"ستوكهولم".. الاتفاق الذي أذاق التهاميين صنوفا من العذاب – (حقائق وأرقام)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/04/05

الحديدة، "منبر المقاومة" – فيصل حسان: قبل أيام على توقيع إتفاق ستكهولم، كان سكان الحديدة يشعرون بقرب إنفراج محنتهم، إذ ينص على إنسحاب مليشيات الحوثي من المدينة الساحلية دون قتال، ما شكل أملا لتجنيب المدنيين ويلات الحرب.
 
لكن الآمال التي عقدت على الإتفاق الذي مضي على توقيعه، عام وثلاثة أشهر وكان المدنيين محور إهتمامه، تلاشت تماما، إذ أنه لم يجلب لسكان الحديدة سوى العذاب، بعد أن وفر للمليشيات التابعة لإيران غطاء لإرتكاب نحو 17 الف جريمة بحق المدنيين، بعضها ترتقي إلى جرائم حرب.وبحسب منظمات حقوقية، فإن القتل كان اكثر الأعمال وحشية، إذ سقط ما يربو عن 2400 قتيلا وتسببت عمليات إطلاق القذائف صوب الأحياء السكنية في إصابة نحو 11 الف مدني بجراح، هذا إلى جانب أن المليشيات دفعت السكان على مغادرة منازلهم بالقوة، وزرعت الألغام في طرق يسلكها المدنيين، وفي مزارعهم أيضا إلى جانب تدميرها 446 منزلا.كل تلك الجرائم كانت منطلقا، لجعل السكان يفقدون آمالهم بالإتفاق، إذ يرون أن الأمم المتحدة خدعت المدنيين، بعد أن جعلتهم عرضة لجرائم المليشيات المرتبطة بإيران ولم تعد تكترث اليوم لما يتعرضون له من أعمال وحشية.مبعث القلق هو إن تلك الجرائم، لا تتضمنها الإحاطات التي يقدمها رئيس البعثة الأممية في اليمن مارتن جريفيث إلى مجلس الأمن، وإن ذكر بعضا منها، فإنها تتم بطريقة ضبابية، إذ يتحاشا ذكر من قام بارتكابها ما يوحي لسكان الحديدة، أن المنظمة الدولية تخلت عنهم، إذ لا يدور أي حديث عن معاناتهم ولا الظروف بالغة السوء التي يعيشونها، لكأن الإتفاق الذي وقع نهاية 2018 لتجنيب المدنبين ويلات الحرب، لم يعد يكترث بهم اليوم، مثلما كان الإدعاء قبل توقيعه بأن المدنيين، محور إرتكازه.الإنحياز الأممي للمليشيات، دفع مكونا سياسيا أنشأ حديثا وهو مجلس تهامة الوطني كحامل لمظلومية التهاميين جراء توقيع الشرعية لإتفاق أستكهولم، تنظيم وقفات إحتجاجية في مدن عدة، لقد كانت بمثابة صيحة إعتراض متأخرة، عن إتفاق لم يجلب للمدنيين سوى الويلات والدمار، لقد جعلهم ببساطة عرضة لآلة القتل الحوثية بشكل يومي.مطالبات المجلس تخطت عتبة إلغاء إتفاقية السويد للدعوة إلى تحرير الحديدة وتخليص سكانها من بطش العصابة الإجرامية، ذلك كان قبل ثلاثة أشهر أي بعد إنقضاء عام على توقيع إتفاق الخدعة، كما يحلو للتهاميين تسميته.من بين المشاركين في الوقفة الإحتجاجية كان محمود حبيرة، نازح كان يطمح عند توقيع الإتفاق أن يعيده إلى منزله بالجراحي بدلا من حياة التشرد، وأن كان حسب قوله لا يثق بمليشيات الحوثي، لكنه أراد في تلك المرة، التعبير بشكل مختلف عما لحقه من أذى، بسبب توقيع الإتفاق، لعل أحدا يسمع شكواه.قال، لقد خدعنا، أعتقدنا أن الإتفاق سيجلب لنا السلام بإنسحاب المليشيات من الحديدة، وعوضا عن ذلك، جلب لنا القذائف.جرائم الذراع الإيرانية خلقت فصولا جديدة من الألم لسكان تلك المناطق و التي أصبح أهلها أهدافا لألة القتل الوحشية بشكل يومي، لقد تكرر ذلك على نحو مأساوي منذ الساعات الأولى لتوقيع الإتفاق وأستمر حتى اليوم، وكان المدنيين وحدهم من يذرفون الدماء والدموع.تستحضرنا كثيرا من تلك المأسي، وسنذكر هنا مأساتان على سبيل التوضيح ، سلامة قادري، وعبده خضيري، فسلامة إمراة فقيرة، كان مصدر رزقها، أغنامها القليلة التي ترعاها كل يوم وهي كل ثروتها، تبيع منها ماتستطيع به توفير مصاريف أسرتها بعدما اغلقت حرب المليشيات كل فرص العيش الكريم. وعندما شاهدها قناص حوثي وهي تتكيء تحت شجرة، تبعد عن جسدها المنهك، غبار الوهن وضنك الحياة المرة، بنفسية إجرامية، نزع روحها.بعد يوم واحد على مقتلها، كان جارها خضيري هدفا آخر لجور المليشيات، إذ احرقت قذيفة حوثيه منزله المبني من القش وسعف النخيل، ودفعته وعائلته للمبيت في العراء وسط هجيرة تهامة القائضة.كان مشهد المنزل المحترق مع محتوياته البسيطة مؤلما، إذ يعد بالنسبة لمواطن فقير، بمثابة إحتراق لكل ما تبقى له من أمل في الحياة.جريمة الحرق تكررت مع ذلك الرجل في السابق، إذ أجبرته العصابة الحوثية على النزوح من منطقة تسمى الحمينية في الساحل التهامي قبل عام، وعندما غادر منزله قامت بإحراقه.الجرائم المرتكبة بحق التهاميين غابت عن أروقة الأمم المتحدة، لا أحد يحب أن يعرف ما الذي يحدث من فضاعات يومية، وحدهم سكان الحديدة يغالبون أوجاعهم بصمت، بعدما تخلى عنهم المجتمع الدولي وتركهم فريسة للتوحش الحوثي.
 

ذات صلة