شمس إيلول

قبل 4 ساعة و 3 دقيقة

يا حبيبي لقد أتى أيلولُ
ولنا فيهِ موعدٌ وهديلُ 
 
جاء كالصبح في يديهِ غيومٌ 
وعلى حاجبيهِ شمسٌ تسيلُ 
 
جاء أيلولُ يا حبيبي وعندي 
لك من ماء قلبهِ سلسبيلُ 
 
ها هو الحبُّ في جلالك يلهو
ويُصلّي على اسمهِ المستحيلُ 
 
إنّ أيلولَ يا حبيبي أذانٌ 
وصلاةٌ ومصحفٌ ورسولُ 
 
خبأ الله في أغانيهِ سرّاً 
فالأغاني إلى السماء دليلُ 
 
إنني الآن يا حبيبي أغني
وعلى الأرض من هوايَ هطولُ
 
أعزف العودَ في يديك بقلبي 
فيطول النشيد فيك يطولُ 
 
صاغهُ ليلةَ الخميس قضاءٌ 
وتغنى بأهلهِ جبريلُ 
 
والمحبون واقفون أمامي 
يأخذون الهواءَ مما أقولُ 
 
إن أنفاسَنا صباحاتُ يومٍ 
ما لنا عنهُ في الحياة بديلُ 
 
ما تنفست يا حبيبي لوحدي 
إننا كلُّنا هواءٌ عليلُ 
 
كلُّ حرٍّ له سماءُ يقينٍ 
ولهُ فوقَها المقام الجليلُ 
 
ينهض الفارسُ الأبيُّ وتمشي
في أعاليهِ أنجمٌ وخيولُ 
 
والمسافاتُ لا تقاس بجرحٍ
يذهب الجرحُ والمعاني تصولُ 
 
شمسُ أيلولَ في السماء ولكن 
شمسَ أيلولَ وحدها لا تميلُ 
 
في الرجال المجلّلين بهاءٌ 
كيف يأتي على الرجال الأفولُ
 
ها هنا من صباحِ أيلولَ أهلٌ
وعلى كل دمعةٍ منديلُ 
 
أقرأ الآن في العيون حديثاً 
لا تخون العيونُ فيما تقولُ 
 
أعينُ الثائرين أعرف عنها 
غيرَ ما قالهُ الزمان الخذولُ 
 
يا حبيبي يلومني فيك غصنٌ 
وأنا فيك أدمعٌ وحقولُ 
 
كلّ ما فيَّ من يديك فزدني
إنَّ صمت الحبيب بُعدٌ خجولُ 
 
وأنا يا بعيد منك قريبٌ 
وأنا يا قريبُ فيك قتيلُ 
 
غربتني عن البلاد بلادي
ودعاني إلى الذهول الذهولُ 
 
وأنا يا حبيب قلبيَ جرحٌ 
وأنا في يديك رمحٌ طويلُ 
 
وسوى الفرسِ خلف ظهرك فرسٌ 
وإلى جانب المغول مغولُ 
 
أحمل الثأر لو بقيت وحيدا 
وأمامي جحافلٌ وفلولُ 
 
لا أبيع النهار لو خذلتني
الشمس ما باع وجهها مخذولُ 
 
يا حبيبي تعبت لكن قلبي 
أمُّ مستبسلٍ وصبري نخيلُ 
 
هي تدعو ودعوة الأمِّ فتحٌ
مُستقيمٌ والحُّرُّ وعدٌ نبيلُ 
 
واقفٌ كالنبيِّ من غير ذلٍّ 
فإلى الحق لا يقوم ذليلُ 
 
جاء أيلول يا حبيبي لماذا
جاء والأفق حوله مسدولُ 
 
جاء كي يرفع السماء قليلاً
ولكي لا يذوب هذا القليلُ 
 
لم يخف عتمة الفصول ولكن 
جاء كي تستضيء فيهِ الفصولُ 
 
وهو كالأرض واحدٌ لا يُثنى
وهو كالشعب ثابتٌ لا يزولُ 
 
