هدنة السويداء: تحركات دولية وانتشار أمني في ظل مخاوف من انهيار الاتفاق

  • سوريا، الساحل الغربي:
  • 09:38 2025/07/19

في محاولة لإنهاء أسبوع دموي من العنف، عقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ونظيره السوري أسعد الشيباني، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، مباحثات ثلاثية السبت، تناولت تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء، وجهود إعادة بسط سيادة الدولة السورية.
 
وأكد الصفدي وباراك دعمهما لاتفاق الهدنة، مشددين على وحدة الأراضي السورية وسلامة مواطنيها، فيما جرى التوافق على خطوات ميدانية عاجلة، شملت انتشار قوات الأمن الداخلي وتشكيل لجان طوارئ لإدخال المساعدات، والإفراج عن المحتجزين من جميع الأطراف، إضافة إلى مبادرات للمصالحة المجتمعية وتعزيز السلم الأهلي.
 
وفي حين أعلنت الرئاسة السورية وقفاً شاملاً لإطلاق النار، فإن الاشتباكات استمرت في أحياء متفرقة من السويداء، خاصة بين عشائر البدو وفصائل محلية رغم الانتشار الأمني، وبلغ عدد القتلى بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان نحو 940 قتيلاً - معظمهم من المدنيين، ما يطرح تساؤلات حول قدرة الدولة على فرض الاتفاق على الأرض.
 
وبدأت المرحلة الأولى من تفاهمات وقف النار بإشراف وزارة الداخلية، وتشمل فض الاشتباكات داخل المدينة، بينما تنص المرحلة الثانية على تأهيل البنية التحتية وإدخال مساعدات إنسانية وطبية عاجلة، يليها في المرحلة الثالثة انتشار كامل لمؤسسات الدولة الأمنية والخدمية.
 
المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا، أكد أن قوات الأمن الداخلي بدأت فعلاً بالانتشار بهدف إعادة الأمن والاستقرار، وتأمين خروج المدنيين والمختطفين، مشدداً على أن الاتفاق يشمل انسحاب المجموعات المسلحة وعودة مؤسسات الدولة الرسمية.
 
من جهتها أعلنت الرئاسة الروحية للدروز التزامها الكامل بالاتفاق، وأكدت نشر حواجز أمنية خارج حدود المحافظة لمنع التسلل، كما شددت على خروج آمن لبقايا المقاتلين العشائريين داخل السويداء، مع منح قوى الأمن 48 ساعة لبسط نفوذها دون تدخل خارجي.
 
في السياق أكدت عشائر الجنوب التزامها بالهدنة، مطالبة بإطلاق سراح جميع المحتجزين وتأمين عودة النازحين، وفتح قنوات حوار مباشرة مع الدولة لمنع تكرار ما حدث.. بدوره حذّر قائد "قوات شيخ الكرامة" ليث البلعوس، من فتنة داخلية تهدد البلاد، داعياً إلى وحدة وطنية وضمان أمن المدنيين.
 
أما الرئيس السوري أحمد الشرع فقد وصف الاشتباكات في كلمته بأنها "انعطافة خطيرة كادت أن تخرج عن السيطرة"، متهماً "جهات انفصالية مدعومة من الخارج" بإشعال الفتنة؛ وأشاد بتدخل الدولة لحماية السيادة، مثمناً الدور الأميركي والعربي في الوصول إلى التهدئة، ومشدداً على ضرورة حماية جميع المكونات السورية ورفض أي دعوات للتقسيم.
 
ورغم إعلان وقف إطلاق النار وانتشار القوات، تشير التقارير الميدانية إلى هشاشة الاتفاق، في ظل استمرار الاشتباكات وتضارب في الالتزامات بين القوى الفاعلة داخل السويداء؛ المفاوضات الدولية –وتحديداً الدور الأميركي– لعبت دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر، إلا أن النجاح الفعلي يبقى مرهوناً بقدرة الدولة السورية على فرض هيبتها وبسط سيادتها عملياً.
 
الهدنة الحالية وإن جاءت بعد تدخلات إقليمية ودولية واسعة، إلا أنها لا تمثل حلاً مستداماً إن لم تتبعها تسوية سياسية شاملة، تُشرك جميع القوى في مستقبل البلاد، وتُعيد دمج الفصائل ضمن المؤسسات الرسمية، مع فتح ملفات المساءلة والانتهاكات.
 
الخطر الأكبر يتمثل في الانزلاق مجدداً إلى العنف، خاصة في ظل الانقسامات المجتمعية الحادة، ووجود أطراف خارجية تراهن على تفكيك النسيج السوري الداخلي لصالح أجندات لا تصب في مصلحة الشعب السوري.. فأي خرق جديد للاتفاق –خاصة من داخل السويداء– قد يشكل شرارة لانفجار جديد يهدد الجنوب السوري برمّته.

ذات صلة