مشاورات مسقط تحت الاختبار: هل تنتصر للضحايا أم تمنح غطاءً للجلادين؟

  • مسقط، عدن:
  • قبل 6 ساعة و 2 دقيقة

مع توافد الوفود المشاركة إلى مسقط لانطلاق جولة جديدة من المشاورات الخاصة بملف المختطفين، تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت هذه الجولة ستُحدث اختراقاً حقيقياً في أحد أكثر الملفات تعقيداً وإيلاماً في الحرب اليمنية، أم أنها ستتحول –كما يخشى الضحايا– إلى منصة تمنح غطاءً تفاوضياً لمن تورطوا في الانتهاكات.
 
تأتي هذه الجولة وسط تصاعد الأصوات الحقوقية وعائلات الضحايا المطالِبة بوقف ما تصفه بـ"التواطؤ الدولي" الذي قد يُفضي إلى منح مرتكبي الانتهاكات مساحة للتحرك السياسي دون مساءلة، في وقت مضى عليه أكثر من عشر سنوات من المعاناة المستمرة خلف السجون.
 
ومع اكتمال وصول ممثلي الأطراف إلى العاصمة العُمانية، أطلقت رابطة أمهات المختطفين بياناً حاد اللهجة، دعت فيه المشاركين إلى تجاوز الحسابات السياسية التي عطلت هذا الملف لسنوات، والذهاب نحو حل شامل يضمن الإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً.
 
وقالت الرابطة إن أمهات المختطفين يعشن منذ أكثر من عقد "على بصيص من الأمل" في رؤية أبنائهن خارج القضبان، مطالبةً بأن تشكل هذه الجولة خطوة حقيقية لكسر الجمود، وتأكيداً على أن القضية "إنسانية خالصة لا يجب ربطها بأي تسويات سياسية".
 
وأكد البيان أن أي تقدم في هذا المسار يُعد انتصاراً للقيم الإنسانية وحق كل مختطف في الحرية والكرامة، داعيةً الأطراف إلى جعل هذه الجولة محطة لإنهاء معاناة مئات الأسر، وطي صفحة الألم الطويلة بإطلاق سراح الجميع دون قيد أو شرط.
 
من جانب آخر، فجر أربعة من الصحفيين المحررين من سجون الحوثيين وهم –عبدالخالق عمران، وتوفيق المنصوري، وحارث حميد، وأكرم الوليدي– نداءً موازياً قبل ساعات من انطلاق المشاورات، عبر رسالة رسمية وجهوها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
 
الرسالة حذرت من مشاركة المدعو "عبدالقادر المرتضى" رئيس وفد الحوثيين في ملف الأسرى، ونائبه "مراد قاسم" في مفاوضات مسقط، متهمين إياهما بممارسة التعذيب والإخفاء القسري بحقهم خلال سنوات احتجازهم، بينها واقعة اعتداء موثقة بهراوة حديدية على الصحفي توفيق المنصوري عام 2022.
 
وقال الصحفيون إن السماح لشخص "مُدرج رسمياً على قائمة العقوبات الأمريكية" ويُشار إليه صراحة في تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة كمشرف على سجون سرية، أن يتصدر مباحثات أممية متعلقة بملف إنساني، يشكل "مساساً بمصداقية الأمم المتحدة وسابقة خطيرة".
 
وطالب الصحفيون الأمين العام للأمم المتحدة باتخاذ خطوات عاجلة. أبرزها، منع مشاركة المرتضى ونائبه فورًا في أي مشاورات متعلقة بملف المختطفين؛ وإصدار إدانة رسمية وصريحة لانتهاكاتهما؛ وإحالة الانتهاكات الموثقة إلى الآليات الدولية المختصة بالتعذيب والإخفاء القسري؛ وتوجيه المبعوث الأممي إلى اليمن بعدم التعامل معهما كطرف تفاوضي؛ وإشراك الضحايا أو ممثليهم في أي نقاشات تتعلق بالملف.
 
وحمل الصحفيون الأمم المتحدة مسؤولية منع تحويل منصات التفاوض إلى مساحة "إفلات من العقاب"، مؤكدين أن استمرار إشراك المتورطين في التعذيب يمنحهم شرعية غير مستحقة ويقوض ثقة الضحايا في العدالة الدولية.
 
تأتي هذه المواقف في وقت أصبح فيه ملف المختطفين إحدى أعقد أدوات الضغط السياسي بين أطراف الصراع، فيما يخشى حقوقيون من أن تؤدي التنازلات المتكررة إلى تكريس انتهاكات جديدة بدلاً من إغلاق جراح الماضي.
 
وبينما تتمسك رابطة أمهات المختطفين بأن النجاح في هذه الجولة سيكون "بارقة أمل" لعشرات العائلات التي تنتظر أبناءها، يحذر الصحفيون من أن إشراك متهمين بانتهاكات جسيمة قد يحول المشاورات من خطوة نحو العدالة إلى غطاء تفاوضي للجلادين.
 
تقف مشاورات مسقط اليوم أمام اختبار مصداقية حقيقي:
هل ستتمكن الأطراف –ومعها الأمم المتحدة– من تحويل هذا اللقاء إلى محطة تُنصف الضحايا وتعيد إليهم ما سُلب من حياة وكرامة؟ أم أن الحسابات السياسية ستُلهب مخاوفهم مرة أخرى، وتترك الباب مفتوحاً أمام مسلسل المعاناة الذي تجاوز عقداً من الزمن؟
 
الضحايا وأمهاتهم والصحفيون الناجون يقولون بصوت واحد:
"الملف إنساني.. ولا مكان فيه لمنتهكي الإنسانية."

ذات صلة