"محمد".. أراد تعلُّم الصيد فسرق لغم حوثي قدمه ووالده (فيديو)

  • التحيتا، الساحل الغربي، أنور الشريف:
  • 08:56 2021/01/28

لأشهر عدة ظن محمد أن البحر صديقه الوحيد، وظل يتردد مع والده في رحلات صيد يومية، لتعلم المهنة التي تزاولها أسرته منذ عقود وتعتبرها مصدرها الوحيد للرزق.
 
كان يذهب عند بزوغ الفجر عند كل يوم برفقة والده إلى البحر للاصطياد وطلب الرزق، وكان ذلك عمله الوحيد الذي تكسب منه أسرته قوتها، غادر طفولته كما هي مدرسته، من أجل العمل مع والده لمزاولة مهنة الاصطياد.
 
 
تردُّده اليومي على البحر أكسبه انطباعاً أنه أصبح صديقاً له. ألِفَ المكان والقوارب، وتنقل بينها كمحارب يشق طريقه في مهنة جديدة تتجاوز عمره، وكان ذلك الشعور الذي أحس به من أن البحر الذي يمنحه رزق أسرته هو صديق، دون أن يعلم أن عصابة من أقصى الجبال والكهوف ستأتي على كل شيء وتجعل من شاطئ البحر موتاً آخر تقذف بمرتاديه إلى عالم مجهول وموحش.
 
 
في أحد الأيام وأثناء نزوله من القارب الذي يعمل عليه، وضع أولى خطواته على شاطئ البحر، في قريته القريبة غرب التحيتا، كان حينها سعيداً بوجبة الغداء التي ينتظرها.. إذ كان يحمل معه بضع أسماك طازجة. 
 
كان يحث الخُطى مسرعاً بالعودة إلى منزله، غير إن خطوته التالية كانت خطوة للموت، إذ انفجر به لغم حوثي كان مدفوناً على الشاطئ، فبتر قدمه في الحال. 
 
كان والده -لحظتها- متأخراً عنه ببضعة أمتار، وقد هاله صوت الانفجار العنيف الذي غطت أتربته ابنه الذي يسبقه على الشاطئ. 
 
 
اقترب الأب المفزوع على ابنه وأربكته الحالة التي بدا فيها، لقد كانت المسافة التي تفصله عنه مترين ونصف المتر، عندما انفجر به لغم آخر ليودي بحياته في الحال. 
 
يقول محمد البالغ من العمر عشرين عاماً، كنت عائداً من البحر، متجهاً إلى بيتي الذي يبعد عن الشاطئ بقليل، شعرت بهزة تسري تحت قدمي اليسرى وبعدها لم أشعر بأي شيء إلا بعد ثلاثه أيام وأنا ملقى على السرير بالمستشفى العسكري بالحديدة بحالة تثير الرثى. 
 
 
يضيف، لم أكن أعلم ما الذي جرى لي، وأول اللحظات شاهدت قدمي مبتورة، كانت صدمة عنيفة، وألماً كبيراً يصعب تحمله، لم تكن تلك اللحظات المرعبة من الإدراك لتستمر طويلاً، إذ وصل مسلح حوثي إلى الغرفة التي أرقد بها بالمستشفى وأجبرني على النظر إلى الكاميرا التي يحملها طالباً مني الإقرار في اعتراف انتزع مني أن الانفجار الذي تعرضت له لم يكن لغماً حوثياً، وإنما قذيفة من مخلفات طيران التحالف العربي. 
 
 
كانت الخطوة التي أقدم عليها العنصر الحوثي بغرض إبعاد شبهة التهمة التي تحمل المليشيات الكهنوتية مسؤولية وضع الألغام في طريق المدنيين، وبعدها بيوم علمت أن والدي فقد أيضاً في لغم آخر، كانت صدمة أخرى أتعرض لها وألماً لا يفارقني حتى اليوم.
 
قضى محمد في المستشفى العسكري بالحديدة أشهراً عدة يتلقى العلاج من الجروح الغائرة التي أصيب بها إلى أن شفيت تماماً، لكن عودته خلت من جثة والده إذ كان مصيرها مجهولاً حتى الآن. 
 
 
ما يزال محمد يعاني من تأنيب الضمير لعدم قيامه بدفن والده بالطريقة التي ينبغي لها أن تكون بعدما أمرته مليشيا الحوثية بالمغادرة دونها، كما هو حزين على فقدان قدمه بدون سبب سوى أن مليشيا الموت القادمة من الكهوف أرادت إرسال الموت للسكان المسالمين.

ذات صلة