أبطال الوفاء.. الزرقة ومثنى في ذاكرة اليمن الجمهوري

قبل 8 ساعة و 23 دقيقة

بعد أحداث 2011، دخل اليمن في دهاليز سياسية متشابكة، ووجدت القبيلة اليمنية نفسها أمام واقع يمتحن صلابتها وإرثها الجمهوري. وفي ديسمبر 2017، كان دعوة الشهيد الرئيس علي عبد الله صالح الشعب اليمني للدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة والحرية ضد مليشيات الحوثي قد أيقظت الوجدان الوطني، وأعادت الروح إلى القبائل التي لطالما كانت صمام أمان الجمهورية. خرجت القبائل من صمتها، وارتفع الصوت الجمهوري من كل ناحية، ليشكّل انتفاضة ديسمبر لوحة وطنية موحدة، أبطالها رجال اختاروا الكرامة طريقاً، والوفاء عقيدة، والجمهورية بوصلتهم التي لا تحيد.
وفي الرابع من ديسمبر بالتحديد، يستعيد الوطن واحدة من أهم محطاته الوطنية، حين ارتقى الشيخ أكرم الزرقة من حجة، والشيخ ضيف الله زايد مثنى من ذمار، شهيدين في معركة الدفاع عن الجمهورية. لقد برز الرجلان نموذجين نادرين للشجاعة القبلية، وللدور التاريخي الذي ظلّت القبيلة اليمنية تؤديه كدرع للوطن وصمام أمان للدولة.
من قمم حجة الشامخة، واجه الشيخ الزرقة الحصار بشجاعة رجل يدرك أن القبيلة حائط صد لا يمكن كسره، فاختار المقاومة حتى اللحظة الأخيرة، ليسقط شهيداً مدافعاً عن الجمهورية. وفي وديان ذمار الوادعة، قدّم سيف ذمار البتار ضيف الله مثنى مثالاً آخر للوفاء الوطني الذي واجه الطغيان في أقدس الأماكن، بعد أن استشهد داخل مسجد آوى إليه جريحاً، لتتوسع جرائم التفجير والنهب التي طالت منزله وممتلكات أبناء منطقته.
أثبتت أحداث ثورة ديسمبر 2017 أن القبيلة اليمنية كانت وما تزال الركيزة الأهم في حفظ هوية اليمن الجمهوري، وأن دماء الأبطال تُسجّل على صفحات الوطن لا على جدران الذاكرة وحدها. إن الزرقة ومثنى، كانا امتداداً لمدرسة طويلة من الفدائيين الذين يؤمنون بأن القبيلة وجدت للذود عن الأرض، ولحماية الإنسان، ولإبقاء الوطن واقفاً مهما اشتدت العواصف.. وسيظلان باقيين في ضمير اليمن ومعهما آلاف الشهداء، يؤكدون أن الجمهورية ليست شعاراً سياسياً، بل عقيدة حياة واستعداد دائم للتضحية.
بهذه الروح، يظل الثاني من ديسمبر محطة سنوية لتجديد العهد مع الوطن، واستلهام دروس الوفاء من رجال اختاروا الخلود، وتركوا لنا وصية واحدة: اليمن أكبر.. والجمهورية أبقى.. والقبيلة خط الدفاع الأول عن كرامة الأمة.
 
*رئيس اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي – فرع اليمن