يستمر العم سعيد في حياكة شباك الصيد: "لا ينتهي الرزق ومهنتك في يديك"

  • المخا، الساحل الغربي، أنور الشريف:
  • 01:57 2020/12/12

■ يذهب فجرًا يخوض البحر للصيد، يعود بعدها يبيع صيده ويكتفي برزقه، وفي مواسم انعدام الصيد ينسج الكثير من الشباك ليبيعها ويستمر بالحياة.
 
على شاطئ البحر، في مدينة المخا، يجلس العم سعيد، ناسج وصانع شباك الصيد، يمد رجليه ويمسك إبرته وخيوطه بكلتا يديه، يجلس في كوخة الصغير ومصنعه اليدوي يغزل الكثير من شباك الصيد المتنوعة والكثير من الأحجام المختلفة، ستجده كل يوم هنا في مكانه هذا ومصنعه الشهير بالمدينة..
 
يعمل ويغني ويتحدث ويحرك كلتا يديه وقدميه ورأسه، وبجانبه يجلس شباب يتعلمون عنه حياكة الشباك، شباب بهم رغبة عارمة لتعلم مهنة الآباء ورزق الأبناء، لا ينتهي الرزق ومهنتك في يديك، هكذا جاء عن آبائنا الذهبين والعائدين كل يوم من البحر والصيد.
 
تقترب من العم سعيد بوجل وخجل وهو في ذروة انشغاله بالعمل والحياكة، يرحب بالجميع، يجلسون بالقرب منه، يبتسم ويتحدث ولا يسكت، يتحدث كثيراً عن الرزق والشباك والأسماك والآباء القدامى. لا يمل العم سعيد من رزقه وسمكاته وشباكه، يغزلها من أكوام خيوط النايلون المصبوغة بـ"صبغة البنى المعروفة في تهامة"، صبغة تحمي الشباك من الملوحة في جوف البحر..
 
يستمر العم سعيد بالنسج والغزل والحياكة والحديث أيضًا، يمرر الإبرة بين الثقوب، يعود بها مجدداً من الناحية المقابلة، وفي ثنايا هذا يتحدث عن حياكة الشباك.. أهم الحرف اليدوية التقليدية التي مارسها الصيادون في تهامة واليمن منذ سنوات طويلة لغاية واحدة لا تتجاوز الرزق وصيد الأسماك، مهنة لم تنته بعد وما زالت واقفة بأكواخها ومصانعها التقليدية الشاهدة على كفاح الآباء ورغبة البشر التهاميين على البقاء والعيش، يمر القليل من الوفت في حضرة العم سعيد ليصبح نسيج الشباك جاهزا ومطويا بحسب ما يريده الزبون، ومن سيشتريها.. 
 
يقول مجيباً على أحد أسئلتي: تحتاج هذه المهنة لجهد وصبر وتحمل، بالرغم من توفر الشباك المتنوعة والتجارية يظل الصياد التهامي محافظاً على الإرث وأصالة صناعة اليد، وهو ما كان يستخدمه الآباء والأجداد.. 
 
 
يضيف في ناحية أخرى: الصياد التهامي لديه إمكانيات بسيطة ومحدودة، لهذا هو غير قادر على شراء شباك كبيرة للصيد الكبير، هي في السوق باهظة السعر، وصناعة الشباك اليدوية تفي بالغرض أيضاً..
 
العم سعيد أو صانع الشباك من مدينة المخا، يقول أيضًا عن الصيد وحياكة الشباك: ليس جميع الصيادين يستطيعون حياكة الشباك، ولكن معظم صانعيها صيادون بالفطرة، الجيل الأخير لم يهتم بالحرفة كثيراً، بقي اهتمامهم واكتفاؤهم بالصيد.. والصيد هنا أهم ما في المدينة.. 
 
يرى العم سعيد أن الصيد بالنسبة له في مقام صناعة الشباك، هو يعمل فيها كلها، يذهب فجرًا يخوض البحر للصيد، يعود بعدها يبيع صيده ويكتفي برزقه، وفي مواسم انعدام الصيد ينسج الكثير من الشباك ليبيعها ويستمر بالحياة، الحياة هنا لا تنقطع ولا تموت ولها إله عظيم وسماء عالية وبحر لا ينتهي من الرزق... 
 
 

ذات صلة