«اليمن.. الثَّمن» يبدأ بايدن من حيث انتهى أوباما!

  • المخا، الساحل الغربي، كتب/ أمين الوائلي:
  • 11:27 2021/02/14

توافق أمريكي إيراني حول تهدئة بؤر التوتر ومواقع الاشتباك الرئيسية بينهما، ولا سيما في العراق والذي يشهد تراجعاً ملحوظاً في التصعيد بين المليشيات الإيرانية والوجود الأمريكي على عكس ما وصلت إليه الأمور من توتر في أواخر أيام ولاية الرئيس السابق ترامب. 
 
لكن التوافق الضمني نقل محور الأحداث والمقايضات إلى اليمن، حيث سلط الجانبان جهودهما في شكل ضغوط قصوى، عسكرية من الجانب الإيراني وعبر المليشيات الحوثية، وسياسية من جانب إدارة بايدن والتي أعطت رسائل وإشارات مبالغة تجاه محورية حرب اليمن بالنسبة إلى الإدارة الجديدة، كمحطة وسيطة للوصول إلى إيران وملف الاتفاق النووي.
 
يستعيد بايدن مقاربة أوباما للمنطقة والاشتباك الإيراني العربي، مؤثرا إيران، كما لو أن بايدن يبدأ تماما من حيث انتهى أوباما الذي أنجز صفقة الاتفاق النووي بمعزل عن مشاركة واستشارة الدول العربية وجيران إيران العرب، ليستأنف بايدن من حيث توقفت الأمور ويصل ما قطعه ترامب، ويقدم اليمن على طبق من استرضاء مجاني للإيرانيين، ومن الواضح كثيرا أن الإدارة قررت في الأيام بل في الساعات الأولى أن المليشيات الإيرانية وخصوصا الحوثيين وسيلة مواتية لتسوية الأمور من جهتين، خصما من رصيد العرب... عرب الجزيرة والخليج، وترجيحا لمنطق الديموقراطيين "المتزمت" ولكفة إيران.
 
مقابل التكثيف الإيراني الحوثي للضغوط على شكل تصعيد صاخب وتفعيل نشط للعنف والابتزاز الممنهج والموجه، بدأت إدارة بايدن عهدها بتنازلات وتغييرات جوهرية في الاستراتيجية الأمريكية، وحوّلت الضغوط كلية جهة التحالف بقيادة السعودية، وراكمت الرسائل الإيجابية تجاه المتمردين الحوثيين وأدوات إيران، وهمّشت بصورة ملحوظة دور وذكر الشرعية اليمنية ممثلة بالرئاسة، واقتصر الأمر على تعاطٍ يتسم بالفتور مع الحكومة التنفيذية.
 
وفي المقابل مضت إدارة الرئيس الديموقراطي الجديد في قرارها الأول المتعلق بإزالة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، متذرعة بالعوامل والأسباب الإنسانية استجابة لتحذيرات ومقولات الأمم المتحدة ومبعوثها، وفتحت قنوات تواصل واتصالات مباشرة مع الحوثيين وعبر طرف ثالث، وعيّنت مبعوثاً خاصاً لليمن "لتفعيل مسار التسوية السياسية ووضع حد للحرب والصراع".
 
حتى عندما قابل وكلاء إيران هذه التنازلات والخطوات الأمريكية السخية بجهد مضاعف على الجبهة العسكرية وتصعيد القتال وشن عملية هجومية لغزو مأرب وتكثيف الهجمات الصاروخية والجوية على السعودية، اكتفت واشنطن بإدانة الهجمات وبتشديد عزمها الأكيد على إزالة تصنيف الحوثيين ومنحهم مقعداً كاملاً ومتقدماً.
 
تمضي السياسة العوراء والعرجاء معاً لإدارة بايدن فيما يقال عنه ببساطة إنه "استرضاء" مبتذل للإيرانيين على حساب القضية اليمنية، وتتجاهل الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى العوامل والأسباب الموضوعية والاستراتيجية والخلفيات التاريخية والاجتماعية التي تقف وراء الأزمة والحرب، فليست بتلك البساطة التي تعنيها جرة قلم وقرارات عن بُعد لا تقيم وزناً للواقع.
 
ليس من قبيل الصدفة أن تتزامن كل هذه التطورات والمسارات في وقت واحد وخلال فترة وجيزة جداً، فلم تمض على إدارة بايدن بضعة أسابيع، لكنها حملت معها كل هذه الغيوم، والمفارقة أن حديث السلام لديها اقترن بخطوات واسعة للتصعيد والعنف وشن الهجمات الأكثر خطورة من قبل المليشيات الإيرانية، ولا تبذل واشنطن جهوداً تُذكر لوقف التصعيد وكبح الشهية الإيرانية المفتوحة على مائدة تنازلات خليفة ترامب في البيت الأبيض.
 
وبينما تستمر المعارك على أشدها فإن المبعوث الأممي هو الآخر منخرط في الاستراتيجية الأمريكية التي حملته على جناح طائرة إلى طهران مبعوثاً أمريكياً برسائل مبكرة، ولا أحد يعرف ما هي نتائج زيارته تلك، لكنها تزامنت مع إشعال الحوثيين لجبهات مأرب والجوف وتزايد الهجمات تجاه السعودية، وهو لا يفعل شيئاً للسيطرة على النيران وتجميد الحروب المستجدة، ولكنه لا يكف عن التحذير من خطورة نقص الوقود والإمدادات على الحوثيين أو في مناطق سيطرتهم.

ذات صلة