرى مصرع آلامي
أنا الحاضر، أحلامي على مفرق أيامي
أنا المستقبلُ الزاحفُ في أرضي
أنا الشعب
هذا الشعب قد أصبح بين قوسي (عين تدمع ونفس تتأوه) يتيقظ فقط على ذاكرة تختال بين أنس وطرب هي إرثنا من تلك السنين.
أبا علي
الراحل عنّا المتخلّق زهواً فينا
ثمة تاريخ لايغفو أبداً كنت أنت أهم فصوله في (زمن الفن والطرب)..