ملف (5) - الحوثية تأكل أولادها.. تصفية المشايخ الذين عبَّدوا طريق الانقلاب

  • صنعاء، الساحل الغربي، خاص:
  • 05:41 2022/01/01

لا يختلف الحوثي في تعامله مع حلفائه من المشايخ عن أسلافه الإماميين، الذين كانوا يصفون حلفاءهم من المشايخ وزعماء القبائل، ولذلك تصاعدت خلال السنوات الأخيرة عمليات الاغتيال والتصفيات الحوثية التي طالت عدداً من المشايخ من حلفاء الجماعة الانقلابية في مناطق سيطرتها، والذين عبَّدوا الطريق للمليشيا لدخول مناطقهم والسيطرة عليها، فلم تعد جماعة الحوثي تثق في المشايخ ووجهاء القبائل، بعد انشقاق العشرات منهم وعدم استجابة الكثيرين لدعوات الانقلابيين لتحشيد المقاتلين لجبهات الموت.
 
وتعمل مليشيا الحوثي الموالية لإيران على تصفية حلفائها من المشايخ ووجهاء القبائل بمجرد الاستغناء عن خدماتهم وانتهاء أدوارهم، بعد أن تستخدمهم بشكل مؤقت لخدمة مشروعها السلالي، إذ صفت المليشيا 24 زعيماً قبلياً خلال الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني 2019 حتى فبراير/شباط 2021، بحسب ما وثقته تقارير محلية.
 
 
وخلال السنوات الثلاث الماضية كانت الاغتيالات أحد أهم الوسائل التي اتبعتها المليشيا الحوثية ضد المشايخ الذين انتهت أدوارهم، إضافة إلى وسائل الإذلال والانتهاك وتفجير البيوت وهتك الأعراض والتمثيل بالجثث بعد تصفيتها.
 
وكانت آخر عمليات التصفية الجسدية لمشائخ موالين لمليشيا الحوثي في ديسمبر / كانون الأول 2021 باغتيال الشيخ القبلي البارز والقيادي في صفوف المليشيا بمحافظة البيضاء "صالح بن صالح الوهبي" بطريقة غامضة، حيث رجحت مصادر تعرض القائد الميداني الأول للمليشيا في محافظة البيضاء للتصفية الجسدية إثر خلافات مالية، بعد قيامه باستحداث نقاط جبايات جمركية غير قانونية للبضائع الواردة من المدن المحررة في مديريتي ماهلية وقانية، الأمر الذي تسبب في تراجع المردود المالي في جمرك عفار، ما أدى إلى نشوب خلافات داخلية بين قيادة المليشيا في المحافظة ادت لتصفيته.
 
 
 
ويعد الشيخ "صالح الوهبي" رجل الحوثيين الأول في البيضاء، ولعب دوراً كبيراً في تجنيد أبناء القبائل لصالح المليشيا الحوثية، إضافة إلى تشكيله جماعة مسلحة بقيادته أطلق عليها "كتائب الوهبي" لمساندة الحوثيين ضد القوات الحكومية في المحافظة، كما تولى مهام القيام بوساطات محلية مع شيوخ قبائل آخرين، وإقناعهم بإفساح المجال لتمدد المليشيا في المحافظة مقابل مبالغ مالية.
واغتالت مليشيا الحوثي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بمحافظة إب، الشيخ "أحمد سعيد المقرعي" لعدم استجابته لمطالب المليشيا بالتحشيد لصالح الانقلابيين ضد القوات المشتركة المتقدمة باتجاه إب وغربي تعز.
 
وتعرض "المقرعي" الذي وصفته وسائل إعلام حوثية بعد تصفيته بـ"الخائن للمسيرة" لعملية اغتيال في منطقة السحول، بواسطة أحد أقاربه المشاركين في صفوف الحوثي والذي اطلق وابلا من الرصاص الحي على "المقرعي" بمشاركة مسلح حوثي آخر ولاذا بالفرار إلى جهة مجهولة.
الغدر بالحلفاء
 
غدرت مليشيا الحوثي الإرهابية بعشرات المشايخ الذين عبّدوا لها الطريق للتمدد والسيطرة على مناطقهم، وكانت محافظة عمران الأكثر عددًا في التصفيات التي نفذتها المليشيا ضد حلفائها من مشايخ المحافظة، بلغت ذروتها في يوليو / تموز 2019.
 
ففي مديرية ريدة صفّت المليشيا الشيخ "مجاهد قايد قشيرة الغولي" وقامت بسحله والتمثيل بجثته، والتنكيل بأفراد أسرته بعد تفجير منزلهم، كما تعمدت المليشيا توثيق وتصوير العملية الإجرامية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت المقاطع عملية قتل "قشيرة" وسحل جثته والتمثيل بها في الشوارع، قبل أن تتناوب مجموعة من عناصر المليشيا على ركل الجثة بالأقدام.
 
