البركاني يدعو من المخا إلى توحيد الصف الوطني لإسقاط الانقلاب الحوثي
المخا، الساحل الغربي:
08:19 2025/12/02
قال رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني؛ إن ثورة الثاني من ديسمبر مثلت لحظة وطنية فارقة أعادت التأكيد على جوهر الجمهورية ورفض مشروع الكهنوت، مجددًا العهد للشهداء وفي مقدمتهم الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، الذي قال إنه اختار الدفاع عن الثورة والجمهورية حتى اللحظة الأخيرة وقدم روحه فداءً للدولة والوطن.
وفي كلمة ألقاها خلال فعالية إحياء الذكرى الثامنة لثورة الثاني من ديسمبر في مدينة المخا، أشاد البركاني بدور رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضائه، وبالجهود التي يقودها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي- قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي الفريق أول ركن طارق صالح، معتبرًا ما تشهده المخا والساحل الغربي من مشاريع تنموية نموذجًا للجمع بين معركة استعادة الدولة والبناء في آن واحد، بدعم من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ودعا البركاني جميع القوى الوطنية إلى نبذ الخلافات وتوحيد الصف تحت راية الجمهورية من أجل إسقاط الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة صنعاء، مؤكدًا أن مليشيا الحوثي لا تؤمن بالسلام ولا بالشراكة، وأن الرهان الحقيقي على إرادة الدولة وقرارها الحاسم. وثمّن- في السياق ذاته- المواقف الداعمة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في مساندة اليمن سياسيًا وتنمويًا وإنسانيًا.
ولَكِنَّنا- رغمَ كُلِّ ذلك- لَن نحيدَ عن غاياتِنا الكُبرى، وَلَن نَتَخَلّى عن أَهدافِنا العَظيمةِ في بَقاءِ اليَمَنِ جمهوريا ً مُوحَّدًا عَزيزًا حُرًّا أَبِيًّا.
الإخوة والأخوات:
ها هي المُخا تَشهَدُ حلَّةً من الفَرَحِ التَّنمويِّ ؛ وتُشرِقُ اليومَ كأنَّها صفحةٌ جديدةٌ من كتابِ الوطن، تَمتَدُّ عليها مُفرَداتُ النُّهوضِ بخُطى واثقة، فتَغدو ملامِحُها كورشةٍ مُتَجَدِّدةٍ في ميادينِ التنميةِ والإعمار؛ وفي كلِّ رُكنٍ منها حديثٌ عن أحلامٍ تَحَقَّقَت، يَتَقَدَّمُها مشروعُ تأهيلِ الميناءِ وانطِلاقُ حُلمِ مَطارِ المُخا الدوليّ، وشبكاتُ الطُّرُقِ التي تَربِطُ حاضرَها بمُستَقبلِها، ومجالاتُ الخدماتِ والتعليمِ والصحةِ والكهرباءِ والمياه، وصولًا إلى هذا الصَّرحِ العِملاقِ الذي يَحتضِنُ اليومَ احتفالَنا، بمرحلةٍ أكثرَ رُسوخًا في سِفْرِ التاريخ؛ كلُّ ذلك ممهورٌ بإرادةٍ وعَزمِ أبناءِ المُخا، والفريقِ الركن طارق صالح، رجلِ التنميةِ والحرب.
فقد تتلمذَ في مدرسةِ الشهيدِ صالح في القيادةِ والتشييدِ والبناء، لذا كان هو رجلَ هذه المشاريعِ العِملاقة، بِدَعمٍ من إخوةٍ أشقّاء كِرام في دولةِ الإمارات العربية المتحدة.
