حصري.. دماء ملوثة تصيب أطفال "اللوكيميا" في صنعاء بفيروسات قاتلة
- الساحل الغربي - خاص
- 12:00 2020/03/01
تضخُّم في الطحال وانتفاخ في البطن نقل على إثره الطفل سعدالله سعيد" 6 سنوات" إلى مستشفى الثورة بالحديدة وهناك قرروا له الاطباء حقنة خاصة بتضخم الطحال. عاد الطفل إلى قريته في مديرية برع بمحافظة الحديدة ليواضب على "نصف حقنه مرتين كل 24 يوم"، لكن الطفل لم يشف من الحمى والآلام ما اضطر عائلته للإنتقال به إلى مستشفيات العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من ايران , وأُجري له فحص النخاع لكن بعد عودتهم إلى القرية إتضح أن العينة لم تكن كافية للفحص ما اضطرهم للعودة به مجددًا إلى صنعاء لإجراء فحص آخر وظهرت نتيجته إصابة سعدالله بلوكيميا الدم, ومنذ ما يقارب العام وحفظ الله وعائلته يقيمون في صنعاء من أجل علاجه.
يزداد عدد الأطفال المصابين باللوكيميا بشكل شهري ليسجل يصل المتوسط الذي تسجله وحدة لوكيميا الأطفال بالمستشفى الجمهوري 15 حالة في الشهر، بمعدل حالة جديدة كل يومين قامة من جميع المحافظات باستثنى محافظتي عدن وابين.
تقول استشارية الأطفال الدكتورة نسيم لـ"منبر المقاومة" إن معظم الحالات تصل إلى وحدة لوكيميا الأكفال وقد أصبحت بحالة خطرة أكثر، موضحة بان خلايا الدم البيضاء WBC تكون مرتفعة جدًا تفوق الـ 200 ألف وهذا يعني أنها حالات صعبة والعلاج لا يفيدها كثيرًا، حد قولها.
تقوم الوحدة بمعالجة الحالات لفترة من سنة إلى سنتين لكن غالبا تحدث لهم انتكاسة وعندها يصعب اعطائهم علاج آخر.
حالة الطفل رمزي حمود ليست أفضل حالا من حالة سعدالله فبعد أن تعرض لحادث أصبحت الحمى رفيقته الدائمة لكن أحد بم يفطن لما يعانيه رمزي "13 عام" إلا بعد أن اجروا له فحص النخاع في المستشفى الجمهوري الذي أظهر التشخيص إصابته باللوكيميا، وبعد مرور شهر من العلاج تعرَّض لجلطة دماغية ولم يُعرف السبب, وما زال يأخذ جرعات كيماوية.
جهاز الإنقاذ
يمكن تلافي حالات الإنتكاسة التي يتعرض لها الأطفال المصابون بالوكيميا الدم، فقط لو أن الإمكانيات المطلوبة متوفرة.
يقول أخصائي طبَّ الأطفال الدكتور رأفت لـ"منبر المقاومة" "هناك جهاز فحص خاص يُبيِّن إذا هذا المريض ستحدث له انتكاسة أم لا لكنه غير متوفر في اليمن".
خلال شهر واحد حدثت ثلاث حالات انتكاسة بسبب غياب هذا الجهاز، وكلما تحدث إنتكاسة للطفل يصبح بحاجة زراعة نخاع وهذا غير متوفر في اليمن، ويستدعي السفر للخارج ، غير أن الأوضاع الإقتصادية لمعظم الأسر اليمنية لا يسمح لها بالسفر بالإضافة إلى الإجراءات المعقدة للسفر، إذا يحتاج المريض من أجل السفر ما يقارب من 20 إلى 40 مليون ما يعادل 50 ألف دولار، وبحسب الدكتورالقاضي "هناك حالات لا تتعالج إلا بزراعة النخاع وتسمَّى سرطان الدم النخاعي الحاد AML." ما يعني أن هؤلاء الأطفال يواجهون الموت دون نصير.
المرض عدوى
تدهور الوضع الصحي في المحافظات التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي منذ نفذت غنقلابها على الدولة في 2015 ساهم بشكل كبير في تفاقم معاناة المرضى.
