اليمن بين التواطؤ الدولي والفشل المحلي: لماذا يُموّل الحوثيون وتُتجاهل معاناة الشعب؟
- الساحل الغربي - خاص
- 01:15 2024/11/12
تحت وطأة الحرب الحوثية المستمرة منذ عقد من الزمن، يبرز بشكل صارخ التخاذل الدولي الذي يساهم في تعزيز معاناة هذا الشعب المكلوم.. ففي ظل دمار شامل تسببت فيه مليشيا الحوثي الانقلابية، يبدو أن المجتمع الدولي يتجاهل عن عمد معاناة اليمنيين، بل ويواصل دعم الجماعة المتورطة في هذه الحرب المدمرة؛ ففي الوقت الذي تعجز فيه الحكومة اليمنية الشرعية عن تنفيذ مشاريع تنموية حيوية في المناطق المحررة، نجد أن المنظمات الدولية تواصل تمويل مشاريع وهمية في مناطق خاضعة لسيطرة المليشيا، وهو ما يثير تساؤلات مشروعة حول حجم التواطؤ الدولي مع طرف يعيث فسادًا في الأرض.
في خطوة تضاف إلى سلسلة من المواقف المثيرة للدهشة، أعلنت حكومة الحوثيين غير المعترف بها عن تدشين 7 مشاريع جديدة في مجالات المياه والصرف الصحي في صنعاء، بقيمة تتجاوز مليوني دولار، ممولة من وكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) والاتحاد الأوروبي؛ والأكثر استفزازًا هو أن هذه الأموال تُصرف في وقت لا يزال فيه مصير العشرات من موظفي الأمم المتحدة، الذين احتجزتهم مليشيا الحوثي، مجهولاً.. هذا التناقض الصارخ بين الدعم الدولي المستمر لهذه الجماعة، التي لا تلتزم بأي من مبادئ حقوق الإنسان، وغياب أي رد فعل حازم من المجتمع الدولي يُعد بمثابة وصمة عار على ضمير المنظمات الأممية.
في الجهة الأخرى، يكشف الوضع المأساوي للحكومة اليمنية الشرعية عن مأساة مضاعفة، حيث يكافح المسؤولون في عدن لتدشين مشاريع تنموية في ظل أوضاع سياسية واقتصادية في غاية الصعوبة؛ ففي وقت كانت الحكومة قد اتفقت مع المجتمع الدولي على مشاريع تنموية كبيرة، تفاجأ رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن مبارك بالإعلان عن تعثر أكثر من 70 مشروعًا بقيمة لا تتجاوز الخمسة مليارات دولار، بسبب العجز الكبير في قدرة الحكومة على استيعاب التعهدات الدولية؛ وأشار بن مبارك إلى أن قدرة الحكومة على استيعاب التمويل الدولي كانت لا تتجاوز 37% في عام 2006، ومع تدهور الأوضاع في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه النسبة في أدنى مستوياتها، ما يعيق تنفيذ المشاريع الحيوية التي يحتاجها الشعب اليمني في المناطق المحررة.
ما يثير الغضب أن المجتمع الدولي لم يُظهر أي اهتمام حقيقي بدعم الحكومة الشرعية في مواجهة هذه التحديات، بل استمر في تمويل المشاريع الوهمية للحوثيين، التي تُنفذ في بيئة مليئة بالانتهاكات والظلم والقمع والتحيز والتلاعب، بينما تفتقر المناطق المحررة إلى أي دعم حقيقي؛ هذه الفجوة في المعاملة بين الطرفين تكشف عن عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف جاد وفعال في معالجة الوضع في اليمن، بل وأصبح هذا التفاوت في المعاملة يفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني.
إن استمرار دعم الحوثيين وتمويل مشاريعهم، رغم ممارساتهم القمعية للمدنيين واحتجازهم للموظفين الأمميين، مقابل تجاهل الحكومة الشرعية في محنتها، يعكس عجزًا دوليًا فاضحًا عن ممارسة الضغط اللازم على المليشيا لوقف انتهاكاتها؛ وفي الوقت الذي تُمنح فيه مليشيا الحوثي فرصًا جديدة للتوسع وتنفيذ مشاريعها، يظل الشعب اليمني يرزح تحت عبء اقتصادي خانق، في غياب أي حلول حقيقية.
إن هذا التخاذل الدولي يشير بوضوح إلى ضرورة إعادة التفكير في استراتيجيات المجتمع الدولي في التعامل مع الوضع في اليمن؛ يتطلب الأمر تغييرًا جذريًا في دعم الحكومة الشرعية، التي تمثل الأمل الوحيد للخروج من هذه الأزمة وتحقيق العدالة للشعب اليمني بدلاً من الاستمرار في تمويل مشاريع الحوثيين ”الوهمية“ التي لا تزيد الوضع إلا سوءًا.