"26 سبتمبر".. عندما تعرف العالم على اليمن واليمنيين

قبل 3 ساعة و 32 دقيقة

عام 1963مـ، في الذكرى الأولى لثورة 26 سبتمبر، أيّ بعد عام واحد فقط من سيطرة ثوار سبتمبر على الحكم، نشرت نيويورك تايمز خبرًا عريضًا في واجهة أخبارها قائلة: خلال عام واحد فقط، اليمن يتقدم 100 عام نحو الأمام، وفي ذات العام 1963 أرسلت الأمم المتحدة بعثتها لليمن واستهلت تواجدها في البلد، وهذا هو الشاهد بحسب وسائل الإعلام الدولية، شاهد ثورة اليمن الجمهوري التي ألحقت الوطن المجهول في ركاب العالم، وأنشأت المدارس والمستشفيات والمؤسسات والبعثات، واستقبلت التجار والمستثمرين، ومضت في تسارع نحو بناء دولة عصرية. 
 
بالفترة التي تلت الثورة بأيامها وأسابيعها الأولى، كان اليمن وثورته محط أنظار وسائل الإعلام العربية والعالمية، منها من تفاجأ ومنها من بقي يحلل ومنها من تغنى بالبطولات، لكنها بمجملها قدمت اليمن كدولة حديثة تستحق الاعتراف، وشعب انتفض من مقابره وعصوره الحجرية، معظم وسائل الإعلام العربية والعالمية اشتركت في فكرة تخلص اليمن واليمنيين من نظام رجعي متخلف، واختلفت في تفاصيل التكتلات والتوهمات، لكنها بمجملها خلصت إلى حقيقة مفادها أن ثورة اليمنيين أخرجت اليمن من عهود الظلام وقيود العبودية نحو النور والتحرر والديموقراطية، وهذه توصيفات خالدة ضمن ملحمة سجلتها الصحف العربية والعالمية. 
 
صحيفة الأخبار السورية، نشرت بعد شهر واحد من الثورة، تحليلًا رئيسيًا قالت فيه: كل شيء في اليمن انتصر وبدأ الحياة، وفي ذات الشهر وذات العام نشرت صحيفة المصور المصرية في صفحتها الأولى عنوانًا عريضًا قالت فيه: اليمن السعيد يقهر الشقاء ويؤسس جمهوريته، وفي سياق النص تحدثت عن صنعاء عاصمة الأئمة منذ الف عام، وكيف أنها صنعت ثورتها وعيناها مفتوحتان على الحدث العظيم الذي سحق الطغيان ووحد الشعب، من ناحيتها، كتبت صحيفة الشعب اللبنانية بعد أسابيع من الثورة اليمنية، تقريرًا في صفحتها الأولى، قالت فيه: إذا لم يكن للثورة اليمنية من مغزى سوى أنه كشف للعالم شعبًا يعيش ويحيا، لكفى، لقد كانت اليمن أشبه بصحراء مجدبة، ولكنه نجا وبدأ المضي نحو تحويل الصحراء إلى واحة خضراء، لقد قامت الجمهورية على أنقاض نظام ملكي متخلف ورجعي ومنحرف الى حد التندر، لهذا فكل الثوار في اليمن متمهون بكل شيء إلاّ في وطنيتهم. وهكذا عنونت صحف عربية أخرى، كالأهرام والأخبار والمساء والمصور واليوسف وآخر ساعة وأخبار اليوم وغيرها من الصحف المصرية واللبنانية والسورية والجزائرية والعراقية وبقية البلدان العربية.  
 
غربيًا، كان أول صحفي أجنبي قد دخل اليمن عقب الثورة بأيام، الصحفي البريطاني رونالد باتشيلود، الذي بعث أول تقاريره الصحفية لوكالة رويترز بعنوان قال فيه: كل شيء في اليمن يدل على انتصار الجمهورية، ثم أضاف: ثورة اليمن استغرقت عشر ساعات فقط لتنتصر، بعد عقود من الملكية، أما صحيفة الجارديان البريطانية فقالت في مقال افتتاحي عقب الثورة بأيام، قالت فيه: اليمن يشهد ثورة بمعناها الصحيح، الجمهوريون يواجهون مخاطر عدة بعد كسرهم لقيود الاستبداد، ولكنهم يخططون للانتصار وإقامة الدولة والجمهورية، وفي سياق مقالها طالبت صحيفة الجارديان من الحكومة البريطانية الاعتراف بالثورة اليمنية، وبالمثل تعاطت بقية الصحف في لندن، كالتايمز والصانداي وغبرها، تمامًا كمعظم الصحف الأمريكية والأوروبية. 
 
أخيرًا، ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 هي بالفعل أعظم حدث شهدته اليمن منذ ألف وخمسمائة عام.