لن يطول الليل.. روح ديسمبر ما زالت تتقد

08:43 2025/12/03

في اليمن، لا شيء يموت حقًا. فكل فكرة وُلدت من رحم المعاناة، وكل دمعة نزلت على جبين أم شهيد، وكل صوت انكسر يومًا تحت قمع السلاح تنهض اليوم من جديد، أكثر صلابة، أكثر وضوحًا، وأكثر إصرارًا على كسر دائرة الظلم التي طالت.
 
الثاني من ديسمبر لم يكن تاريخًا فحسب، بل لحظة كشفٍ، يوم ظهرت فيه حقيقة اليمنيين: أنهم شعب لا يقبل الهيمنة، ولا يرضخ للكهنوت، ولا يسمح أن تُختطف الدولة باسم السلالة أو القوة أو الوحي المُزور. ورغم السنوات الثقيلة التي تلت تلك اللحظة، فإن جذوة ديسمبر لم تخمد بل تحولت إلى وعي شعبي متراكم، يتكون بصمت، وينفجر بكرامة.
 
اليوم، وبينما يواصل اليمنيون حياتهم المثقلة بالغبن والمهانة، تتشكل داخلهم قناعة لا تتزحزح: لن يطول الليل. لا ليل الظلم، ولا ليل الجباية، ولا ليل العصا التي وُجهت إلى صدور الأبرياء بدل أن تُوجه لحماية الوطن.
 
دماء الشهداء ليست ذكرى تُستعاد عند اللزوم. هي بوصلة تشير إلى الطريق حين يضيع الاتجاه. هي وقود لوعي لا يريد لليمن أن تبقى مرهونة لسلطة تتنفس على حساب المواطن، وتبني مجدها على أنقاضه.
 
ما يحدث اليوم في صنعاء وغيرها من المدن ليس صمتًا… بل احتقان. ليس رضًا… بل ترقب. وليس قبولًا… بل نهاية مرحلة تتآكل من داخلها. فالكهنوت، مهما تمدد، لا يستطيع أن يوقف حركة التاريخ، ولا أن يطفئ صوت مجتمع بدأ يقول كلمته بطرق شتى، بعضها صامت، وبعضها مباشر، لكن كلها تشير إلى اتجاه واحد: اليمنيون لم يعودوا كما كانوا.
 
الثورة ليست بندقية فقط، بل موقف، ورفض، وحق، وإصرار على أن الدولة ملك الشعب لا ملك السلالة. ومع كل يوم يمر، يصبح هذا الإدراك أوسع، وأعمق، وأكثر رسوخا.
إن العهد الذي قطعه اليمنيون على أنفسهم—عهد لصنعاء ولكل شبرٍ اختُطف من سيادة الدولة—ما زال قائمًا. عهد لا يقوم على الثأر أو الفوضى، بل على فكرة أسمى: استعادة الدولة من يد من صادرها، وإعادتها إلى يد الشعب الذي يملكها.
 
لهذا، كان صوت ديسمبر وما يزال:
لن يطول الليل.
دماء الشهداء لا تهزم.
والوطن، مهما انحنى، لا ينكسر.
ثوره_2ديسمبر_مستمره.