أتوجه بها إلى كلّ القياداتِ: آنَ الأوانُ لنبذِ الخِلافات، وإيقافِ التَّبايُنات، والعملِ معًا لإسقاطِ العِصابةِ الحوثيةِ الإرهابية، والمواجهةِ الحتميةِ التي لا تَقبلُ المُراوحة، وأن يَصطفّوا تحتَ رايةِ الجمهوريةِ بروحٍ تَصونُ الديمقراطيةَ من التحوُّلِ إلى ضجيج؛ فشعبُنا عانى كثيرًا وصقلَتْه التجارب، وهو يُدرِكُ اليومَ جيّدًا مَن يَحمِلُ هَمَّه ومَن يَجرُّ وراءَه إرثَ الأزمات.
فلا خَلاصَ لِليَمَنِ إلّا بوَحدةِ القوى الوَطنِيّةِ.. وَلَا مُستَقبَلَ لِلجُمهورِيّةِ إلّا بتَماسُكِ قَواعِدِها، وَلَا انتِصارَ لِلفِكرَةِ إلّا إذا وَقَفَ الجَميعُ كُتْلَةً واحِدَةً، تُرَمِّم ما تَصَدَّع، وتُعيدُ بِنَاءَ ما تَهَدَّمَ، وتَحمِلُ رايَةَ الوَطَنِ فَوقَ كُلِّ خِلاف.
دعوتي الصادقةُ للإخوةِ في مجلسِ القيادةِ الرئاسيّ، وفي مُقَدِّمتِهم فخامةُ رئيسِ المجلسِ الدكتور رشاد العليمي.. أن يمضوا بعزيمتِهم وقراراتِهم الحكيمة نحو الهدفِ الذي لا بديلَ عنه: إسقاطِ الانقلاب؛ فطريقُ صنعاء لا يُفتَحُ إلّا بهزيمةِ الحوثي ومَشاريعِه؛ خاصةً أنَّ هذه المليشيا لم تُظهِرْ يومًا قابليةً لشراكةٍ تُبنى على السلام، وما يُطرَحُ من محاولاتٍ للاتفاقِ لا يتجاوزُ دائرةَ العبثِ في واقعٍ يُثبِتُ أنَّ مليشيا الحوثي لا ترى في الحوارِ إلّا فُرصةً للابتزاز، والمتاجرةِ بآلامِ الشعوب ؛ والرِّهانُ الحقيقيّ يكمنُ في إرادةِ الدولةِ وقرارِها الحاسم.
ولأنَّ مجلسَ القيادةِ الرئاسيَّ لم يُشكَّل عبثًا، بل جاء عُنوةً واستجابةً لنداءِ المرحلة، لما يَمتلكه أعضاؤه من قواتٍ قادرةٍ على بلوغِ صنعاء، وكَسرِ شوكةِ الحوثي كسرًا يطوي صفحةَ الظلمِ ويعيدُ للوطنِ توازنَه؛ (فلا تتفرَّقْ أيدي سبأ).
فاليمنُ اليومَ أحوجُ ما يكونُ إلى وحدةِ العَزمِ وتماسُكِ الصَّف، وإحكامِ القبضةِ على هدفِ استعادةِ العاصمةِ والدولةِ ومؤسَّساتِها الشرعية؛ كما أنَّ القسمَ الذي أديتُموه جميعًا أمام البرلمان، واجبُ الالتزام؛ وإنه لقَسَمٌ لو تَعلمون عظيم، فلا تنكِثوا بالعهد ولا تَضرِبوا بالوعودِ عرضَ الحائط.
تَحيَّةً لكلِّ القوى المُقاتِلةِ في كل مكان، وفي هذا اليومِ العظيم، تحيَّةً تملؤها العِزَّةُ لكلِّ جنديٍّ مُرابِطٍ في مواقعِ الشرفِ على امتدادِ الجبهات؛ لأولئك الذين يحرسون الجمهورية بعزيمة لا تلين، وبعيونٍ لا تعرف الغفلة، ويُقيمون على حدود النار أسوار الكرامة والحرية.
