نازحون لـ"منبر المقاومة": فررنا من نار الحوثي وبطشه إلى إهمال المنظمات – (تحقيق مصور)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/06/28

خاص – منبر المقاومة:يعد التهجير من بين أكثر الأساليب الحوثية توحشا بحق المدنيين، إذ أنه يعد بمثابة قلع الجذور من أماكن عاشوا فيها لسنين طويلة، كما أنه بداية رحلة مليئة بالمشاق، فكلما أجبر الشخص على مغادرة منزله كانت المأسي التي يدفعها جراء ذلك هائلة.
 
ومثل عشرات الآلاف ممن غادروا منازلهم وسط ظروف معيشية وإنسانية غاية في الصعوبة، وجد نجيب فاضل نفسه مجبرا على الرحيل، بعدما اجتاحت مليشيات الحوثي، إحدى القرى الريفية في بمديرية مقبنة غرب محافظة تعز.ذلك ان السكان وجدوا صعوبة بالبقاء في منازلهم، إذ كانت أصوات القذائف التي كانت تطلقها مليشيات الحوثي، على أحياء ومناطق أخرى، تصيب أطفالهم بالفزع، وهو أمر لا ينبغى البقاء في أجواءه المرعبه.لكن قبل قرار السكان بالرحيل خشية أن يكونوا في قلب المعارك، كانت مليشيات الحوثي قد انذرتهم بالمغادرة، بإعتبارهم "دواعش، وهو لفض عنصري ينم عن التحقير.غادر السكان منازلهم عنوة، لكن بالنسبة إلى الفقراء أمثال نجيب فاضل فقد كان السؤال هو إلى أين سنغادر، إذ ليس له مال لاستئجار منزل في مدينة أخرى، ولهذا أجبر على اختيار طريق التشرد، متنقلا مع عائلته من منطقة إلى أخرى.يقول فاضل لمنبر المقاومة، كان أمرا يبعث شعورا بعدم الرضى وانت تشاهد اطفالك يرتجفون من الخوف دون ان تقوم بشيء يهدي روعهم، وكان قرار الرحيل، هو ذلك الأمر الذي ينبغى القيام به" حتى وان كانت مليشيات الحوثي قد دفعتنا دفعنا للمغادرة.لم يجد فاضل وهو رجل في الخمسين من العمر وعاطل عن العمل، منزلا يؤي أسرته المكونة من الزوجه وثلاثة من أبنائه أثناء فراره من بلدته الريفية في مقبنة، فعدم إمتلاكه للمال الذي يوفر مسكنا متواضعا وتأمين الطعام بشكل مستمر، أجبره على إختيار طريق التنقل من منطقة إلى أخرى.بداية الأمر، وضع على منزل غير مكتمل البناء في منطقة تبعد عن مواقع الاشتباكات بنحو 1 كلم قطعة من البلاستيك، إتقاء حرارة الشمس، ومكث على هذا النحو طيلة شهرا، لكن تساقط الأمطار في إحدى الليالي جعله يعيش وأسرته تجربة قاسية فضل لها ألا تتكرر.غادر ذلك المنزل متنقلا بين المناطق الريفية واتخذ من الأشجار كثيفة الأغصان كمنازل مؤقتة.يقول فاضل"أخذت الظروف المادية الصعبة مني مأخذا لا أقدر على تحملها لولا مساعدة الخيرين، فحرب الحوثيين العبثية جعلتني أصارع منفردا من أجل أن تبقى عائلتي على قيد الحياة.يضيف "حتى وإن كان ذلك متاحا لي في الحصول على الطعام مقابل الأموال البسيطة التي أحصل عليها، إلا أن إخراجي من منزلي كان أمر غاية في القسوة"، مليشيات الحوثي، عصابة إجرامية بامتياز لا تراعي فقيرا او مسنا، كان رجلا أو إمرأة.طيلة عامين عاني فاضل من قسوة النزوح والتهجير، إذ فقد الأساسيات التي كان يتكىء عليها سواء تمثل ذلك في فرص العمل الضئيلة بمجال البناء في قريته الريفية، أو الأرض التي كان يفلحها ليستفيد من خيراتها.أما فقدانه لمنزله الذي كان يشعره بالدفء والأمان، فقد جعله يعيش تجربة غاية في القسوة، إذ أصبح في مواجهة الظروف الطبيعية وأجواء الطقس المتقلب.