تأثير (كوفيد-19) على التمكين الاقتصادي للنساء في جزيرة سقطرى
- سقطرى ، الساحل الغربي ، عبدالملك النمري :
- 02:59 2022/05/09
التداعيات الاقتصادية للفيروس كانت قاسية على المواطنين المعتمدين على السياحة كمصدر للدخل
ليس بالصور التذكارية فقط يوثق السواحُ رحلاتهم إلى جزيرة سقطرى اليمنية أحد مواقع التراث العالمي، بل يحرصون قبل المغادرة على اقتناء أوانٍ تقليدية تصنعها النساء هناك من الفخّار وسعف النخيل، وهي منتجات يكاد أولئك القادمين إلى الجزيرة من أنحاء العالم، أن يكونوا زبائنها الوحيدين.
قالت حِرَفية سقطرية في صناعة الفخار، فضلتْ عدم ذكر اسمها، للساحل الغربي: "يبدي السواح رجال ونساء أعجابهم بالفخاريات التي نصنعها، وهم يأتون إلينا قبل سفرهم بيوم لشراء بعضها وأخذها معهم كتذكار، اؤكد لك أننا بدونهم قد لا نستيطع تصريف الأواني هذه".
وتعد اليمن واحدة من الوجهات السياحية العالمية، لكن تدفق السياح العرب والأجانب أنخفض مع الاضطرابات الأمنية التي شهدها البلاد خلال العقدين الأخيرين، غير أن قطاع السياحة أصيب بالشلل الكلي منذ استيلاء جماعة الحوثي على السلطة بقوة السلاح عام 2015 واندلاع الحرب الأهلية التي تمضي اليوم في عامها الثامن.
وبرغم بقاء محافظة أرخبيل سقطرى في منأى عن المعارك ؛ إلا أن تعليق الملاحة الجوية- المحلية والدولية- آنذاك في عموم البلاد شملها أيضًا، قبل أن يُستأنف تسيير رحلات بين ابوظبي والأرخبيل بداية إبريل/ نيسان 2017 عبر طيران العربية بموجب اتفاق بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ودولة الإمارات العربية المتحدة.
تصريحات حكومية قالت إن إيرادات المحافظة من منح فيز للسياحة البيئية وصلت خلال عام واحد إلى 50 ألف دولار أمريكي، زامنه نشاط سياحي خلق فرص عمل للكثيرين، لكنه الازدهار الذي لم يلبث أن عاود الركود مع فرض حظر عالمي على السفر بسبب تفشي فيروس كورونا في العام 2020، وقد كانت النساء السقطريات اللاتي يعملن في صناعة وبيع الأواني التقليدية الحلقة الأضعف وسط الأزمة.
فرصة مباحة
واقع المرأة في سقطرى من حيث إشراكها وتمكينها في مجالات الحياة لا سيما اقتصاديا، ليس أفضل حالا عنه في باقي محافظات اليمن، وفي ظل الحضور النادر للمرأة السقطرية في الوظائف العامة، وجدت عشرات النساء في الحرف اليدوية فرصة متاحة ومباحة لكسب لقمة العيش.
بائعات أواني فخارية في سوق حديبو
"الحرف اليدوية في مقدمتها الفخاريات وسعف النخيل الخياطة تعتبر مهن نسائية بامتياز في سقطرى، وهذا لا يعني عدم وجودهن في مهن أخرى، بالعكس يعملن كذلك في الزراعة والرعي ومؤخرا في التعليم، لكن بالنسبة للفخار فيستحيل أن تجد رجلا يصنع أواني فخارية". قال عبدالرحمن الجسفي ناشط وإعلامي من محافظة سقطرى للساحل الغربي".
أولئك النساء يعملن في ظل جمعيات أسسنها بشكل ذاتي بهدف تنظيم العمل والتسويق لما يصنعنه من أوانٍ مختلفة الأشكال والاستخدام، وغالبًا ما يقصد السواح مقراتها للتعرف على المنتجات واقتناء بعض منها.
في جمعية المرأة الساحلية للحرف والأعمال اليدوية في قرية "خور سرهين" بالعاصمة حديبو تجاوز عدد العاملات المئة امرأة، وقد "استفدن في الجمعية حاجات كثيرة، منها إراحتهن من متاعب الذهاب إلى السوق لبيع المنتجات، تبادل الخبرات، تطوير وتوسيع مهارتهن"، بحسب فاطمة عبد الله رئيسة الجمعية.
عاملات في جمعية دلفدهن للفخاريات
منيرة سوياد، عضوة في "جمعية دلفدهن للفخاريات "قالت لـ"الساحل الغربي": "إن ما يقارب من 40 أسرة في قرية دلفدهن تعتمد في معيشتها على ما تُدخله من مبيعات الفخار، إذ لا يوجد لها أي مصدر آخر للرزق".
أيام عصيبة
برغم أن عدد المصابين بفيروس كورونا في سقطرى توقف عند الرقم 216 وفقا لأحدث تقرير رسمي ، "إلا أن التداعيات الاقتصادية للفيروس كانت قاسية على المواطنين المعتمدين على السياحة كمصدر للدخل، وبالأخص النساء نظرا لشحة الفرص الأخرى المتاحة لهن". قال الناشط الجسفي.
زي نسائي من التراث السقطري
مقر جمعية المرأة الساحلية للحرف والأعمال اليدوية أحد وجهات السواح داخل جزيرة سقطرى، فهو كما قالت فاطمة عبد الله للساحل الغربي "بمثابة معرض للمشغولات اليدوية من أوانٍ وأزياء تراثية، نأخذ الزوار في جولة تعريفية بداخله ونحدثهم عن ارتباط ما يرونه بتاريخ وإرث الإنسان السقطري، ولا يغادرون من دون الشراء".
أضافت عبدالله قائلة: "توقف قدوم السواح إلى الجزيرة بسبب كورونا يعني بالتأكيد خلو الجمعية، حرفيًا، من الزوار، ذلك أثر بشكل حاد ومباشر على مستوى دخل أكثر من مئة عائلة، لقد كانت أيام عصيبة للغاية".
على عكس حِرفيات الأعمال اليدوية، لا تنتظر صانعات الفخاريات قدوم الزبائن إلى "جمعية دلفدهن"، في الواقع يتعين عليهن حمل الأواني على رؤوسهن يوميا إلى سوق العاصمة حديبو الواقع على بعد 7 كيلو متر وعرضها للبيع هناك.
جمعية المرأة الساحلية للحرف اليدوية في سرهين
ولأن الجزيرة لم تشهد حالة إغلاق احترازي لمواجهة كوفيد19، فقد وظبت هؤلاء النساء على الجلوس خلف منتجاتهن وسط السوق على الرغم من انعدام الإقبال عليها من قبل المتسوقين المحليين.
قالت منيرة سوياد: "شراء المنتجات الفخارية من قبل المواطنين السقطريين أمر نادر، في ظل توقف الرحلات الجوية إلى الجزيرة ووصول سواح ومغادرة آخرين كانت تمر أيام دون أن نبيع قطعة واحدة، أستطيع القول أن تعليق السياحة بسبب كورونا يعني فقدان 40 أسرة على الأقل لمصدر رزقهم".
مشغولات يدوية مصنوعة من سعف النخيل
* أُنتج هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.