«هند» نزحت من «الشقب» إلى باب موسى: حينما عدت لجلب الذرة مزق لغم حوثي قدمي

  • تعز، الساحل الغربي، عبدالصمد القاضي:
  • 03:35 2020/12/07

عندما هاجمت مليشيا الحوثي قرية الشقب جنوب شرق مدينة تعز عام 2016 بالقذائف الثقيلة كان أمام السكان خيار وحيد هو المغادرة.
 
من بين الأسر المغادرة، كانت أسرة هند يوسف، إذ تركت خلفها كل ما تملك واتجهت ناحية المجهول باحثة عن أمان يقيها مخاطر قذائف الحوثي.
 
كانت الأسرة المكونة من الزوج والزوجة وأربعة أطفال تعرف أن حياتها قد انهارت لكنها تمسكت بخيط رفيع من الأمل، لعل ذلك يكون منجيا لها من مليشيا الموت الحوثية.
 
وصلت إلى باب موسى، أحد أقدم الأحياء الشعبية في تعز، واتخذت لها غرفة بسيطة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، كانت الأسرة لحظتها تعاني من إعياء شديد بعد المسافة الطويلة التي قطعتها والحالة النفسية السيئة جراء التهجير والنزوح.
 
وطيلة شهرين عاشت في فقر مدقع، بالكاد يحصلون على وجبتين غذائيتين في اليوم، إذ كانت المدينة تعيش لحظتها قتالا ضاريا مع مليشيا الحوثي ولا يسمع فيها سوى أصوات الانفجارات ودوي القذائف.
 
أما رب الأسرة فيعاني من شلل نصفي، بعد أن تعرض لرصاصة حوثية أثناء اجتياحها للمدينة، أفقدته القدرة على الحركة، وكل حياته أصبحت على كرسي متحرك، وخسرت الأسرة مصدر دخلها الوحيد.
 
تدهور وضعها بشكل أسوأ وذاقت طيلة الأعوام الأربعة مرارة القهر والحرمان، كما فقدت القدرة على توفير غذائها.
 
تذكرت هند أنها تركت كمية من حبوب الذرة في منزلها، وقررت أن تعود بهدف جلب بعض منها، في ظنها أن ذلك سيخفف من وطأة الظروف التي يعيشونها، وما كانت تجهله هو أن مليشيا الحوثي أحاطت قرية المشهوف الواقعة قرب تبة الصالحين بالألغام الفردية والعبوات الناسفة.
 
قبل وصولها إلى المنزل داست قدمها اليسرى على لغم فردي ليقذف بها في الهواء ويطرحها أرضاً، بعثر الانفجار بقدمها 
فيما توزعت شظاياه على أنحاء جسدها.
 
تقول هند لـ(الساحل الغربي)، شعرت أنني في عداد الموتى، لقد كان انفجاراً مروعاً مزق قدمي وأصم أذنيّ، فيما المكان خالٍ من السكان والألغام تحيط به من كل الاتجاهات.
 
تضيف، حينما جاء المسعفون، رموا بحبل لأربط يدي وخصري وكان ذلك أمراً صعباً، إذ كنت لحظتها شبه مشلولة، فيما الدماء المسكوبة على الأرض والآلام المبرحة تجعلني أفقد وعيي.
 
عندما تم إسعافها قرر الأطباء بتر قدمها اليمنى، لقد كانت مهشمة بشكل كلي يصعب معالجتها وكان البتر خياراً وحيداً للحفاظ على ما تبقى منها.
 
انضمت هند إلى نحو 29 مدنياً من أبناء قريتها ممن فقدوا أحد أطرافهم من بينهم 19 امرأة بسبب الألغام الحوثية، فيما الأعداد مرشحة للزيادة، إذ ما تزال كثير من القرى والمناطق في صبر مزروعة بعشرات الألغام ولم يتمكن السكان من العودة إلى منازلهم حتى اليوم، نظراً للمخاطر التي تشكلها على حياتهم.

ذات صلة