مصطفى النعمان يكتب: يومان في المخا

  • مصطفى النعمان
  • 11:44 2023/02/28

من الممكن استعادة ألقها ومجدها التاريخي بأقل الإمكانات، وتحويلها إلى منطقة جذب سياحي واستثماري
 
كانت فرصة وجودي في عدن مناسبة للوصول إلى مدينة المخاء الواقعة على الساحل الغربي لليمن، وكنت حريصاً على الاستماع إلى ما يدور وأن أشاهد ما يحدث فيها. وعلى رغم أن الطريق الرابط الساحلي الذي يربط عدن بالمخاء لا يزيد كثيراً على 200 كيلومتر، فإنه سيئ للغاية ويستغرق ما يقارب أربع ساعات، وواضح أن الاهتمام بصيانته معدوم إلا جزءاً صغيراً لا يتجاوز 27 كيلومتراً تم إنجازه بتمويل إماراتي، وبمساعي عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح الذي التقيته بعد وصولي.
خرجت مع صديقي الصحافي نبيل الصوفي لزيارة المدينة القديمة، والذي صار خبيراً في تاريخ المخاء وكل ما يتعلق بمجتمعها وبتراثها المعماري. وشعرت بالحسرة حين رأيت شاهدة آثار مبان تاريخية متهالكة تحتاج إلى صيانة عاجلة، ثم مررنا على موقع المطار بجوار الميناء وتعرفت إلى أعمال شق وتعبيد طريق "الكدحة".
 
والواقع أن زيارة المخاء تستدعي إلى الذاكرة رسالة الأستاذ أحمد محمد نعمان إلى زميله الرئيس القاضي عبدالرحمن الأرياني عام 1972، عبر فيها عن حزنه وألمه لما شاهده في المدينة من إهمال ودمار وصفه بـ"المتعمد". وواضح أن الحكومات المتعاقبة لم تهتم بهذه المدينة التي تختزن تاريخاً عظيماً، ولا يعلم اليمنيون عن تراثها وما قدمه ميناؤها على مدى عقود طويلة. كما من المؤسف أن الوزراء يتهربون من زيارتها على رغم موقعها المهم وإمكانية أن تصبح ميناء مهماً بعد تعميقه. وعليهم أن يعلموا أيضاً أنه سيكون من السهل على سكان تعز السفر من المطار الجميل الذي تجري الاستعدادات لافتتاحه ليربطهم بالعالم عبر طريق "الكدحة"، الذي يتجنب الحصار اللاإنساني الذي يصر الحوثيون على فرضه عقاباً وامتهاناً للمواطنين... وستبقى أزمة الكهرباء بحاجة إلى استثمار عاجل لأن المحطة الحالية متهالكة على رغم أن إصلاحها سيخدم كل تعز.
 
 
 
غادرت المخاء حزيناً ومتفائلاً لأنه من الممكن استعادة ألقها ومجدها التاريخي بأقل الإمكانات، وتحويلها إلى منطقة جذب سياحي واستثماري. ومن الحق القول إن إداراتها الحالية وضعت السياسة جانباً وتفرغت بجد ملحوظ وبرغبة واضحة لخدمة الناس وتحسين حياتهم وتأمين الخدمات فيها، وكل ذلك ممكن إذا قررت الحكومة مساعدتها وعدم تجاهل احتياجات المدينة، واقتنعت بأنها جزء من اليمن.
 
* جزء من مقال (أيام في عدن ويومان في المخاء)
- اندبندنت عربية - الثلاثاء 28 فبراير 2023

ذات صلة