تصاعد الخطر في خليج عدن: تحالف خفي بين الحوثيين وحركة الشباب يعيد القرصنة الصومالية إلى الواجهة
عدن، الساحل الغربي:
11:27 2025/11/04
تشهد مياه خليج عدن والمحيط الهندي عودة مقلقة لشبح القرصنة الصومالية بعد سنوات من الانحسار، في ظل مؤشرات متزايدة على تداخل أمني وتمويلي بين جماعات القرصنة وحركتي الحوثيين في اليمن والشباب الصومالية.
هذا ما حذّرت منه مجلة Lloyd’s List البريطانية - المتخصصة في الشؤون البحرية، في تقرير حديث سلط الضوء على تصاعد الأنشطة المسلحة والتهديدات التي تواجه واحداً من أهم الممرات التجارية في العالم.
في الأسبوع الماضي، حاولت مجموعة مسلحة الصعود إلى ناقلة كيماوية تابعة لشركة ستولت نيلسن قبالة السواحل الصومالية.
ورغم فشل العملية بعد اشتباك الفريق الأمني مع القراصنة، إلا أن الحادثة –وفق المجلة– تشكل إشارة واضحة إلى عودة منسقة لجماعات القرصنة التي يبدو أنها أعادت تنظيم صفوفها بدعم مالي وتسليحي متزايد.
التقارير الاستخباراتية أشارت إلى أن القراصنة يعيدون ترتيب مواقعهم في سواحل نوجال بالصومال، ويجمعون زوارق سريعة وأسطولاً صغيراً تحضيراً لموجة جديدة من العمليات في البحر العربي.
تقرير المجلة البريطانية كشف عن شبكات تعاون آخذة في الاتساع بين جماعات القرصنة وحركتي الحوثيين والشباب..
فخلال العامين الماضيين، وثق مجلس الأمن الدولي تمويل حركة الشباب لجماعات قرصنة مقابل حصولها على جزء من عائدات الفدية..
لكن التطور الأخطر –كما يوضح التقرير– هو التحالف المتنامي بين الحوثيين وحركة الشباب، إذ يقدم الحوثيون أسلحة وخبرة فنية للحركة الصومالية مقابل تمويل عمليات بحرية مشتركة.
ويشير التقرير الأممي إلى أن هذا التعاون تجاوز المصالح العابرة ليصبح جزءاً من استراتيجية الحوثيين لبسط نفوذهم الإقليمي في القرن الإفريقي وخليج عدن، وهو ما يهدد بإعادة القرصنة إلى مستويات خطيرة تشبه ذروة نشاطها قبل أكثر من عقد.
خلال الأشهر الأخيرة، توسعت تجارة الأسلحة غير المشروعة في المنطقة بشكل لافت.. وبات الحوثيون –وفق التقرير– موردين ومنسقين رئيسيين لشبكات تهريب تمتد بين اليمن والصومال، وتشمل أيضاً تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وجماعات أخرى.
وتُستخدم الأراضي الصومالية بشكل متزايد كمراكز عبور للأسلحة المتجهة إلى اليمن، ما يعزز الترابط بين الصراعين اليمني والصومالي.
ويقول الخبير الأمني البحري "إيان رالبي" الرئيس التنفيذي لشركة IR Consilium، إن الحوثيين يرون أنفسهم قوة مهيمنة تمتلك حلفاء محتملين مثل حركة الشباب، متوقعاً تصاعد أنشطة مسلحة غير مباشرة تشمل القرصنة كأداة نفوذ سياسي تخدم الأجندة الإيرانية في المنطقة.
تزامن ذلك مع تراجع دور سلطات بونتلاند التي كانت تتصدر جهود مكافحة القرصنة.. فقد حوّلت هذه السلطات مواردها مؤخراً لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية المتوسع في شمال الصومال، ما أوجد فراغاً أمنياً خطيراً استغلته جماعات القرصنة لإعادة تنظيم صفوفها.
وشوهدت مجموعات مسلحة –بحسب مصادر أمنية– في مدينة بارجال الساحلية وهي تتفاوض على استئجار زوارق سريعة، في مؤشر على التحضير لهجمات جديدة خلال الأسابيع المقبلة.
ورداً على هذه التطورات، رفعت شركات الأمن البحري الدولية مستوى التأهب للسفن المارة عبر خليج عدن وسواحل الصومال..
وقال "جاكوب لارسن" رئيس قسم الأمن في جمعية الشحن الدولية (BIMCO)، إنهم يشعرون بقلق بالغ من احتمال عودة القرصنة الصومالية على نطاق أوسع، مؤكداً أهمية استمرار الدوريات الأوروبية والهندية واتباع السفن لأفضل الممارسات الأمنية.
تُظهر المعطيات أن القرن الإفريقي يتحول تدريجياً إلى مسرح تنافس معقد تتقاطع فيه مصالح الحوثيين وحركة الشباب وشبكات التهريب الإقليمية.. هذا التحالف العابر للحدود لا يهدد فقط أمن الملاحة الدولية، لكنه يعكس انتقال الحرب في اليمن إلى بعدٍ بحري وإقليمي أوسع، حيث تُستخدم القرصنة كورقة ضغط استراتيجية في لعبة النفوذ بين القوى المحلية والإقليمية.
ومع غياب رد دولي حازم، يبقى خطر عودة القرصنة إلى مستويات ما قبل 2012 قائماً، ما يضع أمن التجارة العالمية أمام اختبار صعب في أحد أخطر الممرات البحرية على وجه الأرض.