أحسن الوثب في سواد الليالي 
مثلما أحسن النشيدَ الفضولُ 
 
ردِّديهِ استقامةً وخلوداً 
واتركينا فنحن لحنٌ عَجَولُ 
 
أين أيوب أينهُ من دموعي 
أدخليني عليهِ.. أنت الدخولُ 
 
طهريني من الذبول فكُلّي
فيه من غربة الغناء ذبولُ 
 
في العصافير في النقوش برأسي
من سعال الرياح رملٌ ثقيلُ 
 
كيف يشدو وكيف يرقص طيرٌ
وبلادي مناحةٌ وعويلُ 
 
عاد أيلول يا حبيبي غريبا 
ما إلينا ولا إليهِ سبيلُ 
 
أخذ الميكرفون رعدٌ جبانٌ 
وتغطَّى بهِ الخطاب العميلُ 
 
والإذاعات كلهن لعابٌ
وكلابٌ ورغوةٌ ووحولُ 
 
وحدهُ الثائر الممزق حُبّاً 
في الزمان البخيل نزفٌ جزيلُ 
 
كشهيدٍ على البنات أسيفٍ 
وعشاءُ البنات فُقدٌ مهولُ 
 
والفساتين حين يحلمن سهواً
يأكل الحُلمَ والبنات الوكيلُ 
 
عاد أيلول والبنادق حبلى
واندفاع السيول شيخٌ كسولُ
 
واحتفلنا كما يليق بعُرسٍ 
وانصرفنا كما تُساقُ العُجُولُ 
 
هل سألنا عن الهزائم فينا 
وهل استلُ سيفهُ مسؤولُ 
 
يأمر العجز في الرجال وينهى 
وعلى عزمنا ينام الخمولُ 
 
أنا لا أغمض الكلام وأبكي 
كالدراويش بل أقول أقولُ 
 
نحن ذنب الضياع منذ انكسرنا
وتخلى عن الخليل الخليلُ
 
يكذب النفط لا الدماء علينا
فإلى من يحدقُ البترولُ 
 
أيها المارد العظيم أعذنا 
من ليالٍ رؤوسهنَّ ذيولُ 
 
أنت يا شعب قادرٌ فلماذا 
لا تشدّ المدار حين يميلُ 
 
إنّ من يدخل الكفاح بصدقٍ 
لا يداري بهِ ولا يستقيلُ 
 
وعلى العهد لا نزال رماحاً
وجراحاً كأنها تنزيلُ 
 
ألفُ ألفٍ من الصباحاتِ تُتلى
وجبالٌ من الهوى لا تزولُ 
 
يقف الطفل وهو يحمل عرشاً 
سبئياً تغيبُ فيهِ العقولُ 
 
في اسمهِ من أبيهِ شمسٌ وبأسٌ 
وعلى رأسهِ التاجُ والإكليلُ
 
وهو يمضي على الزمان ويمضي
على المكان ويمضي بهِ الوصولُ 
 
ما وصلنا لكننا في طريقٍ 
كلُّ ماشٍ بها أصيلٌ أصيلُ 
 
وعلى كل خطوةٍ من دمانا 
في طريق العُلا شهودٌ عدولُ 
 
والشهيد الذي يموت لنحيا 
هو حيٌّ وعجزهُ مقتولُ 
 
جاء أيلول يا حبيبي وهذا 
حزنُهُ الآن من يديَّ يسيلُ 
 
وأنا أصعد النزيف بكِبْرٍ 
ليس في النزف يا حبيبي نزولُ 
 
قدر الثائر الكبير كبيرٌ 
وعذاب الصعود هذا جميلُ 
 
نحن كبر الجبال نحن ذراها
نحن نور السبيل نحن السبيلُ
 
عاد أيلول يا حبيبي وعدنا 
ما انحنينا ولا انحنى ايلولُ