الحوثية.. سلفية دون سلف..!

12:00 2020/04/01

كتب/ فيصل الصوفي: كان كاتب هذه الكلمات يستريح للعبارات التي تخرج من قياديين كثر في الجماعة الحوثية كانوا يقولون مثل مقالة صالح علي الصماد أن جماعتهم تسعى من أجل الوصول إلى نظام ديمقراطي علماني في اليمن!
 
وقد صار هذا الصماد رئيسا للمجلس السياسي الأعلى، أي رئيس جمهورية في صنعاء من عام 2016، إلى يوم مقتله في إبريل عام 2018.. وخلال تلك الفترة، وفترة خلفه مهدي محمد المشاط المستمرة إلى اليوم، لم تكتف الجماعة الحوثية بالدلائل التي تظهر خصومتها الشديدة للعلمانية، وخداع الناس حول الديمقراطية، بل أكدت لنا أن السلفيين أقل سلفية منها وأقل رجعية منها على المستويات الثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية. إنها مثال جيد للجماعات الغاضبة في الشارع، والمطمئنة في السلطة.. وهذا يري المتعاطفين معها قدرتها الكبيرة على خدعهم.. وذلك إذا ما لحظوا التناقض، واكتشفوا المسافة الهائلة بين القول والفعل، أو النظرية والتطبيق.. وقد كان يمكن أن يتم ذلك مبكرا، من خلال الاطلاع على التنظير الفكري الذي تأسست عليه الجماعة الحوثية. منظر الجماعة حسين الحوثي، كان خصيما للسلفيين.. يختلف معهم لجهة الأخذ من القرآن مباشرة، وعدم التقيد بعلم الأصول، وأصول الفقه، وشروط التفسير والاجتهاد.. والأحاديث النبوية عنده ليس هي السنة، إلا ما جاء عن طريق آل البيت، لكنه في الحقيقة أكثر سلفية من السلفية العلمية والسلفية الجهادية، عندما يتعلق الأمر بقضايا مهمة مثل التعددية الثقافية والسياسية، والديمقراطية، والموقف من المرأة، والفنون. وقد تجلت هذه السلفية في الفضاء الاجتماعي، بعد أن سيطرت الجماعة على السلطة، وأبسط مثال لذلك أن الحوثيين فاقوا حركة طالبان في بداية حكمها، حيث أصبحوا يحددون للإنسان كيفية قص شعر الرأس، ويتدخلون في أخص خصوصيات النساء كما في طريقة لبس البالطو، ويمنعون الغناء بجريرة عدم إيذاء مشاعر أهالي قتلى الحرب.. بينما يخرجون زاملا كل ساعة، وهي ضرب من ضروب الغناء، لأن الزوامل تحقق ما يريدون بزعمهم، بينما لا يتحقق من خلال قصيدة محترمة يغنيها فنان صيت. والجماعة الحوثية شمولية، أكثر من الشمولية السفلية، التي كانت تقيد عملية التلقي في الفقيه.. فوفاقا لحسين الحوثي لا ينبغي للمرء وخاصة أتباع الجماعة، طلب المعلومات والمعارف إلا من قناة واحدة.. وهذه القناة قد حددها القرآن كما يقول، وهي الإمام علي وآل البيت، فإذا أنت تركتهم، تكون قد تركت القرآن! ومن الناحية العملية كانت قناة المعرفة الواحدة الوحيدة، التي ألزم حسين الحوثي أتباعه على قصر التلقي منها، هي حسين الحوثي نفسه.. وحول هذه القضية يقول محمد سالم عزان، إنه عندما أسس هو وبعض المثقفين في صعدة، منتدى الشباب المؤمن في العام 1990، كان هدفهم أيجاد مؤسسة تربوية ثقافية فكرية تهتم بتنمية الشخصية الدعوية لدى الشباب، وتوجههم نحو الانفتاح على العصر، والانفتاح على الآخرين، والقبول بالتعددية الفكرية والسياسية، وتجنب التعصب والتقليد والاشتغال بخلافات الماضي، لكن بعد أن تمكن حسين الحوثي من السيطرة على المنتدى غير أهدافه، فتغير كل شيء.. ومن ذلك أنه أعاد الشباب إلى التبعية، حيث تلاحظ في ملازم الحوثي إصرارا على فرض فكرة التبعية والقدوة على عقلية أتباعه، حيث منعهم من تلقي أي فكر غير فكره هو.. على أن هذا يفسر لنا سبب التصلب العقلي لدى الحوثيين الموجودين اليوم.. قول سيدي حسين وسيدي عبد الملك وكفى!!
 
*(المقالات التي تنشر تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)