وكان "قشيرة"، الذي يعد أحد أبرز وجهاء القبائل المتحالفين مع مليشيا الحوثي بمديرية القفلة شمال غرب عمران، خاض مواجهات مع مسلحي الحوثي نتج عنها سقوط العديد من القتلى والجرحى بينهم قيادات حوثية.
 
ولعب «قشيرة» الذي يصفه الحوثيون بـ"المجاهد" دورًا كبيرًا في سيطرة المليشيا على محافظة عمران، وكان يتقدم صفوف المليشيا.
 
 
اقرأ أيضا :
"لعنة الساحل" تتخبط الحوثيين في إب.. تصفية الشيخ المقرعي بعد اغتيال "سران" وملاحقات مسعورة
 
 
وتزامن مقتل "قشيرة" مع مقتل الشيخ «سلطان محمد الوروري» الموالي للحوثيين، حيث عُثر على جثته ملقاة على قارعة الطريق بالقرب من نقطة تابعة للانقلابيين بمديرية القفلة التابعة لمحافظة عمران، بعد أن تم نهب سيارته وسلاحه الشخصي وجنبيته، في عملية تصفية غامضة في إطار الحركة الحوثية، ضمن مسلسل صراع المال والنفوذ بين قيادات الميليشيا، واتهم مقربون من "الوروري" جهاز ”الأمن الوقائي“ التابع للحوثيين بالضلوع في عملية تصفيته، مشيرين إلى أن خلافا نشب بين ”الوروري“ وبعض قيادات الجهاز قبل أيام من تصفيته.
 
ويُعد الوروري أحد أهم أذرع الحوثي في عمران، وممن ساعد المليشيا في إسقاط المحافظة، إضافة إلى أنه كان من أوائل من قاتل مع الحوثيين في محافظة صعدة، كما شارك في عدة جبهات في محافظات الجوف ومأرب والحديدة.
 
وبعد نحو أسبوع من تصفية "الوروري"، أقدم مسلحون حوثيون بقيادة علي حسين الحوثي، نجل شقيق زعيم المليشيا، على قتل الشيخ "علي حزام أبو نشطان" أحد مشايخ قبيلة أرحب وثلاثة من أولاده وشقيقته فيما أصيبت زوجته بجروح خطيرة، بعد اقتحام منزله في منطقة الروضة بصنعاء. 
 
ويعد "أبو نشطان" أحد القيادات المتحركة والنشطة داخل الجماعة، وقد توافدت حشود مسلحة من قبائل أرحب إلى شمال صنعاء، لكن المليشيا أطفأت تلك التحركات بالتحكيم القبلي، وتدخلت وساطات قبلية للتهدئة.
 
وبعد أيام قلائل من مقتل "أبو نشطان" اغتال مسلحون حوثيون الشيخ "مهلهل أحمد حسن ضبعان" أحد مشايخ مديرية سفيان بمحافظة عمران بالقرب من المنطقة التي قتل فيها الشيخ أبو نشطان.
 
 
وفي مطلع أبريل/ نيسان 2019، أقدمت مليشيا الحوثي على تصفية الشيخ "أحمد سالم السكني" عضو المجلس المحلي بمديرية ريدة التابعة لمحافظة عمران، بمنطقة صرف، شرق العاصمة صنعاء.
 
وصفّت المليشيا الحوثية عشرات المشايخ الآخرين في عدد من المحافظات، وتعددت أساليبها في تصفية خصومها ما بين القتل في المنزل أو الاغتيال خارجه، أو بالدفع بهم إلى خطوط التماس وتصفيتهم من الخلف، كما حدث مع الشيخ مجاهد عزيز الحيدري في البيضاء.
 
إذلال وإهانة
 
من ضمن الوسائل والأساليب الأخرى التي اتبعتها المليشيا الحوثية ضد المشايخ الذين انتهت مهاهم، أساليب الإذلال والإهانة والانتهاك وهتك الأعراض، حيث تتعمد المليشيا إهانة وإذلال المشايخ الموالين لها من المتحوثين الذين دعموها في حروبها لإسقاط الدولة، وهذا ما فعلته مع الشيخ "مجاهد القهالي" الذي تعرض للتهجم في منزله بالعاصمة صنعاء، وللإهانة والشتائم من قبل القيادي الحوثي أبو علي الحاكم الذي اقتحم منزل "القهالي" برفقة عشرات المسلحين، ووجه له إهانات شخصية، وهدده بتفجير منزله على رأسه إن كان ينوي مغادرة العاصمة صنعاء.
 
ويعد "القهالي" من الشخصيات التي تعاونت مع مليشيا الحوثي لإسقاط محافظة عمران، وكان له حضور بارز في كثير من الاحتفالات والأنشطة التي كانت تقيمها المليشيا.
 
...... يتبع
 

ذات صلة