اقتحام الحوثيين لمكتب الأمم المتحدة في صنعاء يثير إدانات دولية ويهدد بوقف التمويل الإغاثي

  • الساحل الغربي - خاص
  • 10:09 2024/08/15

في الثالث من أغسطس، اقتحمت جماعة الحوثي مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في صنعاء، مما أثار موجة من الإدانات الدولية؛ وأكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن الحوثيين أجبروا الموظفين المحليين على تسليم ممتلكاتهم، بما في ذلك وثائق وأثاث ومركبات، بالإضافة إلى مفاتيح المكتب؛ وأشار تورك إلى أن هذا التصرف يتعارض مع اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة ويشكل اعتداءً خطيرًا على قدرة الأمم المتحدة على ممارسة ولايتها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
 
في إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن، شدّد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، على أهمية توحيد العملة اليمنية وإنهاء الانقسام المصرفي، مشيراً إلى الدور السعودي في احتواء التصعيد الاقتصادي الأخير بين الحكومة اليمنية والحوثيين؛ وأكد غروندبرغ أن الطرفين تمكنا بدعم من المملكة العربية السعودية من وقف دائرة خطيرة من التصعيد الذي كان يؤثر سلباً في قطاعي البنوك والنقل في اليمن ويهدد بإشعال فتيل نزاع عسكري جديد.
 
أدانت الولايات المتحدة الأمريكية اقتحام الحوثيين لمكتب المفوضية في صنعاء، محذرة من أن هذه الأعمال تعرقل عمليات تسليم المساعدات إلى اليمنيين؛ وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن هذه الأعمال تنتهك الأعراف الدولية وتفاقم معاناة المدنيين اليمنيين؛ كما دعت بريطانيا الحوثيين إلى السماح للأمم المتحدة وجميع المنظمات غير الحكومية بمواصلة عملهم الحيوي لخدمة الشعب اليمني والإفراج عن جميع الموظفين المعتقلين فورًا.
 
من جانبها، دعت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة إلى نقل مقارها إلى العاصمة المؤقتة عدن، بعد أن سيطر المتمردون الحوثيون على مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء واعتقلوا عشرات الموظفين في منظمات دولية؛ وأكد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، أن هذا التطور الخطير يأتي بعد نحو شهرين من موجة عمليات الخطف التي شنتها مليشيا الحوثي.
 
في السياق، أكدت مصادر حكومية يمنية فشل الجهود التي بذلها الممثل المقيم للأمم المتحدة لدى اليمن في إقناع الحوثيين بإطلاق سراح العشرات من العاملين في الوكالات الأممية ومنظمات إغاثية دولية ومحلية؛ وذكرت المصادر أن عدداً من الدول المانحة تدرس بجدية وقف تمويل البرامج الإغاثية كافة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون رداً على الاعتقالات.
 
وأفادت المصادر بأن الأمم المتحدة كانت كلفت ممثلها المقيم في اليمن بمتابعة ملف المعتقلين مع الحوثيين، لكنه وبعد أسبوعين من اللقاءات والنقاشات لم ينجح في مهمته، حيث تمسكت الجماعة باتهاماتها للمعتقلين بالجاسوسية لصالح الولايات المتحدة؛ وعلى الرغم من الوعود التي قطعها الحوثيون بالسماح للمعتقلين بالتواصل مع أسرهم، لم يُنفذ ذلك، قبل أن تتفاجأ الأمم المتحدة باقتحام المسلحين الحوثيين مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، ومصادرة كل محتوياته وإغلاقه.
 
ورغم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في مناطق سيطرة الحوثيين والتي زاد من عمقها الفيضانات التي ضربت خمس محافظات، فإن المصادر ذكرت أنهم مستمرون في ملاحقة الموظفين لدى المنظمات الأممية والدولية، في تجاهل كل المناشدات الدولية لإطلاق سراحهم.
 
يدرس عدد من الدول الغربية المانحة بجدية وقف تمويل المشاريع الإغاثية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ضمن الضغوط التي ستمارس لإرغامهم على وقف استهداف العاملين في قطاع الإغاثة؛ ومع تحذير المصادر الحكومية من قسوة هذه الخطوة، شدّدت على وجوب أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات عملية تلزم الحوثيين باحترام الحصانة الممنوحة للعاملين في قطاع الإغاثة، الذين يقومون بدور فاعل في إنقاذ حياة الملايين بحيادية.
 
يواجه المعتقلون لدى الحوثيين، وبينهم 13 من العاملين المحليين في مكاتب وكالات الأمم المتحدة وأكثر من 50 من العاملين في منظمات دولية، تهماً بالتجسس لصالح الولايات المتحدة، وهي اتهامات نفتها الأمم المتحدة وندّدت بها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
 
أعاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن التأكيد على أن أزمة البلاد تظل من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يقدر عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية بنحو 18.2 مليون شخص خلال هذا العام؛ وقال إنه وعلى الرغم من استمرار التهدئة بحكم الأمر الواقع على الأرض، فإن البلاد لا تزال تواجه وطأة الصراع والنزوح ومخاوف الحماية وتغير المناخ والتدهور الاقتصادي.
 
ووفق التحديث الأسبوعي للوضع الإنساني، أكد المكتب أنه وحتى نهاية شهر مارس، لم يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، التي تسعى إلى جمع 2.71 مليار دولار لتنفيذ الأنشطة الأكثر أولوية اللازمة للأشخاص الأكثر ضعفاً، إلا بنسبة 16.1 في المائة فقط؛ وعلى الرغم من ذلك، فإن وكالات الإغاثة تعمل من دون كلل لتزويد المحتاجين بالمساعدات والخدمات الأساسية.
 
خلال الربع الأول من العام الحالي، واصلت 140 منظمة إنسانية تقديم المساعدات إلى نحو 3.13 مليون شخص شهرياً، لكن ظل عدد الأشخاص الذين وصلت إليهم المساعدات لكل مجموعة منخفضاً؛ وأوضحت البيانات الأممية أن الشركاء واصلوا تقديم الدعم لملايين الأشخاص، حيث تم الوصول في المتوسط ​​إلى 2.9 مليون شخص كل شهر بالمساعدات الغذائية، وساعد أكثر من 506 آلاف شخص بالرعاية الصحية، وتم توفير خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية لأكثر من 709 آلاف شخص، وتلقى ما يقرب من 331 ألف شخص الدعم الغذائي.
 
بينما ظل وضع انعدام الأمن الغذائي في اليمن دون تغيير تقريباً خلال الربع الثاني من 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حدث تدهور كبير في تسع محافظات يمنية من أصل 22 محافظة، حيث عانى ما يقرب من أسرة واحدة من كل أسرتين (45 في المائة) من استهلاك غذائي غير كاف على المستوى الوطني؛ وفق البيانات الأممية.
 
وعلى الرغم من الاضطرابات المستمرة في البحر الأحمر، أكد المكتب الأممي استمرار استيراد الغذاء والوقود بشكل طبيعي، مما ضمن إمدادات غذائية كافية في الأسواق؛ كما انخفضت حالات الصراع إلى أدنى مستوياتها التاريخية، حيث تمت إعادة توجيه اهتمام وموارد برنامج المساعدات الصغيرة إلى أزمة البحر الأحمر، مما أدى إلى انخفاض في حالات النزوح الداخلي.
 
بحسب التقرير الأممي، من المتوقع أن تستمر فجوات استهلاك الغذاء في معظم أنحاء اليمن حتى أواخر الشهر المقبل، ومن المتوقع أن يتفاقم الانخفاض بسبب انخفاض المساعدات الغذائية الإنسانية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

ذات صلة