14 أكتوبر.. أنموذج التحرر والخلاص
08:18 2022/10/15
مع أول رصاصة أطلقها الثائر البطل الشهيد راجح بن غالب لبوزة في 14 أكتوبر 1963، انطلقت شرارة الثورة، وأشعلت الحماسة في قلوب الثوار، فهبوا للكفاح المسلح، ملبين نداء الوطن وهتاف الحرية، مزلزلين الأرض تحت أقدام المحتل، بعد 128من الاستعمار، ولقد كانت إرادة شعبنا الجنوبي الثائر وتوقه للخلاص أكبر من صلف الاحتلال وقوة جيشه، بترسانة أسلحته المتطورة وإمكاناته الهائلة وأسطورته كجيش الامبراطورية العظمى الذي لا يقهر.
لقد ناضل شعبنا في جنوب الوطن طويلاً في سبيل الانعتاق من نير الاحتلال، وقدّم الكثير من التضحيات، وكانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة الملحمة الكفاحية الكبرى، التي أجبرت المحتل على اتخاذ قرار الجلاء بعد مواجهات دامية وشرسة، كبدته الكثير واستنزفت قواه، حتى تأكد أن لا مقام له في أرض الجنوب بلد الحرية والأحرار، الذين اختاروا طريق المجازفة والمنازلة، رغم اختلال موازين القوة، متسلحين بالإرادة والعزيمة واليقين وبحقهم في الحياة والكرامة والاستقلال وامتلاك الخيار والقرار.
لقد جاءت ثورة 14 اكتوبر امتداداً لتاريخ من النضال الوطني المشترك، تضافرت فيه الروح اليمنية الأبية الواحدة في الشمال والجنوب على الكفاح ضد حكم الإمامة والاحتلال الغاشم، ومثلت ثورتا 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر 1963 بذلك التوالي تجسيداً للإيقاع الثوري المتناغم لحركة التحرر الوطني وواحدية الحلم والمصير، ولقد كانت عدن في المخاض الوطني الطويل حاضنة الأحرار والثوار منذ بدايات الثورة ضد الإمامة وفي المعارك ضد الاستعمار، فامتزج الدم اليمني في صور ملحمية مشرقة خالدة و ملهمة تستعصي على الإنكار والنسيان.
وإن شعباً أعزل مجهداً بإيمانه بحريته وحق بلاده في الاستقلال، مسلحاً بإمكانات بسيطة استطاع هزيمة أعتى الجيوش وأقواها من خلال ثورة باسلة اندفعت من أعالي جبال ردفان جارفة في طريقها المحتل مجبرة إياه على التراجع والرحيل بعد سنوات من الاحتدام والغليان، لقد كانت معجزة وانتصاراً خارقاً بحساب فوارق القوة والإمكانات والظروف والملابسات.
إن شعباً جسوراً كهذا لا يمكن أن يتخلى عن عظمته وأمجاده وتاريخه ودوره في السير على ذات الدرب، والدفاع عن وطنه ضد مخلفات الإمامة وامتداداتها الخيانية الفارسية، وكذا الوقوف في وجه جماعات العنف وتيارات الإرهاب وكل المهددات والأخطار التي تحيط بالوطن والعمل على إفشال كل المخططات التي تراهن على تقويض أمنه واستقراره ولحمته.
وإذ يقف شعبنا إحياءً للذكرى الـ 59 لثورة 14 أكتوبر الخالدة، بحاجة ماسة للاسترشاد بذلك التاريخ، واستدعاء كل ما يعينه على إعادة ترميم الشروخ والتصدعات وتعزيز التلاحم وتجاوز أدواء الفرقة ومواريث الاستعمار.
إن الاحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر تخليداً للروح الوطنية المقاومة وإعادة تثوير وتنوير للوعي، وتأكيداً للمسؤوليات الكفاحية وأهمية مواصلة النضال لحماية مكتسبات ثوراتنا الرائدة تثميناً للتضحيات التي قدمت في سبيلها، وتكريساً للوفاء لكل الأهداف والمبادئ والقيم التي قامت من أجلها، ولا يسعنا في هذه المناسبة الوطنية العظيمة إلا أن نتوجه بأسمى آيات التهاني للقيادة السياسية ولسائر شعبنا في الداخل والخارج ولقواتنا المسلحة الباسلة، التي تقف بثبات وشموخ في كل مواقع الفداء والتضحية، في حالة تأهب قصوى وجاهزية مستمرة ويقظة دائمة واستعداد لأداء كل المهام.
سائلين الله أن يعيد علينا ذكرى ثوراتنا الخالدة وشعبنا وبلادنا في أسعد حال وأعز مكان وأعلى مكانة.
- وزير الدفاع اليمني
* "26 سبتمبر"