الحوثيون وتصعيد الانتهاكات الثقافية والتاريخية في اليمن
- خاص - الساحل الغربي
- 12:18 2025/01/29
تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي حملة ممنهجة تستهدف الهوية اليمنية وتراثها العريق، في محاولة لفرض طابع طائفي مستورد من إيران.
في العاصمة المحتلة صنعاء، أطلقت مليشيا الحوثي حملة واسعة لمصادرة الكتب التاريخية من مكتبات ومخازن المدينة؛ ووفقاً لمصادر مطلعة، استهدفت الحملة مؤلفات لكبار الباحثين والمؤرخين اليمنيين مثل نشوان الحميري ومحمد علي الشوكاني، بالإضافة إلى كتب توثق الحضارة اليمنية والتاريخ الإسلامي؛ وشملت هذه الإجراءات تفريغ مكتبات وزارة التربية والتعليم من كافة مؤلفات التاريخ اليمني، تمهيداً لإحلال كتب تحمل طابعاً سلالياً وعنصرياً مستوحى من الفكر الخميني.
هذه الحملة تأتي في إطار مخطط أوسع لطمس التراث الثقافي والتاريخي لليمن وفرض هوية طائفية على المجتمع؛ ويرى ناشطون أن هذه الممارسات تعكس تصعيداً حوثياً لتكريس أيديولوجيا دخيلة على المجتمع اليمني، في إطار مساعٍ للهيمنة الفكرية إلى جانب السيطرة العسكرية.
وفي محافظة إب، نفذت عصابة مسلحة مدعومة من مليشيا الحوثي عمليات حفر ونهب ممنهجة للآثار التاريخية في منطقة ظفار، العاصمة القديمة لمملكة حمير؛ وأكدت مصادر محلية أن هذه العمليات التخريبية استهدفت معالم بارزة مثل المعابد والقصور والأسواق القديمة؛ تتم هذه الجرائم تحت جنح الظلام وبعلم القيادات الأمنية الحوثية التي تتواطأ بصمت مريب، حيث تشير تقارير إلى تورط قيادات المليشيا في تجارة الآثار المنهوبة.
ومنذ سيطرة مليشيا الحوثي على صنعاء في 2014، انتهجت الجماعة استراتيجية لتكريس هويتها الطائفية من خلال تشييد القباب والأضرحة السلالية وصيانة المساجد التي تحمل رمزية طائفية، بينما تتعمد إهمال المعالم التاريخية اليمنية ذات الجذور السبئية والحميرية؛ وقد خصصت المليشيا موارد مالية ضخمة لبناء وصيانة هذه الأضرحة، مثل ضريح حسين بدر الدين الحوثي في مرّان بمحافظة صعدة، الذي بلغت تكلفته نحو 2.8 مليار ريال يمني؛ كما أنفقت أكثر من 144 مليون ريال لترميم جامع الإمام الهادي في صعدة، بينما خصصت مئات الملايين لبناء وصيانة عشرات القباب الأخرى.
في المقابل، تعرضت معالم تاريخية يمنية للإهمال المتعمد، مثل قلعة شمر يهرعش في البيضاء، ومبنى دار المالية الأثري في الحديدة، ومسجد الفليحي في صنعاء الذي انهارت أجزاء منه بسبب غياب الصيانة، إضافة إلى المسجد الكبير في إب ومسجد زبيد في الحديدة.
تسعى مليشيا الحوثي إلى استنساخ النموذج الإيراني في بناء الأضرحة واستخدامها كأداة سياسية واقتصادية؛ وتعمل الجماعة على إجبار المواطنين على زيارة هذه الأضرحة والتبرك بها تحت مزاعم أنهم ينحدرون من "آل البيت".. ويرى ناشطون أن هذه السياسات تهدف إلى تكريس الولاء الأعمى للجماعة وخلق رموز دينية مقدسة تُستخدم لتعزيز الهيمنة الطائفية.
هذه الممارسات تشكل تهديداً خطيراً للنسيج المجتمعي اليمني وتستدعي استجابة جادة من القوى الوطنية والمجتمع الدولي للحفاظ على الهوية اليمنية وموروثها الثقافي في مواجهة هذا المخطط الحوثي الطائفي الممنهج.