كلُّ الشكرِ لقائدِ المقاومةِ الوطنيةِ الفريق أول ركن طارق صالح رجلِ اللحظةِ التاريخية.. باسمي وباسمِ الحاضرين جميعًا، وكلِّ التَّواقينَ للنصر، أرفعُ تحيّةً تليقُ بمقامِ قائدٍ حَمَل أمانةَ وطنٍ مَجروح، وحَمَل إرثَ عمِّه الزعيم؛ فحوّل الجروحَ قوة، واليأسَ أملًا، والشتاتَ جيشًا ينهضُ من تحتِ الركام؛ نرفعُ لك القبعاتِ إجلالًا لمقاتلٍ لم تَغْوِهِ السُّلطة، ورجلِ دولةٍ لم يُساوِم على الثَّوابت، وقائدٍ جمع بين دَهاءِ الحربِ وبصيرةِ البناء؛ فصاغ من المخا والساحل نموذجًا يُدَرَّسُ في كيفيةِ صناعةِ القوة من قلبِ التحديات؛ فقد اختار القرارَ الصائبَ والرؤيةَ الثاقبة، وحَمَل إرثَ الزعيمِ المُناضِل: يدٌ تَبني ويَدٌ تُقاتِل.
الإخوةُ والأخوات:
لقد خطَّ الأشقاءُ في المملكةُ العربيةُ السعودية، بقيادةِ خادمِ الحرمينِ الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ووليِّ عهدِه الأمين رئيسِ مجلسِ الوزراء الأمير محمد بن سلمان آل سعود، مواقفَ خالدةً تُحفَظُ في ذاكرةِ التاريخِ بماءِ الذهب؛ وكانت- ولا تزالُ- السَّندَ الثابتَ والدرعَ الصامد؛ فقد احتضنت اليمنَ ورعت اليمنيين في أحلَكِ الظروفِ قَتامة.
وأمدَّت صمودَ شعبِه بدعمٍ اقتصاديٍّ وإنسانيٍّ وتنمويٍّ أعاد للحياةِ نبضَها، وللوطنِ قدرتَه على الثباتِ والصمود؛ مُجَسِّدَةً بذلك أنَّ الأخوَّةَ مسؤوليةٌ لا يَتَقَدَّمُ إليها إلّا الكرام حين تتزاحمُ الأثقالُ وتشتدُّ المِحَن.
وها هي دولةُ الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، حاضرةٌ تتجلّى في كلِّ زاويةٍ من مشاريعِ هذه المنطقة وغيرها؛ تنطِقُ بالشجاعةِ والإبداع؛ مشاريعُ تُحوِّلُ التحدياتِ والمعاناةِ إلى فُرَصٍ للنهوضِ والبناء؛ لقد جَسَّدَ رَئيسُ دَوْلَةِ الإماراتِ العَرَبِيَّةِ المُتَّحِدَةِ، صاحِبُ السُّمُوِّ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ زَايِد، مَعْنَى الأُخُوَّةِ الصَّادِقَةِ، وَصِدْقَ المَوْقِفِ العَرَبِيِّ الأَصِيل؛ فَكانَ رَمْزًا لِلإِنْجَازِ، وَصاحِبَ رُؤْيَةٍ تُحْسِنُ قِراءَةَ حَاجاتِ الأَشِقَّاءِ فِي اللَّحَظاتِ الحَرِجَةِ، وَعَزِيمَةٍ تُبقي العطاء حاضِرًا كُلَّمَا دعت الضرورة مَوْقِفًا يُلِيقُ بِعُمْقِ الرَّوابِطِ العَرَبِيَّةِ وَوَشائِجِها المُمتَدَّةِ.
ولم تكن مواقف الأشقاء تجاه اليمن إلّا امتدادًا لإرثٍ عربيٍّ أصيل؛ إذ التقت عزائمُ الرياضِ وأبوظبي على نُصرةِ الشعبِ اليمني وإسقاط الانقلابِ واستعادةِ الدولةِ ومؤسساتِها، فكانت أياديهما البيضاءُ ولا زالت تمتدُّ كلما دعاهم الواجب الأخوي، لتلتئمُ بهما الجروحُ التي خلَّفتها الحروب.