اليمانيـــــون
09:12 2021/07/01
لماذا لم يعد من ارض أفريقية الرسل اليمانيون
لا أحد رأى مصباحهم متخافقاً في الليل
لا أحد رأى راياتهم تعلو
سألنا القافلين من الشمال فأطرقوا
وأشاح أهل الليل عنا
ما الذي سنقول للشعراء في أبواب نجد
ما الذي سنقول للغرباء
هل نمضي فننبئهم
وهل نفضي لهم بالسر
كلا سوف نهتف انهم عادوا
سنهتف أننا في الليل
أبصرنا الخيول تخوض ماء النهر
والرايات تعلو في رباط البحر
والرسل اليمانيين ينحدرون من أسوار وجدة
يحملون لأهلنا البشرى
بلى قلنا سنبلغ نحن تلك الأرض
نحن سلالة الفوضى
ونسل الفتنة الكبرى
وأمشاج الخوارج
من تقاذفت الدروب بهم
وانكرهم رجال الليل
قلنا نحن
لن نستوقد النيران في ظلماتها، لن نسأل القُصّاد
نحن سنهتدي بالشم كالذؤبان
نادينا
إذن فليهبط الشذاذ والأخلاط
والملأ العظيم
ليهبط الغرباء والفقراء والموتى
ليهبط كل من جاعوا على أسوار سنجار
وفي أبواب شاطبة
ليهبط كل أغراب الحواضر، كل رافضة الأعاجم،
كل مرجئة العراق
فلن تخيب فراسة التاريخ
والأرض التي رأينا سوف نبلغها
وكالعقبان تنشب في السماء عيونها سرنا
ولم نسأل رعاة الليل
لم نستفت أهل الرأي
قلنا نحن لم نترك سوى صمت عضوض خلفنا
وقبائل قد أثخنت فينا
وصحراء تهر بليلها الغربان
فلنأخذ عن الأنهار حكمتها القديمة
ولنسر حتى تلوح الأرض
لن نستوقد النيران في طرقاتها
لن نسأل القُصَّاد
نحن سنهتدي بالشم كالذؤبان
وهاانا وقد دارت بنا السنوات
مازلنا نطوف في دروب الليل
مازلنا نخوض في مياه النهر
مازلنا نقلّب في الظلام عيوننا
والأرض ما بانت لقاصدنا
ولا انعطفت إلى بيت الينابيع الخيول.
على أبواب أفريقية احتشد اليمانيون
كانت أرض فاس تختفي شفافة كالماء والأسواق تقفر
أين منزلنا الذي في العدوة الأخرى؟
وأين نساء قرطبة
سألنا القافلين من الشمال
فما الموا في الطريق بنا
وأعرض أهلنا الرعيان عن رد الجواب
أجل عينيك وأنظر
كيف يخذلنا خوارج هذه الأمصار
كيف يخذلنا أشاعرة الجبال
وعابرو الرؤيا
وأهل الحكمة الرعيان
نحن المسترابين في كل أرض
قد خسرنا كل شيء
هذه راياتنا مزق
وتلك رؤوسنا مرفوعة فوق الأسنة
والذي خلناه بيتاً
كان مختبأ إلى حين
أجل عينيك في هذا الظلام
وأصغ للذؤبان تعوي بين أنقاض المنازل
ولتقل ماذا جنينا بعد هذا
فيم خانتنا البصيرة
كيف لم ندرك ضلالة ما فعلنا
كيف صدقنا رعاة النبع
عادت من جبال المغرب الرسل اليمانيون
لم يجلوا لنا سراً
ولا حملوا إلى إحفادنا البشرى
هتفنا ربما ساخت مدائن قد أقمنا
ربما خابت فراستنا القديمة
ربما عدنا إلى الصحراء تسفع وجهنا شمس الجزيرة
غير إنا سوف نبقى
مثلما الطاعون نسكن أحلام السلالة
سوف نبقى مثلما الذؤبان
نعوي في الظلام
ولن نكف عن العواء.
*شاعر تونسي.