مغادرة الكوادر الصحية المهنية نتيجة تعرضها لمضايقات المليشيا بالإضافة إلى إمتناع الجماعة الإنقلابية عن دفع مرتباتهم دفع بهم إلى مغادرة المستشفيات والمراكز الصحية لتتولي كوادر غير مؤهلة إدارة هذه المنشأت متسببه في كوارث صحية جديدة.
فمثلا تقول إحصائيات مركز الأورام في المستشفى الجمهوري أن ما يقارب 70 حالة من المرضى باللوكيميا مصابون بفيروسات اخرى منها فيروسيّ الكبد B & C نتيجة لنقل الدم ملوث.
تقول الدكتورة نسيم: "هناك 8 حالات مصابة باللوكيميا لكنها لم تمت بهذا المرض ، بل ماتت بفشل الكبد نتيجة إصابتهم بفيروسات الكبد التي تسبَّب بها نقل الدم ومشتقاته" وتضيف وهناك حالات اخرى، منها 5 حالات اصيبت بجدري الماء, ماتت منها 3 حالات، لم نجد لهم أماكن للعزل ".
يؤكد كلامها الدكتور القاضي "المرضى أطفال فمن أين سيأتيهم الفيروس سوى من نقل الدم بما أنّهم يقومون بنقله بشكل متكرر" و المصابون منهم بفيروسيّ الكبد B & C يحتاجون لفحوصات PCR وهي تكلف من 50 إلى 80 ألف ريال.
توجد رقابة على بنوك الدم الحكومية ولا على البنوك الخاصة بالمستشفيات بجميع أنواعها وهذا ما ضاعف من عدد الاطفال المصابين باللوكيميا.
وتشير سجلات مركز الاورام في المستشفى الجمهوري بصنعاء إلى أن قسم الرقود استقبل خلال العام الماضي في قسم الرقود بمركز اللوكيميا 3.240 مريض من جميع الأعمار.
أدوية رخيصة يقدم مركز الاورام أدوية كيماوية مدعومة من منظمة الصحة العالمية أو من المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، وهذه الادوية ليست ذات جودة عالية، فجميعها مصنّعة في الهند أو الصين. هذه هي الأدوية "شبه المتوفرة" وتاتي بعضها من صندوق مكافحة السرطان.
غياب الأدوية والمضادات الحيوية يمثل مشكلة كبيرة للمرضى رغم تقديم بعض الشركات الخاصة بعضها لكنها ليست جيدة بالشكل المطلوب، خاصة وأن مناعة مريض اللوكيميا ضعيفة وتكون عمَدِلات الدم Neutrophils منخفضة لذا يحتاج إلى مضادات حيوية قوية وهي مكلفة جدًا ما يعادل 30.000 يوميًا "مضادات حيوية, والأدوية الأخرى الداعمة" وهي ليست متوفرة.
يقول والد رمزي أنه باع كل ما يملك في قريته من أجل توفير العلاج لإبنه، وهو سعيد لأن الأطباء أخبروه بتحسن صحة أبن بشكل جيد لكنه يخشى الغنتكاسة التي يتحدث عنها الجميع.
ضعف الدعم
تفتقر الوحدة التي تم إنشاؤها عام 2014 لغرفة عناية مركزة نتيجة لعدم إمتلاكها المعدات اللازمة، حتى إنها عجزت عن توفير جهاز تنفس صناعي، لاإضافة إلى ضيق المكان.
لقد تكفَّلت فاعلة خير ببناء هنجر أمام مركزالأورام ، بينما عجزت سلطات المليشيا عن بناء دور ثاني, وسيكون الهنجر مخصصًا للإعطاء الخارجي والصيدلية وغرفة التدخلات الجراحية وغرفه التحضير الكيماوي.
إنهم يحصلون على وعود فقط سواء من سلطات المليشيا أو المنظمات التي سبق وأن زارتهم بعضها وحصلت على دراسة بالاحتياجات.
كما ان الكادر يعمل منذ سنوات دون أن يحصل على المرتبات المرصوده رغم ما تجنيه المليشيا من أموال من المواطنين والتجار والمنظمات.