بوح يمني على ضفاف النيل

11:18 2021/11/29

طبتَ يا نيلُ كيفَ حالكَ قل لي
كمْ بعينيكَ من مواجع أهلي؟
 
غرباءٌ وأنتَ تحنو عليهمْ
وتداوي جراحهمْ وتسلي
 
خالعاً فضةَ المجازِ تراني
وعقيق الرؤى وخنجر جهلي
 
وحدكَ المستريحُ من كلِّ همٍّ
وأنا الهمُّ بعضهُ صار كُلِّي
 
تحتَ جنحيكَ من تلهفِ قومي
غربةٌ تعتلي وأخرى تولي
 
صبحُ أحداقهمْ ملامحُ صنعا
وهي تهفو لضمهمْ وتصلي
 
غيرَ أن الطريقَ يا نيلُ ليلٌ
بالمآسي وبالمكائدِ يغلي
....
 
أيها النيل ما أتيتُ لأشكو
أنتَ من تبدأ الحديثَ وتُملي
 
قهرُ صنعاءَ لم يزلْ في ضلوعي
ساخناً والعنا خلاصةُ شكلي
 
وهروبي إليك ما كان إلا
أملاً في لقاء خلٍّ بخلِّ
 
غير أني أراك قد صرت تبدو
يمني الأسى وتحمل حملي
 
ملح خيباتهمْ أصابك حتى
صرت مما بهم تُعذب مثلي
 
إييه يا نيل والمنافي منايا
فاخراتٌ بألفِ لونٍ وشكلِ
 
ها أنا جئت والحديث سديمٌ
ضاع في جوفه الكثيرون قبلي
 
ومصيري بكف لصٍ رخيصٍ
كلُّ تاريخهِ بما تحت نعلي
 
من قناةٍ إلى قناةٍ تراهم
كجوارٍ يبعن بخساً لنذلِ
 
فرقتهم قروش كل مرابٍ
بحياتي فلونوا حبر قتلي
 
واشتهوا جثتي فكانت عشاءً
ليتهم أحسنوا شوائي وأكلي
 
أيها النيل هل تفحمتَ مثلي
بالمآسي.. أذُقتَ محصول حقلي؟
 
كان حقلي على الجميعِ كريماً
ها أنا مثله أوزع ظلي
 
مر من شرفتي الصباح كثيراً
وانقضى حاضري بإثبات أصلي
 
أيها النيل لم يعد في بلادي
غير ليل العنا العقيم المذلِّ
 
وزعتنا الرياح في كل منفى
وكسا البؤس كل شيخٍ وطفلِ
 
...
زين العابدين الضبيبي
القاهرة 21 أكتوبر 2021م