"بلا روح ولا رائحة".. هكذا يستقبل المواطنون شهر رمضان

  • الساحل الغربي، عبدالصمد القاضي
  • 10:12 2024/03/12

قليلاً من الشوق وكثيراً من العوز والفقر والمرض.. هكذا يستقبل المواطنون شهر رمضان العاشر في ظل حرب مستمرة أشعلتها مليشيا الحوثي الإرهابية منذ تسعة أعوام، خلفت الكثير من المآسي والمعاناة، والأزمات. انهيار الاقتصاد الوطني وشحة فرص العمل بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية خصوصاً في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية. 
 
رمضان بلا روح ولا رائحة للمطابخ
 
تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية واقعاً مراً يسود فيه الفقر والجوع والمرض، ولسان حال المواطنين يشكو واقع المعيشة المتدهورة وعجز الكثير من الأسر عن شراء المواد الغذائية الأساسية، وارتفاع حالة الفقر وعدد المعدمين، وشبح الجوع المخيف.
 
المواطن خليل قائد إبراهيم يعمل مدرساً في إحدى مدارس مديرية السبعين في العاصمة المحتلة صنعاء، يشكو واقع حال المواطنين مع اقتراب شهر رمضان بقوله: أصبح شهر رمضان ترتعب منه كل الأسر نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب وانقطاع المرتبات في سياسة تجويع ممنهجة تمارسها المليشيات، وشحة فرص العمل.
 
وأضاف، إن ما يتم صرفه، قسط من المرتب كل ستة أشهر، لم يعد كافياً لشراء كيس من الدقيق أو لتسديد إيجار السكن.
 
وأكد أن أسرته وأسراً أخرى تستقبل رمضان العاشر منذ انقلاب مليشيا الحوثي، دون شغف أو تكلف والاكتفاء بشراء المواد الغذائية الأساسية والضرورية المعتادة في كل شهر.
 
حرب اقتصادية تمارسها مليشيا الحوثي 
 
الانقسام المصرفي نتيجة حرب الكهنوت الحوثي على الاقتصاد الوطني وخلق حالة من الانقسام المصرفي لغرض التجويع، ساهم ذلك في انحسار نسبة المشتريات في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي.
 
إياد الشرعبي، أحد موظفي مكتب التربية في مديرية شرعب السلام، يقول إن راتبه الشهري 60 ألف ريال طبعة جديدة يتم استلامه شهرياً من الحكومة الشرعية لكن أن المبلغ 60 ألفا يعود إلى منطقته قرابة 19 ألف ريال طبعة قديم، لا يغطي احتياجاته اليومية. لذا لجأ للعمل في أعمال أخرى بالأجر اليومي كغيره من الموظفين.
 
وأشار إلى أن رمضان أضحى اسما بلا روح ولا رائحة ولا روحانية؛ نتيجة ما خلفته مليشيات حوثي خلال حربها الاقتصادية والاجتماعية الطائفية تستهدف به المجتمع اليمني منذ تسعة أعوام، مؤكداً أن رائحة المطابخ تكاد تنعدم في الكثير من المنازل.
 
سياسة الحوثي وإفلاس التجار 
 
عبدالوارث الخلي، تاجر مواد غذائية سابق مدينة إب، يقول إن تجارته انحسرت منذ مطلع العام 2017، وتراجعت بشكل كبير نتيجة كساد المنتجات وفرض الجبايات التى تمارسها مليشيات الحوثي بلا رحمة، وعزوف المواطنين عن شراء الكماليات والاكتفاء بشراء المواد الغذائية الأساسية والضرورية.
استمر التدهور يوماً بعد آخر حتى أغلقت محلاته التجارية.
 
أوراق نقدية بلا قيمة
 
في المناطق المحررة تنهار العملة يوماً بعد آخر وترتفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بشكل سريع جداً إضافة إلى معارك البحر الأحمر التي شكلت أزمة كبيرة نتج عنها ارتفاع أسعار المنتجات المختلفة.
 
عبده خالد، عامل في الأجر اليومي وسط مدينة تعز، يقول إنه يعمل بشكل يومي ويتقاضى قرابه 15000 ريال يومياً أجره اليومي.. لكنه يعود إلى المنزل وقد صرف كل ذلك المبلغ واحتياجاته اليومية. 
 
ويتساءل: من أين نأتي بمصاريف رمضان ونحن على باب الله إذا توقف العمل يومين لم نحصل على قوت يومنا؟ خصوصاً خلال شهر رمضان تنحسر أسواق العمل بشكل كبير جدا وتتوقف الكثير من الأعمال. 
 
وأضاف، إنه خلال الأعوام السابقة يأتي رمضان ويلجأ إلى الاعتماد على الشراء بالآجل والدين الذي يعجز عن تسديده خلال أربعة إلى خمسة أشهر بعد انتهاء شهر رمضان.
 
كساد الأسواق 
 
لم تؤثر الحرب على المستهلكين من المواطنين فقط، بل تأثر السوق التجاري بشكل كبير جداً ما تسبب في خسارة كبيرة تعرض لها التجار ومنهم من أغلق محله. 
 
