رندة.. مأساة أم نازحة أزهق حياتها لغم حوثي وترك طفليها لليتم والتشرد – (قصة إنسانية)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/04/28

خاص - منبر المقاومة - فيصل عبدالرحمن:حينما كان أهالي القوز وهي تلة جبلية جميلة تقع على أطراف محافظ تعز يتهيؤون لإستقبال يومهم الجديد، بفجر بدأت أشعة شمسه بالبزوغ، كانت مليشيات الحوثي قد سبقتهم بالتسلل إليها وزرعت فيها كل أنواع المتفجرات لإجبارهم قسرا على المغادرة.
 
كان رحيلا من نوع آخر حيث أنتزع السكان من منازلهم عنوة كما لو أنه إنتزاع للجذور التي غرست في تلك الرابية منذ مئات السنين، ليفارقوها تحت وقع التهديد بالقتل.مضت عدة أشهر ليتم تحرير تلك البلدة الريفية، وهو ما فتح للأهالي أملا بالعودة للديار التي أرغموا على مغادرتها، كان ذلك في العام 2017 حينما أختلطت مشاعر الفرح بذكريات العمر التي لا يمكن نسيانها ومشاعر الحنين بالعودة إلى الديار، والتي لا يشبهها سوى الحنين إلى حضن أم مفتقد.عادت عشرات الأسر إلى مساكنها ومن بينها أسرة رندة حسن وهي أم لطفلين قررت المجازفة بالعودة إلى منزلها الكائن في تلك الرابية الواقعة في أطراف الجهة الغربية لتعز.كان قرار العودة نابعاً من إيمانها العميق بأن المنزل يمثل أهم عوامل الإستقرار الأسري، لا سيما إن كان ذلك بعد رحلة نزوح شاقة أمتدت لأشهر عدة عن بلدتها الريفية.جميع تلك الأسر لم يكن لديها القدر الكافي من معرفة الخطورة التي تمثلها الألغام والتي من بينها الغام مموهة على شكل أحجار متطابقة لألوان الطبيعة، يصعب تمييزها.لكأن المليشيات التابعة لأيران أرادت من وضع الألغام في أفنية تلك المنازل تحقيق إصابات مؤكدة في صفوف الأبرياء.إنه المنهج الذي اعتادت عليه المليشيات منذ ظهورها، فقد استخدمت القتل كأداة قذرة لتحقيق نزواتها الشيطانية وان كان الضحايا من المدنيين.عند وصول تلك الأسرة إلى منزلها بدأت الأم بتتبع مسار الألغام إن كانت ظاهرة، كان ذلك بقصد تجنبها والإبلاغ عنها لاحقا، غير أن كل شيء كان يبدو طبيعيا، عدى صخرة صغيرة لم تأبه بها، وظلت شيئا عاديا إلى أن قررت بعد عدة أيام إبعادها.كان الوقت حينها يشير إلى الحادية عشر ظهرا، قرب موعد إعداد وجبة الغداء وقد رأت الأم من تلك الصخرة، وكأنها أصبحت معيقة لحركتها أو أنها قد تكون سببا لتعثر طفليها.كان قرار ازالتها، مميتا لكن ذلك كان يجرى دون علم الأم المغدورة بالخطر الذي كانت تشكله، وعندما بدأت في تحريك تلك الصخرة من مكانها علت في الهواء كتلة من اللهب وصوت إنفجار عم أرجاء البلدة الريفية.بترت رجلها فورا، فيما تعرضت القدم الأخرى لكسور وجروح بالغة، وغطى وجهها الدماء أثر الجروح العميقة التي أصيبت بها وأنغرست مئات الشضايا الصغيرة في أنحاء متفرقة من جسدها.جرى إسعافها إلى أحد مستشفيات المدينة، وهناك استقبلها فريق طبي وبدأ في إجراء عمليات جراحية عاجلة لأجل إيقاف النزيف وسد الجروح التي تتدفق منها الدماء بغزارة وتهدد بقائها على قيد الحياة.بذل الأطباء كل جهدهم في سبيل إبقائها على قيد الحياة، وخلال أسابيع من العلاج بالمستشفى بدأت حالتها تأخذ منحى عكسي، إذ تضاعفت حالاتها المرضية وأصيب جراحها بالتهابات غريبة وضاعف غياب التخصصات الطبية النادرة في زراعة الأنسجة من مأساتها، مما أدى إلى وفاتها.تركت تلك الشابة خلفها طفل وطفلة وهما رفيق في السادسة وسميرة في الرابعة من العمر وقد أصيبا أيضا بجروح متوسطة في ذلك الإنفجار، لكنهما نجيا من الموت.يدرك رفيق المصير الذي آلت إليه والدته ويتذكرها من قبيل الحب الذي لا يمكن له نسيانه، لكن سميرة لم تستوعب ما حدث وتتسائل عن موعد مجيئها.
 

ذات صلة