من القبيلة إلى المنابر والإعلام والتعليم.. «الحوثية» كنقيض لـ «اليمنية»

  • بن حمير الوصابي:
  • 12:03 2020/11/14

يسعى الحوثيون جاهدين بكل ما أوتوا من إمكانيات إلى طمس الهُوية اليمنية الأصيلة واستبدالها بهُوية طائفية تدين بالولاء للفكر الفارسي الذي لا يمتُّ بصِلة لليمن ولا علاقة له بالموروث اليمني العريق، ويأتي فعلهم الممنهج هذا كخطوة سبّاقة لمحو كل ما هو يمني، وسلخ اليمني عن رمزية انتمائه التاريخي والحضاري. 
 
ولعل إدراك الحوثيين المسبق بخطورة هذا الهدم والتدمير في بنية الهوية اليمنية والتوقعات المحتملة بردود الأفعال المضادة والرافضة محاولاتهم العبثية تلك وما يترتب على ذلك من تفويت فرصتهم في طمس الهوية اليمنية.. جعلهم يعمدون إلى وضع خطة مزمنة والعمل وفق أولويات على تنفيذها تفادياً لحصول أي بلبلة أو يقظة مجتمعية تعيد اليمنيين للتمسُك والالتحام بالهوية اليمنية.
 
القبيلة
 
تبدأ تلك المحاولات بالاستخفاف بالقيم والأعراف القبلية، والتعالي على مكانة القبيلة الرمزية في التاريخ اليمني، وبذل الجهود في تطويع قرارها لخدمة المليشيات ذلك الاستخفاف الذي نجم عنه الكثير من الجرائم التي تمس القبيلة كهتك الأعراض وانتهاك حرمات المساكن وتفجيرها ونهب ممتلكات المناوئين لهم بدون وجه حق وتفجير دور العبادة وقتل النساء..
 
 
ناهيك عن نقض العهود والمواثيق، وتسخير مقدرات القبيلة اليمنية وتقويض هويتها عبر منهجيتين، تقوم الأولى على إذلال القبيلة باسم الله بشكل طوعي، وتقوم الأخيرة على استغلال الأعراف والقيم القبلية في خدمة مشروع الميليشيات وبما يخدم مصالحهم، ومن ثم تطويع الأعراف في سبيل تأجيج الصراع السياسي.
 
الإعلام
 
ومن زاوية أخرى، فهناك شواهد كثيرة وواضحة على هذا التربص لمحو هُويتنا وحوثنة كل شيء من حولنا..
 
 
وهذا ما يؤكده البرنامج اليومي للحوثيين، سواءً المعَد للجمهور من خلال قنواتهم الفضائية وبرامجهم الإذاعية الحريصة على دس السُّم القاتل في العسل عبر بث الشبهات والتشكيك في المُسَلمات ونشر روائح الحقد وتكريس مبدأ الكراهية للأمة ورموزها وإحلال ثقافة الزامل وقصائد الحماسة بدلا عما ينفع الناس من البرامج العلمية والأفلام الوثائقية وقل كذلك عبر نشاطهم المكثف في المساجد والزيارات الميدانية والاجتماعات المتكررة للشباب، واستغلال عواطف الناشئة في الاتجاه الخطأ الذي يعزز مبدأ الفرقة والتمايز بين أفراد المجتمع أو غير ذلك من تفعيل الحلقات والدروس وتوزيع الملازم وتعميم الفكر الخرافي الذي يسلخ الأمة عن هويتها الدينية والوطنية في الآن ذاته.
 
المساجد
 
والأدهى من ذلك والأكثر مرارة ما لجأ إليه الحوثيون مؤخراً في اعتمادهم صياغة الخطبة الواحدة ذات الخطاب الواحد وتعميمها على جميع الخطباء والمرشدين في كافة مساجد المناطق الواقعة تحت سيطرتهم وإلزامهم بذلك، واستبدال من يأبى ذلك أو يمانع، في تحدٍ صارخ وابتذال مفضوح يتعمد تشكيل وعي الناس عنوة وتحييد آخر المنابر عن مقاربة الحقائق والابتعاد بالمصلين عن الخطاب الديني المتزن والدفع بهم صوب دهاليز الخطاب الطائفي الذي يجير النصوص المقدسة في اتجاه تبرير أخطاء اللحظة الراهنة وتخدير الوعي المناهض أو التخلص منه إلى غير رجعة، وهو ما يؤكد بشاعة هذا الفكر البدائي المرتكز على الخرافة والتقديس الذي لا يؤمن بالآخر ولا يحترم وجهات النظر
المغايرة.
 
 
 
التعليم
 
وتأكيداً لما تم طرحه آنفاً وتعزيزاً للقول بما يكشف نيل الحوثيين ومحاولاتهم الممنهجة للإطاحة بالهوية اليمنية ما تُقدِم عليه مليشيا الحوثي منذ قرابة ست سنوات في المدارس والجامعات الحكومية والخاصة من حوثنة للمناهج الدراسية وتوطين الهويات القاتلة وإضافة مقررات إجبارية تخدم توجهاتهم في النيل من الثوابت الوطنية والإساءة للثورة اليمنية 26 سبتمبر المجيدة والإهانات المتعمدة لأبرز أبطالها وصولاً إلى تغيير المسميات وتعيين الكوادر السلالية غير المؤهلة.
 
 
 
ولا آخر للانتهاكات التي يمكن سردها والاستشهاد بها في السياق، ليست إلا واحدة منها ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي في انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية والدينية ودهس لكل الأعراف والقيم والحرمات من الاعتداء على طالبات جامعة صنعاء بعد اقتحامهم الحرم الجامعي بمئات المسلحين والمجندات "الزينبيات" والاعتداء عليهن ضرباً بالهراوات والصواعق الكهربائية، ومن ثم اعتقالهن وسجنهن مدة من الزمن في أماكن مجهولة.

ذات صلة