خرجت "شيماء" لجلب الماء ولم تعد أبداً.. طفلة حوض الأشراف قتلتها المليشيات وأعاقت والدها

  • تعز، الساحل الغربي، عبدالصمد القاضي وعبدالمالك محمد:
  • 09:35 2021/06/17

فارقت شيماء، في ربيعها العاشر، الحياة إثر قذيفة حوثية.
خلف رحيلها مع آخرين ذلك الصباح ندبة لدى سكان حي حوض الأشراف وسط مدينة تعز.
أمّا والدها عادل فغدا بعدها طريح جرحين؛
جرح غيابها الأبدي،
وجراح قدمه المصابة بشظايا قذيفة مماثلة، والذي اعتادت تضميده له قائلة: ”أني طبيبة يا بابا“.
 
مع اجتياح الحوثيين مدينة تعز أصبحت صهاريج السبيل مصدر ماء السكان الوحيد. بالعادة كانت النساء والأطفال هم من يقصدون ذلك النبع الشحيح ليجلبوا المياه لعائلاتهم، وفي عائلة عادل تكفلت شيماء، رغم سنها الصغير، بالقيام بذلك.
 
لا تكاد صورة شيماء تغيب عن خيال والدها وهي تغادر المنزل صباح ذلك اليوم تجر خلفها ”دبتي ماء“ فارغتين. ”قالت لي سأذهب إلى السبيل، ثم ودعتني ببسمتها المعتادة، لم أكن أعلم بأنه سيكون وداعها الأخير“.
 
 
رغم مضي ست سنوات لا يستطيع سكان حي حوض الأشراف نسيان تاريخ 10 أكتوبر 2015، الجميع هناك يصفونه بـ”اليوم الدموي“، إنهم يتذكرون جيدا صوت صفّارة المقذوف قبل لحظات من سقوطه على رؤوس الأطفال المصطفين لتعبئة الماء.
 
 
يسرد شاهد عيان لـ”الساحل الغربي“ ما حدث بقوله ”الكثير من الأطفال كانوا أمام صهريج الماء، كانوا متراصين في طابور طويل ينتظرون أدوارهم، وما هي إلا لحظات حتى سمعت صفيرا مفزعا تلاه انفجار فظيع، كانت الساعة العاشرة صباحًا، على ما أتذكر“.
 
والد شيماء سمع الانفجار أيضًا، انقبض صدره ولم يعد يتسع لأنفاسه المتسارعة، لكنه فقد الإحساس بما حوله عندما نادوه كي يأتي لإسعاف المصابين الأطفال بمن فيهم ابنته، ومع أنه يعاني من إصابة بليغة في قدمه، إلا أنه هرع إلى المكان وهو لا يعي كيف فعل ذلك.
 
أسفرت المجزرة الحوثية تلك عن مقتل شيماء وثلاثة أطفال ورجل خمسيني آخر كان يقف في المكان، فضلا عن تلقي عدة مواطنين آخرين لإصابات تسببت لبعضهم بإعاقة مستدامة.
 
 
يتابع عادل الذبحاني في حديثه لـ”الساحل الغربي“: ”طالت شظايا القذيفة مساحة كبيرة من ظهر ورأس وعنق شيماء، قال لي الأطباء إنه لم يكن بأيديهم فعل شي لإنقاذها“.
 
وصل جرم المليشيات إلى روح شيماء بعد أسبوعين من مروره على أبيها. قذيفة هاون مماثلة سقطت على الحي نفسه ومزقت شظاياها أوتار قدمه الأيمن حتى غدا عاجزا عن الوقف أو المشي بها، وكم حاولت الطفلة مساعدته ليستعيد عافيته. ”لم تكن مجرد طفلة، كيف أنساها وذكرياتها تملأ المنزل، كانت تقوم بمجارحة قدمي وتقول أني طبيبة يا بابا“. قال الذبحاني.
 
 
يضيف ”رغم عمرها الصغير إلا أنها تساعد الجميع وتخدمهم، كانت تحلم بالسلام بطريقتها وأن يعيش أطفال المدينة طفولتهم، ما يزال بعض تسجيلاتها الصوتية في هاتفي أستمع إليها كلما غلبني الحنين“.
 
يتمسك الحي جيداً بذكريات شيماء، في وقت أصبح منزل العائلة متحفا لمقتنياتها وألعابها وكراسات المدرسة خاصتها، وهي الأشياء التي تعتصر قلب والدتها دائما، بقدر ما تحز بسمة وداعها الأخير في نفس والدها عادل ”قطرة ماء كانت ثمنها روح شيماء“، يقول.

ذات صلة