عزيز البلاد

04:47 2022/11/30

ضاق بالليل فاستراح نهارا
وإلى خلدهِ المهيبِ استدارا
 
كان أيلولَ موقفاً ويقيناً
وضميراً ومنهجاً ومسارا
 
وكتاباً به اهتدينا إلينا
ليرانا كما يحب كبارا
 
يا عزيز البلاد إن خطانا
لم يزدها الشتاتُ إلا اقتدارا
 
أنت أسقيتنا الضحى فشربنا
وسع أحلامنا وطبنا اخضرارا
 
شجر الضوء لا يموت ولكن
يتسامى لكي يُدلّي الثمارا
 
يا عزيز البلادِ أنت حياةٌ
علَّمتنا أن لا نعيش صغارا
 
قلتَ: إن الطغاةَ محضُ جدارٍ
فسعَيْنا لكي نهدَّ الجدارا
 
من يرى الخوف منزلاً لفظَتْهُ
عتباتُ الخلودِ ذُلاً وعارا
 
يا عزيز البلادِ إنّ يتيماً
غاب قسراً يكاد يذوي اعتذارا
 
كنتَ ظلاً له وكنتَ ربيعاً
وسماءً لحُلمهِ ومدارا
 
ليت أن الحياةَ وسع يديهِ
كان أعطاك عمره وتوارى
 
يا أبي إنني أخبئ حزني
وعيوني لا تحسن الادخارا
 
لا تلمني إذا انهمرت فإني
لا أجيدُ الوداع إلا انهمارا
 
يا عزيز البلادِ إن خيالي
أنت ألهمتَهُ الكلامَ، فطارا
 
كيف يرثيك وهو لازال طفلاً
ومعانيهِ تائهاتٌ حيارى؟
 
كنتُ عكازك القريب فمن لي
بعد كفّيك؟ والأسى لا يدارى  
 
نهشَتْ قلبيَ اليتيمَ المنافي
ولِغَيْم اللئام عفتُ انتظارا
 
يا كتابا تناقلته السواقي
فاستعادت سهولُها الأبصارا
 
هذه الأرض كنتَ طهرَ نداها
ورؤاها تطلعاً وازدهارا
 
وسماها التي يتوق إليها
كلُّ قلبٍ محبةً وافتخارا
 
وشذاها الذي طوى كلَّ أفقٍ
ثورةً توسعُ الجدار انهيارا
 
لا تلمني إن غبت عنك فإني
-مرغماً- قد هجرتُ أهلاً ودارا
 
بعد أن حاصر الدجى كلماتي 
فأبَيتُ الرضوخ والانكسارا
 
سيموت الطغاةُ لا شك يوماً
ولأيلولنا نعيد اعتبارا.
 
زين العابدين الضبيبي 
28 نوفمبر 2022م