محمد سرحان، أحد تجار مدينة تعز وعضو تكتل تجار تعز، يقول إن السوق التجاري وإقبال المواطنين على الشراء شهد تراجعا وكل عام أسوأ مما سبق، نتيجة الصعود المستمر لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
 
وقال، إن شهري شعبان ورمضان كانا يعتبران موسما سنويا للتجار، إلا أنه في زمن الحرب أصبح موسما لإنقاذ موادهم المكدسة والمشرفة على الانتهاء خصوصا المواد الغذائية المستهلكة في رمضان وروشن الأكثر استهلاكا خلال رمضان.
 
وأضاف، إن السوق التجاري أصبح صراعا لأجل البقاء والحفاظ على ضمار التجار، وإن الكثير من التجار الصغار والمتوسط أغلقت محلاتهم نتيجة التضارب المستمر لأسعار الصرف واضطراب أسعار المواد الغذائية وعدم استقرار الأسعار.
 
الصناعة والتجارة تعجز عن تفعيل دورها
 
اضطراب أسعار الصرف والارتفاع المتفاوت للأسعار حد من قدرة المكاتب الصناعية في المحافظات في تحديد وضبط أسعار السلع وأثر على المستهلك بشكل مباشر.
 
على ضوء ذلك أوضح مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة تعز مصطفى الأديمي، أن وضع المواطن بشكل عام صعب اقتصاديا متأثرا بانهيار العملة المحلية والتي تشكل انعكاسا على اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، مقارنة بالدخل الشهري للمواطن الذي اصبح ضيئلا جدا، فلا يكاد يغطي اساسيات الحياة الضرورية، فعدم استقرار سعر صرف العملة الوطنية امام العملة الاجنبية ينعكس ذلك على ارتفاع السلع، فاليمن بلد مستهلك اكثر مما هو منتج ومعظم الاستهلاك والاحتياج يتم استيراده من الخارج وبالعملات الأجنبية.
 
وأشار إلى أن أسعار السلع الأساسية منها الدقيق والقمح تشهد ارتفاعا في السعر من المصنع في صوامع عدن بالتوازي مع ارتفاع سعر الصرف، بالاضافة لفارق النقل الى تعز وهامش الربح.. ونتيجة لعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الاجنبية والذي يؤثر على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والاساسية ارتفاعا يحد من قدرة المكتب على تحديد سعر موحد للسلع والخدمات، يأتي ذلك مع أحداث البحر الأحمر التي شكلت ارتفاعا لتكاليف النقل البحري بسبب ما تتعرض له السفن التجارية فقد ارتفعت مبالغ التأمين البحري 400% على السفن التجارية العابرة والواصلة للمنافذ البحرية في اليمن.. ايضا هناك بعض التجار الجشعين بدلا من مراعاة الوضع الاقتصادي للمواطن وخاصة في شهر رمضان المبارك يغتنمون الفرصة باستغلال المواطن سواء بالمغالاة والاحتكار أو بجلب سلع ليست بالجودة المطلوبة..
 
بالنسبة لاقبال الناس ونتيجة للاوضاع الراهنة فاقبالهم يكاد على مستوى توفير المواد الضرورية، فالراتب للموظف بالعملة الوطنية ومقارنة بالعملة الاجنبية يكاد لا يصل حتى 50 دولارا بالحد الأدنى.
 
غرفة عمليات لاستقبال شكاوى المواطنين
 
أكد الأديمي، أنه تم تشكيل غرفة عمليات لمكتب الصناعة والتجارة لاستقبال شكاوى المواطنين واتخاذ الإجراءات ازاءها أولا بأول.
 
وشدد على الدور المجتمعي بتعاونهم والابلاغ عن أي مخالفات أو تجاوزات تصادفهم.
 
يأتي ذلك مع وجود فريق ميداني يعمل على مدار الاسبوع بالنزول الميداني لاسواق المدينة، ونفس الحال كذلك في المديريات، هذه اللجان برئاسة مأموري ضبط قضائي تقوم بحملات تفتيشية للاسواق والرفع بالمخالفات من حيث عدم الالتزام بالاشهار السعري والمغالاة والاحتكار والمواد المنتهية والتالفة وإحالتها للنيابة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك بموجب قانون التجارة الداخلية. 
 
ويتم النزول بشكل يومي للأسواق لمعرفة مدى انسياب السلع وتوفرها وخاصة السلع الأساسية.
 
ووجه الأديمي دعوة للتجار المستوردين إلى فتح أسواق جديدة (شرق وغرب آسيا والدول العربية) لاستيراد المواد الغذائية مع وجود تسهيل الإجراءات لهم، وهذا سيساعد على كسر عملية الاحتكار ويخلق منافسة بين التجار والمستوردين بتوفير المواد وبأسعار أقل.
 
أيضا يجب على الحكومة الشرعية في وضعنا الراهن الحد من استيراد المواد الكمالية وغير الضرورية، هذا سيساعد ويساهم في الحفاظ على النقد الأجنبي وتخصيصه للاساسيات والضروريات، كذلك دعم وتشجيع القطاع الزراعي، فلدينا أراض خصبة صالحة للزراعة والاكتفاء الغذائي إن تم استصلاحها وتشجيع الجانب الزراعي.
 
يستمر ارتفاع الأسعار وتتفاقم حدتها يوماً بعد آخر ويعيش المواطن على أمل تراجع الأسعار أو الاستقرار الاقتصادي والحد من انهيار العملة.

ذات صلة