في نهاية رحلة مليئة بالالم وجد فاضل منزلا يأوي إليه، الا أنه غير قادرا على العودة الى قريته الريفية، ذلك ان مليشيات الحوثي زرعتها بالألغام التي لم يتم استخراجها حتى الآن لينعم أهلها بالأمن والسكينة.البقاء على قيد الحياةبداية 2018 عندما كانت حسينة عبدالله، تنشر ثياب الغسيل في حوش منزلها في منطقة حرض، نجت من طلقة قناص بأعجوبة بعدما أرتطمت بجدار سور يحيط منزلها، وعندما حاولت الإحتماء خلف ذلك السور، تعرضت ﻹطلاق نار ثانية، كان واضحا أن الهدف من ذلك قتلها حتى وإن كانت مدنية ليس لها علاقة بما يجري بقدر ما تبحث بين ركام الحرب عن فرص للعيش كي تبقى على قيد الحياة.شعرت حسينة بالرعب من حقيقة أن المنزل الذي عاشت فيه سنين طويلة، لم يعد أمناً ولذا قررت النزوح إلى مدينة الحديدة، مع أبنائها وزوجها المعاق، وفي حي الربصة أستأجرت منزلا متواضعا ومكثت به طيلة عام.في نهاية شهر ديسمبر 2019 شهد حيها ليلة مرعبة، إذ تعرض لقصف مكتثف بقذائف الهاون، كانت مليشيات الحوثي مصدر إطلاق تلك القذائف، والإنفجارات القوية أحدثت إهتزازات في المباني إلى حد شعر السكان وكأنها ستسقط على رؤوسهم.ساد جو من الهلع، وعاشت الأسرة ليلة مليئة بالرعب، بل لقد شعرت وكأنها في لحظة الإقتراب من الموت، ذلك كان سببا للفرار مرة أخرى.تقول حسينة لمنبر المقاومة، كأننا خلقنا لنعيش حياة الفرار من قذائف المليشيات، لقد خرجنا من الربصة في جو كئيب، كنا نخشى إعتقالنا في أي لحظة، لكننا تركنا كل أمتعتنا وتفرقنا في سيارات عدة كي لا نلفت أنظار المليشيات حولنا.مأساة أخرىمأساتها تتطابق إلى حد ما مع مأساة إمرأة أخرى حاولت منع عناصر المليشيات من إقتحام منزلها بإحدى إحياء مدينة الحديدة، كان الهدف من ذلك هو إتخاذ سطح المنزل موقعا لقناص قاتل.أعتذرت منهم المرأة بأدب، قائلة: لا يجوز دخول بيتي حتى لو كنتم مثل أبنائي لكن حديثها فهم وكأنه إعتراض على ما يقومون به.. كال لها أحدهم السباب والشتائم وهددها بالقتل وأتهمها بالداعشية ومساندة ما أسماه "بالعدوان".يفهم من تلك التهمة، أرهاب الضحية ودفعها للإستسلام كي يسهل إبتزازها، لكن الحقيقة هي منح أنفسهم رخصة للقتل ذلك أن الداعشية وصمة عار مرادفة لكلمة إرهابي، كما هي كلمة تدل على التحقير لشخص يجوز قتله.لا أحد يفعل ذلك مع إمرأة، ولا يعرف اليمنيون مثل ذلك السلوك القذر من قبل وهم المتمسكون بقيم دينية وإجتماعية تمنع الإعتداء على المرأة بل تمنحها قدراً من الإحترام والتبجيل.في لقائنا معها في المخا، ترجت عدم نشر أسمها أو ذكر قصتها كما رفضت إكمال حديثها معنا، كان مبررها، أن المليشيات ستفجر منزلها، قالت وهي تغادر، أن منزلها هو خلاصة عمل زوجها طيلة 33 عاما كعامل في مجال البناء، لقد كان حديثها يفسر حالة الخوف التي تعتري المدنيين من سلوك المليشيات الإجرامية، وهو تفجير المنازل.وبحسب كثيرا ممن جرب مأساة النزوح فإن المنزل هو الوطن الذي شردتهم منه مليشيات الحوثي الاجرامية.جميع من التقيناهم يشكون من إهمال الجهات المعنية بشئون النازحين في الحكومة وكذا تجاهل المنظمات التي تعنى بالنازحين لهم وعدم مد يد العون لهم بالشكل المطلوب مما يزيد من معاناتهم التي خلقها النزوح والتشرد.
 
 
 

ذات صلة