في ذكرى إصابتها.. الطفلة شيماء لا تزال تبحث عن طرف صناعي
- تعز، الساحل الغربي، حسين الفضلي:
- 08:03 2021/04/12
يعود رمضان على شيماء علي (10 سنوات) وأسرتها بذكراها الأليمة والتي تسببت فيها القذيفة الحوثية وبترت قدمها اليمنى عندما كانت تلعب أمام منزلها في المدينة السكنية بمحافظة تعز منتصف عام 2017م، لتظل على قيد المعاناة والألم، والحرمان من شتى أنشطة الحياة اليومية.
في الذكرى الأليمة تنظر الطفلة شيماء إلى قدمها المبتورة تارة، وتتحسس أطرافها بشيء من الحسرة تارة أخرى. وهي تُدرك أكثر من أي وقت مضى، ما حل بها لحظة انفجار القذيفة الصاروخية.
يتذكر والدها يوم سقوط القذيفة ويروي أحداثها بملامح الخوف والهول المسيطرة عليه من ذلك اليوم فيقول للساحل الغربي: في الثالث من رمضان سقطت قذيفة أمام منزلنا، ولحظة وقوع القذيفة الحوثية سمعت صراخ النساء والأطفال يدوي من كل اتجاه، فخرجت مسرعاً لأجد شيماء ملقية على الأرض والدماء تملاء جسمها.
وجد علي أحمد طفلته ملقية على الأرض ملطخة بالدماء وإلى جانبها صديقاها الطفلان (سيف، وعبدالرحمن) اللذان سرقت منهما القذيفة حياتهما، وحرمتهما العيش للأبد.
شيماء علي واحدة من مئات الأطفال الذين اغتالت طفولتهم أدوات الموت وحولت جمال حياتهم الملائكية إلى معاناة حقيقية بعد أن بددت كل خيوط أحلامهم المستقبلية التي نسجوها على خارطة الزمن.
العودة بقدم واحدة
بقلب ممزق احتضن الأب طفلته الغائبة عن الوعي والمضرجة بالدماء مسرعاً تجاه المشفى لينقذ ما تبقى من أشلاء جسمها الذي مزقته قذيفة الموت الحوثية، ورفضت مستشفيا الصفوة والروضة استقبالهم كون الحالة حرجة بحسب وصفهم آنذاك.
وذهب بها إلى مستشفى الثورة بالمدينة نفسها ليقرر دكتور الطوارئ عملية بتر مستعجلة لقدم شيماء كون الشظية لم تدع لأنسجة قدمها إمكانية للعلاج، لتعود بعد شهر كامل بقدم واحدة.
في حديثها للساحل الغربي تقول شيماء وهي تختزل بملامحها البريئة فصولا من المعاناة "القذيفة سرقت طفولتي".
فالقذيفة حرمتها من طفولتها الحقيقية والتي بدورها حرمتها من قدمها وافقدتها المشي واللعب لوحدها كما حرمتها صديقيها حيث كانت تقضي أغلب أوقاتها باللعب معهما والتي ما زالت حالتها النفسية تعاني منها حتى الآن.
رحلتا البحث عن القدم
بدأ والد شيماء بالبحث عن قدم يساعدها على التخطي من حالة اليأس التي أصابتها عند فقدان قدمها والخروج من قسوة الحياة التي تعيشها جراء ذلك. يقول للساحل الغربي: ذهبت إلى مقر منظمة اليونسيف بعدن، حيث بدأوا بدورات نفسية لها ومن ثم تركيب قدم صناعي لكنه لم يدم سوى شهور.
رحلة البحث هذه منحت شيماء قدما وقليلا من الأمل تخطت به جدران الخوف الذي خيم عليها لشهور... لكن هذه الفرحة لم تدم طويلا، لأن شيماء بحاجة إلى قدم صناعي كل أربعة أشهر تزامناً مع نمو جسمها.
في رحلة البحث الثانية عن القدم، سنحت الفرصة لشيماء بالسفر إلى مصر لجلسات الدعم النفسي ومن ثم إلى السعودية لتركيب الطرف الصناعي الذي واءمها لمدة أربعة أشهر فقط، وصار كالسابق لا جدوى منه.
بارقة أمل
بالرغم من مظلوميتها التي تسببت القذيفة فيها وحرمتها من حقها كطفلة، ما زالت شيماء تحلم بأن تكون في المستقبل محامية تنتصر للمظلومين وترد إليهم حقوقهم، متمسكة بالأمل لتواصل الطريق إلى حلمها المنشود منذ الطفولة.
فتقول شيماء: "عدت للدراسة، وأدرس حاليا في الصف الرابع".
وككل صباح يستقظ أبو شيماء مع ابنته ليساعدها في الذهاب إلى المدرسة ومن ثم في العودة، حيث تكفلت مؤسسة تمكين المرأة بإكمال تعليمها.
حاجتها لقدم أخرى
انعكست إصابة شيماء على الأسرة سلباً، وازدادت معاناتها خصوصاً مع إصابة والد شيماء بانزلاق غضروفي في العمود الفقري والذي جعله يقف عاجزا أمام ظروف الحياة، وشظف العيش عن تركيب طرف صناعي لابنته التي لا تزال تقف على قدم واحدة.
لم تكن شيماء وحدها من ضرجت القذائف حياتها بالدم وهشمت ملامح طفولتهم البريئة، بل كانت واحدة من مئات الأطفال الذين طالتهم أدوات الموت منذ بداية الحرب في اليمن بحسب منظمة اليونسيف، فيما يرى مراقبون أن الرقم الحقيقي يفوق تلك الإحصائيات بكثير.